الثلاثاء, أبريل 22, 2025
17.9 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

إصدارات أسبوعية

ألمانيا ـ دعم محوري لنجاح عملية الانتقال بسوريا… لكنه مشروط!

DW ـ تعاني سوريا من وضع حرج للغاية، حيث يعيش 90 بالمائة من الناس هناك في فقر، في حين أنَّ منظمات الإغاثة لا تعتقد أنَّ هذا الوضع سيتغير بسرعة. فما هي متطلبات المرحلة الانتقالية؟ وكيف يمكن لألمانيا دعم إعادة الإعمار في سوريا؟

ما تزال لمى أحمد إسكندر تتذكر جيداً كيف كان شعورها وفرحة الكثير من السوريين الآخرين عندما تم إسقاط نظام الديكتاتور الرئيس بشار الأسد في سوريا في بداية شهر كانون الأول/ديسمبر 2024. وفي فعالية أقامها مركز الأبحاث “مركز العمل الإنساني” ومؤسسة كاريتاس الدولية في برلين، قالت الدبلوماسية السورية السابقة لمى أحمد: “بوسعنا أن نأمل من جديد”.

في عام 2013، لجأت لمى أحمد إلى ألمانيا. وقد اندمجت جيداً، وأصبحت تعمل في إدارة بلدية بولاية براندنبورغ، وتدافع كناشطة حقوقية عن حقوق الأطفال وتكافؤ الفرص. ومع ذلك فهي تفكّر إن كان يجب عليها العودة إلى سوريا للمساعدة في إعادة البناء.

من دون تدفئة وماء وكهرباء

إلى بلد يعيش فيه 90 بالمائة من سكانه في فقر، و40 بالمائة يعيشون حتى في “وضع حرج”، كما يصف رئيس منظمة الإغاثة كاريتاس الدولية أوليفر مولر: “الناس يعيشون في منازل مدمرة – من دون تدفئة ومن دون ماء جارٍ، ومع ساعتي كهرباء فقط في اليوم؛ ومع انتشار سوء التغذية على نطاق واسع”. كما أنَّ 70 بالمائة من الأطباء والعاملين في مجال الصحة غادروا سوريا، وهناك أطفال في سن 13 عاماً لم يذهبوا إلى المدرسة قط، كما يقول أوليفر مولر: “سوريا منهكة”.

لا يسمع رئيس مؤسسة كاريتاس سوى القليل عن الأمور الإيجابية من زملائه، الذين يحاولون مساعدة الناس في سوريا. ويقول: “يجب الآن في البداية وبشكل مكثّف جداً تأمين البقاء، وأعتقد أنَّ هذا سيستغرق فترة طويلة وحتى مع وجود توقعات إيجابية”.

إسلامويون من دون خبرة في الحكم

وبحسب مولر، فإنَّ التشاؤم ينبع أيضاً من حقيقة أنَّ الحكومة الانتقالية وعدت الشعب ببداية جديدة ولكنها لا تعمل: “ربما لا يمكنها العمل لأنَّ الظروف سيئة للغاية”، كما يفترض.

وفي هذا الصدد تقول لمى أحمد: “يجب أن نكون واقعيين”، مُخفًّفة بذلك التوقعات الكبيرة للغاية من الجماعات المسلحة بقيادة ميليشيا هيئة تحرير الشام الإسلاموية وزعيمها أحمد الشرع، الذي تم تنصيبه رئيساً انتقالياً في نهاية كانون الثاني/يناير. وتضيف أنَّهم “يحاولون جاهدين، ولكنهم يرتكبون أخطاءً كثيرة. لأنهم أعضاء جماعة عسكرية لا توجد لديها أية خبرة الحكم”.

النقطة الرئيسية: العقوبات

وما تزال العقوبات المفروضة من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي سارية مثل ذي قبل في مجالات كثيرة. وحول ذلك يقول مولر: “حتى الشركات الصغيرة تواجه صعوبات في الحصول على قطع ووحدات إنتاج لأنَّها مدرجة على قائمة ما من قوائم العقوبات. وبصفتنا منظمة إغاثة فنحن نواجه العقوبات بشكل خاص في التحويلات المالية، التي تعتبر عملية معقدة ومكلفة وتستغرق وقتاً طويلاً للغاية”.

