خاص – يسعى الجيش الألماني إلى إنشاء نظام أقمار صناعية خاص به في الفضاء للاستعداد لحرب الفضاء المستقبلية. حيث أكدت الحكومة الألمانية على أهمية الوجود الألماني في الفضاء قبل ثلاث سنوات، وأن “ألمانيا بحاجة إلى الفضاء”، حسبما صرحت وزارة الدفاع في ذلك الوقت. كما تابعت: “في السنوات الأخيرة، شهدنا تزايدًا في حضور ونشاط القوى العسكرية الرائدة في الفضاء. وتتزايد أنشطتها الهجومية هناك”.
يتبع الجيش الألماني نفس النهج، ويسعى إلى تحقيق المزيد من الاستقلالية في الفضاء. والهدف إنشاء شبكة أقمار صناعية خاصة بها بحلول عام 2029. ويقول متحدث باسم وزارة الدفاع: “يتم دراسة خيارات مختلفة للتطوير المحتمل من أجل تلبية الطلب المتزايد على الاستطلاع الفضائي من خلال القدرات الوطنية”. وتبلغ التكلفة التقديرية إلى مايصل عشرة مليارات يورو.
البيانات من الفضاء ذات أهمية بالغة للاتصالات أو مراقبة القوات. وفي هذا الصدد، فإن الاعتماد على مقدمي الخدمات الآخرين يشكل خطراً كبيراً من منظور سياسة الأمن. فقد اضطرت أوكرانيا إلى تجربة ذلك مؤخراً في الحرب ضد روسيا، حيث أعطى رئيس شركة سبيس إكس إيلون ماسك البلاد شبكته الفضائية مجاناً. لكن بعد ذلك، هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بطرده، ما لم توافق الدولة على صفقة المواد الخام المقترحة.
يحتفظ الجيش الألماني حالياً بثمانية إلى عشرة أقمار صناعية خاصة به فقط. والآن يجب التطوبر والتعزيز ومن الممكن أن يتبع النظام الأول بحلول عام 2029 أنظمة أخرى.
يتعاون الجيش الألماني راهناً مع شركة OHB الفضائية ومقرها بريمن. لكن ظهرت بعض المشاكل. فثمة قمران صناعيان للتجسس من نظام SARah – رادار الفتحة التركيبية – نظام رادار التصوير، لا يعملان كما هو مخطط له. وبحسب المعلومات، فإن الشركة التي يقع مقرها في بريمن تريد الآن توفير البدائل. ومن الممكن أن يتم إطلاق المزيد من الأقمار الصناعية لنظام الجيش الألماني الجديد. ويقدر الخبراء أن عدد الأقمار الصناعية المخصصة للجيش الألماني سيصل إلى 100 قمر.
البنية التحتية في الفضاء ذات أهمية متزايدة
أفاد تقرير في 20 ديسمبر 2024 عن تسلم القوات المسلحة الألمانية أول رادار أرضي لمراقبة الأقمار الصناعية والحطام الفضائي بدقة في الفضاء. وأعلن مكتب المشتريات في الجيش الألماني في كوبلنز أن الهدف هو “اكتشاف المدارات على ارتفاعات تتراوح بين 200 إلى 2000 كيلومتر، بغض النظر عن الطقس ووقت اليوم”.
وقيل إن إنشاء صورة مستقلة لوضع الفضاء له أهمية خاصة. إذ كانت الاتصالات والملاحة عبر الأقمار الصناعية، فضلاً عن بيانات مراقبة الأرض، جزءاً من البنية التحتية الحيوية. وبالإضافة إلى استخدامها العسكري، فهي ضرورية للعديد من المناطق المدنية. لذلك، فإن الكشف عن الأجسام وتتبعها يعد أمراً ضرورياً، وهو من اختصاص قيادة الفضاء في الجيش الألماني.
تطوير تنبؤات الاصطدام
سيتم إدخال البيانات المجمعة إلى مركز التوعية بالوضع الفضائي في أويديم، شمال الراين وستفاليا، حيث سيتم معالجتها مع بيانات أخرى لإنشاء وضع عام في الفضاء القريب من الأرض. حيث أن الرادار الجديد “مشروع فرعي أساسي لنظام مراقبة الفضاء المستقبلي”.
بالإضافة إلى المخاطر الناجمة عن الحطام الفضائي واحتمالية عودة الأجسام الفضائية إلى الغلاف الجوي، يقوم مركز الوضع بتقييم تأثيرات الطقس الفضائي الناجم عن النشاط الشمسي. ويمكن استخدام البيانات المجمعة، على سبيل المثال، للتنبؤ باصطدام الأجسام بالأرض.
“دور رائد في مراقبة الفضاء”
تقول رئيسة مكتب المشتريات، أنيت ليهينجك إمدن، في بيان: “يتمتع هذا المشروع بإمكانات واضحة، استناداً إلى التكنولوجيا المتاحة تجارياً التي تم التعاقد عليها هنا، لتأمين دور رائد لنا، الجيش الألماني، وجمهورية ألمانيا الاتحادية في أوروبا من حيث قدرات مراقبة الفضاء”.
في ما يتعلق بتاريخ التكليف المحتمل، يقول متحدث باسم مكتب المشتريات إنهم يسعون إلى “جدول زمني طموح”. ونظراً للوضع الجيوسياسي الحالي، فإنهم لا يريدون تقديم أي معلومات تسمح “بالتوصل إلى استنتاجات حول قدرات القوات المسلحة”. ولأسباب تتعلق بقانون المشتريات، لا يمكن تقديم أي معلومات بشأن التكاليف. حيث أكد المتحدث باسم الشركة: “تجري حالياً التحقيقات المعتادة في الموقع. وبمجرد التوصل إلى الوضع النهائي، سنعلن عن المعلومات”.
الفضاء بُعد استراتيجي
أكد وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس (الحزب الاشتراكي الديمقراطي SPD) في 17 يوليو 2024 على الأهمية الاستراتيجية للفضاء بالنسبة للقدرة الدفاعية للجيش الألماني ودعا إلى تعزيز الوجود في الفضاء. وأوضح بيستوريوس خلال زيارة لقيادة الفضاء التابعة للجيش الألماني في أويدم بولاية شمال الراين وستفاليا: “نحن بحاجة إلى السيطرة العسكرية على عمليات الأقمار الصناعية ويجب علينا تعزيز موقفنا في الفضاء”.
وشدد الوزير على أنه “يتعين علينا ببساطة أن ندرك أن الفضاء هو بعد استراتيجي وعلينا أن نتعامل معه عاجلاً وليس آجلاً”. ويتضمن ذلك أمن البيانات وأمن الأقمار الصناعية، ولكن أيضاً الدفاع ضد الهجمات على الاتصالات.
وتتولى قيادة الفضاء في الجيش الألماني، التي تم إنشاؤها في عام 2021، مسؤولية تخطيط وتنفيذ العمليات الفضائية. وتشمل المهام حماية ومراقبة الأقمار الصناعية ورصد الحطام الفضائي الخطير.
وتحدث بيستوريوس عن “العمل الرائد” الذي يقوم به الجنود في أويديم. إذ أكد للجنود: “أنتم تتعاملون مع مساحة يراها معظم الناس، وكنت أعتبر نفسي واحداً منهم قبل عشر أو خمس سنوات، في المقام الأول بإزاء مكان لتصوير أفلام الخيال العلمي”.