وقال الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان: «أبوظبي إحدى المدن الرائدة في مجال الاستدامة، انسجاماً مع رؤية دولة الإمارات العربية المتحدة، والتزامها بتحقيق مستقبل مستدام ومزدهر، ويؤكِّد ذلك إعلان الشيخ محمد بن زايد آل نهيان تمديد (عام الاستدامة) ليشمل عام 2024».
وأضاف : «إنَّ هذا الاختيار يأتي ترجمة للجهود المشتركة التي تبذلها هيئات وقطاعات ومؤسَّسات حكومية وخاصة في إمارة أبوظبي، والتي تولي اهتماماً كبيراً بموضوع البيئة، وقد نجحت في تحقيق إنجازات متميّزة في مجال حماية البيئة والحفاظ على مواردها الطبيعية مستَلهِمة من النهج الذي رسمه الوالد المؤسِّس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيَّب الله ثراه، وفطرته التي ارتبطت بالبيئة، وانطلقت إلى آفاق أبعد من المفاهيم والاهتمامات المحدودة لحماية البيئة».
وأكَّد أنَّ أبوظبي تستلهم خططها وبرامجها من الرؤية الشاملة لقيادة دولة الإمارات العربية المتحدة، التي عزَّزت مكانتها وريادتها عالمياً في مجال الاستثمار من خلال المبادرات القائمة على المعرفة، التي تحافظ على البيئة وتضمن مستقبلاً مستداماً للأجيال المقبلة.
وكانت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية قد توَّجت «أبوظبي عاصمة للبيئة العربية لعام 2023» تقديراً لجهودها المتميِّزة في مجال حماية البيئة، التي أسهمت في جعل إمارة أبوظبي من المدن الرائدة في مجال البيئة، لتنفيذها العديد من المبادرات والمشاريع المتعلقة بحماية البيئة وتحسين جودة الحياة، التي تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة وحماية الموارد الطبيعية في المنطقة، ما يؤكِّد التزام الإمارة بتنفيذ خطط فاعلة في مجال الاستدامة يمتد تأثيرها للأجيال المقبلة.
وفازت مدينة أبوظبي بهذا اللقب بعد مشاركتها في المسابقة التي نظّمها مجلس وزراء البيئة العرب المسؤولين عن شؤون البيئة، في الدورة الـ34 على مستوى الوطن العربي، التي عُقِدَت في مسقط في سلطنة عُمان، وتزامنت مع حدثين مهمّين على الصعيدين المحلي والعالمي، حيث أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة عام 2023 عاماً للاستدامة تحت شعار «اليوم للغد»، واستضافت مؤتمر الأطراف (كوب 28)، الذي حقَّقت من خلاله نجاحاً استثنائياً.
وعملت هيئة البيئة – أبوظبي بالتعاون مع شركائها المحليين، ومنهم دائرة البلديات والنقل أبوظبي، والشركة القابضة لحلول المياه المستدامة، وهيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية، ومجموعة تدوير، ودائرة الطاقة، على إعداد ملف المشاركة، التي عرضت فيه أبرز الإنجازات والمبادرات التي نفَّذتها إمارة أبوظبي في مجال البيئة، الذي أكسبها مكانة رائدة في المنطقة والعالم. فقد عملت أبوظبي على تطوير البنية التحتية الخضراء، وتحسين جودة الهواء والمياه، وتشجيع استخدام الطاقة المتجدّدة والتكنولوجيا النظيفة في جميع قطاعاتها الحيوية المتنوّعة، وبذلت العديد من الجهود لتعزيز الوعي البيئي بين السكان، وتحفيزهم إلى اتخاذ إجراءات واعية للحفاظ على البيئة، التي تضمَّنت إطلاق حملات توعية وبرامج تعليمية للطلاب والمجتمع، وتوفير الدعم للمشاريع البيئية والمستدامة.
