الخميس, نوفمبر 6, 2025
23.4 C
Beirut

الأكثر قراءة

إصدارات أسبوعية

ألمانيا وأوروبا أمام اختبار غزة: بين الالتزام الأخلاقي والقيود السياسية

جريدة الحرة

خاص ـ في تطور لافت يعكس تصاعد الضغوط الأوروبية على إسرائيل، وجّه أربعون نائبًا في البرلمان الأوروبي، ينتمون إلى ست كتل سياسية مختلفة ويمثلون 15 دولة من أصل 27 في الاتحاد الأوروبي، دعوة صريحة إلى الاتحاد لتعليق اتفاق الشراكة مع إسرائيل وفرض عقوبات مباشرة على حكومة بنيامين نتنياهو، وذلك على خلفية الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني في قطاع غزة.

جاء ذلك في بيان مشترك اعتبر أن الحكومة الإسرائيلية “تنتهك بشكل صارخ اتفاقيات جنيف”، كما دعا حركة حماس إلى الإفراج الفوري عن الرهائن الإسرائيليين الذين لا يزالون محتجزين منذ هجمات 7 أكتوبر 2023. وأكد البيان أن تقاعس المجتمع الدولي عن التحرك سيبقى وصمة عار أخلاقية، وأن الاستجابة للأزمة يجب أن تكون عاجلة وجذرية.

ضغط برلماني لتعليق اتفاق الشراكة الأوروبي – الإسرائيلي

يمثّل اتفاق الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل الإطار الحاكم للعلاقات التجارية والسياسية بين الجانبين، ويُعدّ من أبرز أدوات الضغط المتاحة للأوروبيين. وقد كشف تحقيق سابق للجهاز الدبلوماسي الأوروبي وجود مؤشرات على خرق إسرائيل للالتزامات المرتبطة بحقوق الإنسان بموجب الاتفاق. ومع ذلك، امتنع الاتحاد الأوروبي حتى الآن عن اتخاذ إجراءات عقابية حاسمة.

يطالب البيان المشترك بتعليق هذا الاتفاق، وتبنّي موقف حازم يشمل فرض عقوبات مباشرة على الحكومة الإسرائيلية، وهو ما اتخذته بالفعل دول مثل المملكة المتحدة والنرويج بحق وزراء إسرائيليين متهمين بالتطرف. ويؤكد النواب أن الاستجابة الأوروبية الحالية، بما فيها قرار المفوضية الأوروبية في يوليو 2025 بتعليق جزئي لمشاركة إسرائيل في برنامج “هورايزون أوروبا” البحثي، غير كافية، وأن “الإدانة وحدها لم تعد مجدية”.

توافق غير مسبوق بين كتل سياسية أوروبية متباينة

يعكس البيان إجماعًا نادرًا بين مكونات سياسية متباينة أيديولوجيًا، من اليسار إلى يمين الوسط، حيث أوضح النائب إيفين إنسير، من مجموعة الاشتراكيين والديمقراطيين، أن نوابًا من مختلف الأطياف المؤيدة للديمقراطية توحّدوا خلف المطالبة بإجراءات ملموسة. وأعرب عن أمله بانضمام المزيد من النواب إلى البيان في ظل تفاقم الكارثة الإنسانية في غزة.

فرنسا تتجه نحو الاعتراف بدولة فلسطين

في خطوة مفصلية، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن بلاده ستعترف بدولة فلسطين خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2025، لتكون بذلك أول دولة في مجموعة السبع وأول عضو دائم في مجلس الأمن الدولي يتخذ هذه الخطوة. وتأتي هذه الخطوة بعد أن سبقتها عشر دول أوروبية، أبرزها السويد التي بادرت إلى الاعتراف عام 2014.

ماكرون شدد في رسالته إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس على أن الشعب الفرنسي يريد السلام، وأن الاعتراف بدولة فلسطين يندرج ضمن جهد دولي لإثبات إمكانية تحقيقه. كما أعلنت فرنسا نيتها تنفيذ عمليات إسقاط جوي للمساعدات فوق قطاع غزة بالتعاون مع بريطانيا، استجابة للاحتياجات الإنسانية المتفاقمة.

مواقف أوروبية متباينة حيال الاعتراف بفلسطين

أثار الموقف الفرنسي انتقادات شديدة من إسرائيل والولايات المتحدة. فقد وصف نتنياهو القرار بالخيانة من قبل “حليف مقرّب”، مدعيًا أن إقامة دولة فلسطينية في الظروف الحالية تشكل “منصة لإبادة إسرائيل”. كما انتقده وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو بوصفه “صفعة على وجه ضحايا 7 أكتوبر”.

في المقابل، أكدت ألمانيا أنها لا تنوي السير في هذا الاتجاه، معتبرة أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية يجب أن يكون نتيجة نهائية لمسار تفاوضي يُفضي إلى حل الدولتين. أما إيطاليا، فرفضت الاعتراف في غياب “دولة فلسطينية قائمة فعليًا”، فيما ينتظر الموقف البلجيكي الحسم في سبتمبر 2025.

هولندا تتخذ موقفًا تصعيديًا

في تطور غير مسبوق، أعلنت الحكومة الهولندية حظر دخول وزيرين إسرائيليين يمينيين متطرفين، هما إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، متهمةً إياهما بالتحريض على العنف والدعوة للتطهير العرقي في غزة. وأبلغت هولندا السفير الإسرائيلي بضرورة اتخاذ إجراءات فورية لتحسين الوضع الإنساني، فيما جاءت هذه الخطوة بعد ضغوط داخلية متصاعدة في هولندا وقبيل الانتخابات المقررة في أكتوبر 2025.

وقد سبق لكل من المملكة المتحدة، وكندا، وأستراليا، ونيوزيلندا، والنرويج أن فرضت عقوبات مماثلة على الوزيرين الإسرائيليين في يونيو الماضي، ما يعكس تزايد الغضب الدولي من سياسات الحكومة الإسرائيلية الحالية.

بريطانيا على عتبة تغيير في الموقف من القضية الفلسطينية

أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عن نيته الاعتراف بدولة فلسطين قبل اجتماعات الجمعية العامة في سبتمبر، ما لم تُظهر إسرائيل التزامًا ملموسًا بإنهاء الأزمة الإنسانية في غزة والدخول في عملية سياسية تؤدي إلى حل الدولتين. وأضاف أن الاعتراف مشروط أيضًا بإطلاق حماس لجميع الرهائن، وتخليها عن أي دور في الحكم، ونزع سلاحها بالكامل.

ويُعدّ هذا الموقف تحولًا جذريًا في السياسة البريطانية، إذ أعربت رئيسة لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم عن ترحيبها بالخطوة، فيما اعتبرت نائبة محافظة أن القرار قد يمثل “مكافأة لحماس” دون خطة واضحة لقيام الدولة الفلسطينية. أما النائب العمالي بلير ماكدوجال، فاعتبر أن الاعتراف يشكل “رافعة سياسية” حقيقية يمكن استثمارها لدفع مسار السلام، لكنه حذر من أن التحديات المقبلة ستظل جسيمة، وأن هذه الخطوة يجب أن تكون بداية لمسار طويل، لا نهايته.

https://hura7.com/?p=62781

الأكثر قراءة