جريدة الحرة
بقلم: ميشال معيكي – كاتب وأكاديمي وفنان تشكيلي
“اليد التي تمتدّ إلى سلاح المقاومة ستُقطع!” تهديد تكرر على لسان الحزب وكأنه ردّ مباشر على خطاب القسم. مع التنويه بتأكيد الرئيس عون في غير مناسبة على أن قرار حصرية السلاح بيد الجيش قد اتخذ.
ما يحصل في الإقليم، وخاصة انفجار مرفأ رجائي “غير البريء”، على وقع الاجتماعات غير المنتجة – حتى اللحظة – حول النووي بين الأميركي والإيراني، معطوفاً على الغارات الإسرائيلية على لبنان، يشكّل ضغوطاً على إيران لإضعاف موقفها التفاوضي.
سؤال ساذج: هل حقيقة سلاح الحزب الذي يتشبث به هو حماية لبنان، أم مصالح إيران في الشرق؟
لنعد إلى دروس التاريخ. جميع طوائف لبنان جرّبت اختزال الوطن والاستئثار بالسلطة. تجربة المارونية السياسية التي حكمت لبنان في ظل هيمنة الانتداب الفرنسي، والاستقواء بوجوده، من المفوّض السامي غورو إلى دو مارتيل وسواهما، وكأن الموارنة يعرّفون فرنسا بـ”الأم الحنونة”. بالرغم من الحسنات التي ميزت تلك الحقبة، لكنها أيضاً همّشت باقي الطوائف المكوّنة للبنان، وكان الخطأ الأكبر. وكان اندلاع الحرب الأهلية دون إغفال عامل السلاح الفلسطيني، لتنتهي بسقوط المارونية السياسية، مع التعديلات الدستورية في بنود اتفاق الطائف.
في المرحلة الناصرية تقدّمت السنّية السياسية بدعم من وهج عبد الناصر. يذكر التاريخ عبد الحميد غالب، سفير مصر في لبنان من العام 1955 حتى العام 1967، وكان بمثابة مفوض سامٍ يتحلق حوله الإسلام السنّي اللبناني. وكان الآمر الناهي.
مرحلة بدأت في العام 1958 في خضمّ استعار خلاف سياسي بين طائفتين: إسلام عبد الناصر الإشتراكي صديق السوفيات، مقابل سياسة الرئيس شمعون الموالي للغرب ولحلف بغداد. فيما الشرعية المتمثلة بالجيش بقيادة اللواء فؤاد شهاب تتوسط متاريس البسطة – جميزة حفاظاً على بقاء الوطن.
ثم جاءت الحريرية السياسية. وبالرغم من بعض حسناتها، فقد قامت على أكتاف السنّة. حسنتها الكبرى أنها كانت ضد السلاح، تحت شعار “إعادة إعمار” البلد. اغتيل رفيق الحريري وسقطت معه السنّية السياسية.
بعد سنوات من الحضور والتحضير، تفاجأ البيروتيون في السابع من أيار 2008 باحتلال حزب الله بمقاتليه شوارع العاصمة، تدميراً وتخريباً وترهيباً، على خلفية قرار مجلس الوزراء تفكيك شبكة الاتصالات الخاصة بالحزب، وإقالة رئيس جهاز أمن المطار، العميد الركن وفيق شقيبر.
نعود دائماً إلى شهوات الطوائف باختزال السلطة، ودائماً الاستقواء بالخارج عبر السلاح والخشية من إسرائيل التي لا حدود لأطماعها وإملاءاتها.
الخطأ الخطيئة أن حزب الله رهن الوطن لإرادة طهران وطموحاتها الإقليمية وخرج من لبنان.
بلا “لتّ” ومراوغات: إما حصرية السلاح بيد الشرعية، أو لا دولة… والسلام لجميعكم.