ويضيف أنَّ البنوك الألمانية ترفض التحويلات إلى سوريا خوفاً من ارتكابها خطأ ما. والحذر كبير بشكل خاص في القطاع المالي منذ فرض الولايات المتحدة عقوبات شديدة على أي انتهاك للعقوبات. ومع ذلك فقد تم الآن حذف أهم البنوك السورية من قوائم العقوبات، ولكن يبدو أنَّ هذه المعلومة لم تنتشر بشكل كافٍ.

استمرار الضغط على شبيحة الأسد

يقول توبياس تونكل، وهو مدير مكتب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية الألمانية، إنَّ العقوبات تعتبر للأسف موضوعاً “معقداً للغاية”. ويضيف أنَّ إلغاءها بشكل شامل غير مستحسن، وذلك لأنَّ الاتحاد الأوروبي فرضها أيضاً على بعض الأفراد. وطبعاً، لا أحد يريد أن يمنح “الأسد وشبيحته” إمكانية الوصول من جديد إلى الأموال المجمدة في البنوك الأوروبية.

ويضاف إلى ذلك أنَّ الثقة في الحكومة الانتقالية في سوريا محدودة، “وإذا سارت الأمور مرة أخرى في الاتجاه الآخر، فيجب عندئذٍ أن تكون هناك آلية يمكنها إعادة فرض العقوبات التي تم إلغاؤها”، وفق تونكل.

الحرية والأمن لكل الناس في سوريا

كما أنَّ أعمال العنف الأخيرة ضد العلويين لم تؤدّ إلى زيادة الثقة. فقد وقعت في شهر آذار/مارس في المدن الساحلية معارك عنيفة ومذابح أسفرت عن قتل 1000 شخص على الأقل. ولذلك فإنَّ القلق كبير من أنَّ الحكومة الانتقالية لا توجد لديها سيطرة كافية وأنَّه ما تزال توجد في سوريا تربة خصبة للتطرف والإرهاب.

لقد ربطت الحكومة الألمانية الحالية تعهداتها بتقديم مساعدات إلى سوريا بضرورة ضمان الحريات والأمن والفرص لكل الناس في سوريا، كذلك للنساء ولأفراد جميع المجموعات العرقية والأديان.

ماذا ستفعل الحكومة الألمانية المستقبلية؟

يتولى في الحكومة الجديدة الحزب المسيحي الديمقراطي المحافظ وزارة الخارجية. أما الوزارة الاتحادية للتعاون الاقتصادي والتنمية فستبقى في يد الحزب الاشتراكي الديمقراطي. ويعتقد تونكل بشدة أنَّ الحكومة الألمانية الجديدة أيضاً ستواصل “عملها من أجل سوريا”. ويقول إنَّ احتمال نجاح العملية الانتقالية كبير إذا شاركت ألمانيا. وأنَّ هذا ليس “تفضيلاً حزبياً سياسياً”، بل يتوافق مع مصالح ألمانيا.

بيد أنَّ مولر يفترض أنَّ تقديم المساعدات لسوريا يبقى مرتبطاً بشروط. ويقول: “من الواضح للجميع أنَّنا لا نريد تقديم مساعدة مالية أو سياسية لنظام على شاكلة طالبان. وأعتقد أنَّنا يجب أن نكون صادقين ونحدد بوضوح ما هو هدف مساعدتنا”.

من غير المتوقع أن تقدّم ألمانيا الكثير من المال

وبحسب التقديرات الأولية، فإنَّ إعادة إعمار سوريا ستكلف على الأقل 250 مليار دولار. فبماذا تستطيع وتريد ألمانيا المساهمة؟. فالأوروبيون، وبالتالي ألمانيا أيضاً، منشغلون بالحرب في أوكرانيا. أما سوريا فلم تعد منذ فترة طويلة في محور الاهتمام. كما أنَّ وضع ميزانية الحكومة الألمانية الجديدة صعب وستضطر إلى التوفير. ومؤخراً قدّمت ألمانيا في شهر آذار/مارس 300 مليون يورو للمساعدات الإنسانية.

ولكن تونكل يرى أنَّ مهمة الحكومة الألمانية لا تقتصر فقط على تقديم الأموال، بل تشمل قبل كل شيء تهيئة الظروف المناسبة من أجل تحسين سبل العيش في سوريا. ويقول: “يجب على المجتمع الدولي أن “يعتني بسوريا” حتى يتمكن الشعب السوري من تشكيل العملية الانتقالية بنفسه، ومن دون تدخل جهات خارجية”.

https://hura7.com/?p=49384

الأكثر قراءة