حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني الشعبوي يحتفل بنجاح تلو آخر. في انتخابات البرلمان الأوروبي التي جرت مؤخرا حصل على 15,9 بالمئة من الأصوات، ليحتل بذلك المرتبة الثانية بعد الاتحاد المسيحي. وفي الانتخابات البلدية التي جرت في نفس اليوم في بعض الولايات احتل حزب “البديل” المركز الأول في معظم بلديات الولايات الشرقية.
ويستند هذا الحزب على موجة نجاحات انتخابية ، رغم أن هيئة حماية الدستور الاتحادية (المخابرات الداخلية) تصنفه كـ “حالة تطرف يميني مشتبه بها”، وتتم مراقبته في ثلاث ولايات من 16 ولاية، كـ “حالة تطرف يميني مؤكدة”.
وتصنيف وتقدير المخابرات الداخلية يعتبر الحجة الرئيسية للحملة التي تم إطلاقها يوم الاثنين (17 يوينو/ حزيران 2024) في برلين لحظر الحزب في ألمانيا تحت شعار “الدفاع عن كرامة الإنسان – منع حزب البديل من أجل ألمانيا الآن”.
من ينشط في حملة منع حزب “البديل”؟
ويعرف التحالف الذي يقود حملة حظر حزب “البديل”، بنفسه هكذا: ” “نحن أشخاص ملتزمون من المجتمع المدني، وموظفون في مراكز الاستشارات ونشطاء وقانونيون ونقابيون ونشطاء مناخ. أشخاص يمارسون سياسات مناهضة للفاشية منذ سنوات، وأشخاص بدأوا الآن القيام بذلك”.
ينس كريستيان فاغنر أحد هؤلاء النشطاء المشاركين في الحملة، وهو مؤرخ ومدير النصب التذكارية في بوخنفالد وميتالباو- دورا في ولاية تورينغن، حيث أقام النازيون هناك بين عامي 1933 و1945 اثنين من مراكز اعتقالهم الكثيرة. وتشير التقديرات إلى أنه فقط في هذين المركزين مات ما لا يقل عن 75 ألف شخص.
“حزب البديل ليس الحزب النازي الجديد”
صحيح أن المؤرخ فاغنر يحذر من المقارنة التاريخية بين حزب “البديل” والنازية، لكنه يطالب الساسة بدراسة وبدء إجراءات منع الحزب. ويقول “حزب البديل ليس الحزب النازي الجديد. لكنه حزب ينشر العنصرية ومعاداة السامية، ويمثل فهما قوميا للمواطنة”. وبموجب هذا الفهم، يعتبر مواطنا ألمانيا من يستطيع الإثبات أن أسلافه ومنذ أجيال عديدة قد عاشوا فعلا في ألمانيا.
وبهذا فإن حزب “البديل” يمثل مفهوم ترحيل ملايين الناس، يقول فاغنر مشيرا إلى اجتماع بوتسدام السري والخطط التي تم بحثها في الاجتماع حول ترحيل المهاجرين من ألمانيا والتي كشفت عنها مؤسسة “كوركتيف” الاستقصائية. وقد دفع ذلك عشرات الآلاف للنزول إلى الشوارع بداية عام 2024 والاحتجاج ضد اليمين في مختلف أنحاء ألمانيا.
قواعد صارمة لمنع الأحزاب
المادة 21 من القانون الأساسي (الدستور الألماني) تنظم القواعد التي يتم بموجبها حظر الأحزاب، وجاء في الفقرة الثانية من هذه المادة ” كل حزب يعمل من خلال أهدافه، أو من خلال تصرفات أعضائه على الإخلال بالنظام الأساسي الديموقراطي الحر، أو القضاء عليه، أو الإضرار بكيان جمهورية ألمانيا الاتحادية، يعتبر مخالفا للدستور”.
وقرار حظر حزب ما تتخذه المحكمة الدستورية الاتحادية، بناء على طلب يقدم إليها بذلك. أما من يحق له تقديم طلب الحظر، فهم: الحكومة الاتحادية والبرلمان (بوندستاغ) ومجلس الولايات (بوندسرات). أما آخر محاولة لحظر حزب، فكانت تلك المحاولة الفاشلة عام 2017 لمنع “الحزب الألماني الاشتراكي القومي/ NPD” النازي الجديد الذي تمت تسميته بعد ذلك “هيمات/ الوطن”.
لكن على عكس ذلك الحزب اليميني المتطرف الصغير، أصبح “البديل” خلال سنوات قليلة حزبا كبيرا جدا منتشرا في كل ألمانيا. لذلك تريد الحملة الحالية لحظره، زيادة الضغط على الساسة، وتسعى للحصول على دعم البوندستاغ.
لكن المنتقدين لإجراءات الحظر، يحذرون من تقديم حزب “البديل” نفسه كضحية، إذا فشلت عملية حظره. كما أن هناك خلافا بين المختصين حول ما إذا كان برنامج حزب “البديل” يتضمن أدلة كافية واضحة على مناهضة الدستور.
تصريحات عنصرية ومناهضة للدستور
هذه المخاطر يدركها المحامي لوكاس توينه، أيضا لكنه رغم ذلك متفائل، ويشير إلى إمكانية التحقق من التصريحات العلنية العنصرية والمناهضة للديمقراطية التي يدلي بها ساسة حزب “البديل” ومؤيدوه.