الأربعاء, مايو 21, 2025
14.5 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

إصدارات أسبوعية

السلاح الفلسطيني في لبنان على طاولة الحوار اللبناني

الحرة بيروت ـ بقلم: أحمد البشتاوي

في ظل تحولات داخلية وإقليمية متسارعة ومتداخلة بدءاً من الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان، مروراً بسقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، وصولاً إلى الحوار الأميركي – الإيراني، عاد ملف السلاح الفلسطيني في لبنان إلى الواجهة، مدفوعاً بتوجهات لبنانية جديدة تتبنى مقاربة مختلفة تقوم على فرض سيادة الدولة على كامل أراضيها، بما يشمل المخيمات التي لطالما اعتُبرت خارج سلطة الدولة بحكم واقع الأمر.

وكشفت مصادر فلسطينية لجريدة “الحرة”، أن هناك قناعة متنامية لدى المسؤولين الفلسطينيين في لبنان بأن موضوع السلاح بات استحقاقاً داهماً، لا يمكن القفز فوقه أو تأجيله كما كان الحال سابقاً. وتدلّ المؤشرات السياسية، اللبنانية والفلسطينية، على أن الملف وُضع على نار المعالجة ضمن رؤية العهد اللبناني الجديد، كما عبّر عنها الرئيس جوزاف عون في خطاب القسم، والبيان الوزاري لحكومة الرئيس نواف سلام، حيث التأكيد كان واضحاً على حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية.

اللافت أن المقاربة هذه المرة تتّسم، بحسب المصادر، بنبرة حوارية وتطمينية للفلسطينيين. فخطاب القسم لم يأتِ بلغة نزعه بالقوة، بل شدد على أن سحب السلاح ليس استهدافاً للفلسطينيين بل هو تكريس لسيادة الدولة مع احترام كرامة اللاجئين ورفض التوطين، في إطار التأكيد على حق العودة كأحد ثوابت القضية الفلسطينية. وهذا الربط بين نزع السلاح ورفض التوطين يعكس مقاربة سياسية أكثر تطميناً مقارنة بالخطابات الأمنية السابقة، ويخاطب عمق الهواجس الفلسطينية المتجذرة منذ عقود في ظل استمرار المؤامرات على تصفية القضية وحق العودة وفرض التوطين أو التهجير أو التذويب أو الوطن البديل.

أحد التحولات المفصلية التي تسهّل فتح هذا الملف مجدداً، هو إقفال ملف السلاح الفلسطيني خارج المخيمات الذي طالما شكّل عقبة كأداء، تحول دون طرح معالجة جدية له. فبعد أن كانت تنظيمات كـ”الجبهة الشعبية – القيادة العامة” و”فتح الانتفاضة” تنتشر في مواقع عسكرية على الحدود اللبنانية – السورية، أدى سقوط نظام الأسد إلى تسليم تلك القواعد للجيش اللبناني، بما طوى عملياً صفحة الوجود العسكري الفلسطيني خارج المخيمات.

في الأروقة الفلسطينية، فإن الاتجاه نحو معالجة السلاح داخل المخيمات يبدو جدياً هذه المرة، مع سلسلة من المؤشرات السياسية والأمنية التي تم رصدها:

  • اللقاء الثنائي بين الرئيسين اللبناني والفلسطيني، جوزاف عون ومحمود عباس، في 4 آذار 2025 على هامش القمة العربية الطارئة في القاهرة، والذي كان فرصة لإعادة التأكيد على دعم السلطة الفلسطينية لإجراءات الدولة اللبنانية في بسط سيادتها وحصر السلاح، وسط ترجيحات بزيارة قريبة لعباس إلى بيروت، ربما في أيار المقبل.
  • تعيين السفير رامز دمشقية رئيساً لفريق العمل اللبناني المعني بملف اللاجئين الفلسطينيين، في 24 آذار 2025، والذي أرسل إشارة سياسية واضحة حول نية الحكومة فتح قنوات مباشرة مع القوى الفلسطينية، وقد بدأ مهمته بلقاء السفير الفلسطيني أشرف دبور، تلاه اجتماع مع هيئة العمل الفلسطيني المشترك.
  • تحركات ميدانية للجيش اللبناني بدأت مع بداية شهر نيسان 2025 بإقفال مداخل فرعية في مخيم البداوي شمالاً، كما حصل سابقاً في مخيم عين الحلوة، ومن المتوقع أن تشمل مخيمات أخرى مثل المية ومية والبص، في محاولة لتأمين الاستقرار وقطع الطريق على أي محاولة لتوتير أمني قبيل انطلاق الحوار يعرقله ويعيد خلط الأوراق.

رغم المؤشرات الإيجابية، يبقى ملف السلاح الفلسطيني في لبنان بالغ الحساسية، لأنه يرتبط ليس فقط بالبعد الأمني، بل أيضاً بكرامة اللاجئين، وحق العودة، والخوف من التوطين القسري، وسط محاولات دولية حثيثة لتصفية القضية الفلسطينية عبر تقليص دور وكالة “الأونروا” وطمس رمزية المخيمات.

وفي هذا السياق، يبدو أن الدولة اللبنانية تسعى لبلورة معادلة جديدة: نزع السلاح مقابل ضمان الحقوق المدنية ورفض التوطين. لكن نجاح هذه المعادلة يتوقف على قدرة الأطراف على بناء ثقة متبادلة، وعدم تسييس الملف بما يعيد إشعال فتائل الانقسام اللبناني – الفلسطيني.

رابط المقال: https://hura7.com/?p=50646

رابط العدد: https://hura7.com/?p=50468

الأكثر قراءة