ومن أبرز الإنجازات التي حقّقتها إمارة أبوظبي وأهَّلتها لتكون عاصمة للبيئة العربية، تركيز أبوظبي على موضوع التغيُّر المناخي من خلال التخفيف من انبعاثات الكربون والتكيُّف مع الآثار المتوقّعة للتغيُّر المناخي، وتعزيز الوعي البيئي في المجتمع، حيث تتصدّى أبوظبي لتغيُّر المناخ من خلال مشاريع مختلفة تشمل تطوير مصارف الكربون الطبيعية، وزراعة الملايين من أشجار القرم، وتحويل وسائل النقل إلى وسائل منخفضة الانبعاثات، وتنويع مصادر الطاقة، وتنفيذ تدابير بشأن التغيُّر المناخي في أبوظبي، منها استبدال الإنارة التقليدية بإنارة ذكية في الشوارع لتقليل استهلاك الطاقة وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وإطلاق مبادرة زراعة أشجار القرم ونثر بذورها باستخدام تقنية الطائرات من دون طيار، وتنفيذ رحلة بحث استكشافية للغلاف الجوي لتحسين جودة الهواء وتدابير التخفيف من آثار التغيُّر المناخي، وإطلاق برنامج «العلامة البيئية للمصانع الخضراء» لتقليل الانبعاثات، وتنفيذ مؤشر المَزارع المطبِّقة للممارسات الذكية مناخياً.
وتنفِّذ أبوظبي خطة شاملة للنقل البري والمركبات منخفضة الانبعاثات وإدارة حركة النقل في الإمارة، حيث طوَّرت خطة النقل البري الشاملة في عام 2009، لتلبية الأهداف البيئية والاجتماعية والاقتصادية للمدينة، وقد حُدِّثَت في عام 2017، وحُدِّثَت مرة أخرى في عام 2022، وتتضمَّن الخطة إجراءات خفض انبعاثات الكربون مثل إنشاء بنية تحتية للنقل العام بتقنيات الطاقة المتجددة، وإيجاد نُظُم مبتكَرة لتشغيل الحافلات بالطاقة الشمسية، وتشجيع استخدام وسائل النقل البديلة مثل الدراجات الهوائية، وغيرها من الوسائل.
وبذلت أبوظبي جهوداً كبيرة لإدارة تدهور الأراضي، بسبب التعرية والرياح، حيث أنشأت الغابات لتقليل زحف الرمال والحدِّ من تأثيرها في المساحات الخضراء وتلوُّث الهواء، وأعدَّت خططاً استراتيجية للتخفيف والتكيُّف مع التغيُّر المناخي للمدن الحضرية، وطوَّرت خطة أبوظبي البحرية لحماية المناطق الساحلية والمحافظة على الموارد الساحلية والموائل البحرية بشكل مستدام، ونفَّذت مشروع المسح الشامل للتربة لتحديد أنواعها، والذي كشف عن صلاحية مليون هكتار من الأراضي للزراعة المَروية، وأنشأت بنك عينات التربة الأول من نوعه في الوطن العربي وشمال إفريقيا، لحفظ عينات التربة وتوفير معلومات حول التغيُّرات في جودة التربة.
وسعت أبوظبي إلى حماية التنوُّع البيولوجي وتحديد الأنواع المهدَّدة بالانقراض في المنطقة، حيث بلغ عدد الأنواع المسجَّلة في الإمارة 3,453 نوعاً. وتنفِّذ أبوظبي برنامجاً شاملاً لتسجيل الأنواع الجديدة وتقييم حالة الحماية لكلٍّ منها. كما أطلقت تقرير القائمة الحمراء للأنواع المهدّدة، وتقرير مؤشر التنوُّع البيولوجي في المناطق الحضرية، وتمكَّنت من إعادة توطين بعض الأنواع المهدَّدة بالانقراض، مثل المها العربي والمها أبو حراب وغزال الداما ومها أبو عدس. وفي عام 2023، فازت أبوظبي بجائزة عالمية لبرامج إعادة تأهيل النظم البيئية الساحلية والبحرية، وأُدرِجَت جزيرة بوطينة ضمن قائمة اليونسكو لعجائب الطبيعة، معبرةً عن جهودها في الحفاظ على المحميات الطبيعية.
وتمتاز إمارة أبوظبي بإدارتها أكبرَ عددٍ من المحميات الطبيعية في المنطقة العربية، حيث تغطي تلك المحميات 30.88% من مساحة الإمارة الكلية. وتسعى الإمارة أيضاً للحصول على الاعترافات الدولية لأنظمة إدارة المحميات البرية والبحرية من خلال الالتزام بالمعايير الدولية، وتدير 519 غابة بمساحة 200,000 هكتار، التي تشكِّل 2.9% من مساحة الإمارة الكلية.
وتعمل الإمارة على توثيق البيانات البيئية وإتاحتها للجمهور من خلال التطبيقات الذكية والأدوات التثقيفية ووسائل التواصل الاجتماعي، وتعزيز برامج الأبحاث البيئية، حيث اكتشفت 20 نوعاً جديداً من الكائنات الحية. وتحرص الإمارة على إضفاء اللمسة الجمالية على المدن والتجمُّعات السكانية، الأمر الذي يشجِّع على السياحة البيئية في أبوظبي.
ويعدُّ الحفاظ على جودة الهواء وتحسينها ضمن قائمة أولويات الجهات المعنية في الإمارة، بهدف تحقيق التنمية المستدامة، وتقليل التأثير السلبي لتلوُّث الهواء في الإنسان والبيئة. ونفَّذت مبادرات ومشاريع استراتيجية عدة لإدارة وتحسين نوعية الهواء في الإمارة، من خلال التنسيق والتعاون مع الجهات الحكومية والخاصة الأخرى. وأنجزت الإمارة جرد انبعاثات الغازات الدفيئة والزئبق وملوّثات الهواء الصناعية وتحليل مصادرها، إضافة إلى تطبيق مشاريع الاستخدام النظيف للوقود في قطاع النقل وقطاع توليد الطاقة وإنتاج المياه والتحوُّل إلى الطاقة النظيفة والمتجددة. ودعمت الإمارة مشاريع الفحص الدوري للمركبات، وتحسين نظام المرور والإدارة الذكية، وتطوير الطلب على الكهرباء والمياه. واعتمدت الإمارة خيارات تنموية للحفاظ على جودة الهواء، وتجنُّب الأثر السلبي لتلوُّث الهواء في الصحة والبيئة.
وأُعِدَّت خريطة لمستويات الضوضاء في إمارة أبوظبي من خلال دراسة حدَّدت آليات التعامل مع الضوضاء، وتمَّ تركيب 22 جهازاً لمراقبة مستويات التلوُّث في شبكـة مراقبـة نوعيـة الهـواء والضوضاء في 20 موقـعاً.
وأُدخِلَت القراءات المستقاة من الدراسة الميدانية في نظام نمذجة رياضية تتضمَّن حركة السيارات ومواقع الإنشاءات، والتركيز السكاني وإنتاج خريطة كنتورية تبيِّن المناطق المتأثرة بالمستويات العالية للضوضاء، وتلك الأقل تأثُّراً تمهيداً لوضع خطط التحسين.
ونجحت أبوظبي في مواجهة تحديات إدارة النفايات من خلال مجموعة من المبادرات التي أسهمت بدورها في تمكين الإدارة المثلى للنفايات، وتشجيع مبادئ الاقتصاد الدائري، ومن أهمّها إعداد الخطة الاستراتيجية لإدارة قطاع النفايات (2021-2025)، وتطوير وتنفيذ الأطر التنظيمية والتشريعية، وتطوير نظام إلكتروني لتصنيف النفايات، وبناء منظومة متكاملة للتفتيش والامتثال والإنفاذ البيئي، وإصدار سياسة إنتاج الطاقة من النفايات في عام 2021، وإنشاء ثلاث محارق جديدة بأعلى المواصفات العالمية لمعالجة النفايات الطبية والخطرة المتولدة، وإعداد سياسة المواد البلاستيكية المستخدَمة مرة واحدة واللائحة التنفيذية لها، وتطوير وتنفيذ خطة توعوية متكاملة تستهدف شرائح مختلفة من المجتمع.
ومن التدابير التي اتخذتها أبوظبي في هذا المجال، إصدار تراخيص وتنظيم عملية حفر الآبار الجوفية، وإكمال أول مشروع لحصر آبار المياه الجوفية في الإمارة في 2018، وإصدار أول أطلس من نوعه للمياه الجوفية في إمارة أبوظبي، وتوفير مياه للشرب وقت الطوارئ، وبرنامج تقييم الخزانات الجوفية العميقة وتحديد إمكاناتها والمخزون الجوفي بها ونوعيته وإمكانية استغلاله في المستقبل في 2020، وإنجاز مشروع الخريطة الهيدروجيولوجية لإمارة أبوظبي، وأُصدِرَت السياسة العامة لإدارة وحماية المياه الجوفية في الإمارة، وسياسة استدامة جودة المياه البحرية.
وتصرف أبوظبي وتعالِج مياه الصرف الصحي من خلال محطات عدة مزوَّدة بأحدث الوسائل والمرافق المتطورة والتقنيات الحديثة في مجال معالجة مياه الصرف الصحي، لإعادة استخدامها في الأغراض الزراعية وريِّ المسطحات الخضراء. كما اتخذت إمارة أبوظبي تدابير عدة في سبيل توفير حلول صرف صحي مستدامة، مثل إطلاق مشروع تطوير النفق الاستراتيجي في الخدمة عام 2017، وتنفيذ مشروع إعادة تأهيل واستبدال خطوط الصرف الصحي في أبوظبي عام 2017، وبناء 41 محطة لجمع ومعالجة أكثر من 320 مليون متر مكعب من مياه الصرف الصحي في العام، ومراقبة شبكة الصرف الصحي من خلال مؤشرات أداء رئيسية.
وتمثِّل الاستراتيجية الوطنية للابتكار الإطار العام لقيادة وتنسيق جهود الابتكار على المستوى الوطني، لجعل الإمارات ضمن الدول الأكثر ابتكاراً على مستوى العالم خلال السنوات المقبلة، تماشياً مع مئوية الإمارات 2071. وتعتمد إمارة أبوظبي بشكل أساسي على البيانات العلمية الدقيقة والسليمة والدراسات والبحوث والبرامج التي تُعنى بشؤون البيئة والحياة الفطرية كأساس للبحث عن حلول مستدامة لحل التحديات، وتطوير وإصدار وإنفاذ السياسات والتشريعات البيئية. وكذلك تلتزم إمارة أبوظبي بنشر ثقافة الابتكار لإثراء العمل البيئي، وتحفيز طرح مبادرات بيئية مبتكرة تقدِّم حلولاً ناجحةً للتصدي للتحديات البيئية، ونتيجة لذلك حازت الإمارة جوائز ابتكار عدة في المجال البيئي.
وأَعَدَّت الحكومة أُطُرَ عمل السياسات، لضمان وضع اعتبارات الاستدامة في مقدِّمة الأولويات في كافة خطط التنمية، وستؤدي هذه التنمية السريعة إلى الضغط بشكل كبير على الموارد الطبيعية والبنية التحتية لإمارة أبوظبي. ولتحقيق هذا الغرض، أَعَدَّت «استراتيجية أبوظبي لإدارة جانب الطلب وترشيد استخدام الطاقة 2030» التي تضع أهدافاً محدَّدة لخفض استهلاك الكهرباء بنسبة 22% والمياه 32% بحلول عام 2030، ما يسهم في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار تسعة ملايين طن بحلول عام 2030.
وحقَّقت برامج التوعية والتعليم البيئي إنجازات كبيرة على مستوى إمارة أبوظبي، وذاع صيتها في جميع أنحاء العالم، حيث حازت جوائز إقليمية وعالمية عن برامج التوعية البيئية من المنظمات العالمية مثل الأمم المتحدة. ونتيجة للبرامج البيئية التوعوية التي استهدفت الطلاب والشباب والموظفين وعموم أفراد المجتمع، تحسَّنت نسبة الالتزام بالسلوك البيئي في الإمارة من 55% في عام 2012 إلى 78% في عام 2021.