وكالات ـ تزداد المخاوف من تصعيد ومنعطف جديد في القتال بأوكرانيا، بعدما أكدت وزارة الدفاع الأمريكية إرسال كوريا الشمالية نحو 10 آلاف جندي إلى روسيا للتدريب، مع احتمال انضمام جنرالات كوريين شماليين للجبهة الروسية، وفق ما أعلن نائب كوري جنوبي استنادا إلى معلومات استخباراتية.
أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية، أن كوريا الشمالية أرسلت نحو 10 آلاف جندي لتلقي تدريبات في روسيا، ما يمثل تعديلاً لتقديرات سابقة للبنتاغون التي أشارت إلى ثلاثة آلاف جندي. وقد أثار هذا الإعلان قلقًا لدى حلف شمال الأطلسي وبروكسل من تصعيد خطير.
منذ بداية حرب أوكرانيا في فبراير 2022، شهد التعاون العسكري بين موسكو وبيونغ يانغ تطورا ملحوظا، إلا أن مشاركة قوات كورية شمالية في الصراع قد تمثل تحولا بارزا. قال نائب كوري جنوبي استنادا إلى معلومات استخباراتية إن جنرالات من كوريا الشمالية قد يذهبون إلى الجبهة الروسية مع أوكرانيا.
وذكر النائب لي سيونغ كوون في ختام جلسة إحاطة مع جهاز الاستخبارات الوطني أن الجهاز “ينظر في احتمال أن يتوجه بعض الجنرالات الرفيعي المستوى إلى مناطق خط الجبهة”. وعلى صعيد آخر قالت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية ومسؤولون روس إن وزيرة خارجية كوريا الشمالية تشوي سون هوي في طريقها إلى موسكو في ثاني زيارة لها إلى روسيا خلال ستة أسابيع وسط مخاوف متزايدة بشأن تورط بيونغ يانغ في حرب أوكرانيا.
وقالت المتحدثة المساعدة باسم البنتاغون سابرينا سينغ “نعتقد أن جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية أرسلت نحو 10 آلاف جندي للتدريب في شرق روسيا”، وهو ما سيؤدي “على الأرجح” إلى “تعزيز القوات الروسية قرب أوكرانيا في الأسابيع المقبلة”. ولفتت إلى أن “قسما” من هذه القوات “اقترب بالفعل من أوكرانيا”. وأعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن أن إرسال كوريا الشمالية آلاف الجنود إلى روسيا يشكّل تطورا “خطيرا جدا”. وأكدت الولايات المتحدة أنها عبرت للصين عن قلقها إزاء نشر جنود كوريين شماليين في روسيا.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر إن واشنطن أوضحت للصين “أننا نشعر بقلق إزاء هذا الأمر وأنها يجب أن تشعر بقلق إزاء هذا العمل المزعزع للاستقرار من جانب جارتَيها روسيا وكوريا الشمالية”. والصين وروسيا حليفتان لبيونغ يانغ. من جهته، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الإثنين أن نحو 12 ألف جندي كوري شمالي سيكونون موجودين “قريبا” في روسيا لتلقّي تدريب، متوقعا رؤيتهم في مرحلة لاحقة في ساحة المعركة في أوكرانيا.
وتابع زيلينسكي خلال مؤتمر صحفي في إيسلندا “يوجد بالفعل 3000 جندي كوري شمالي على الأراضي الروسية. ووفقا لأجهزة استخباراتنا، سيبلغ عددهم قريبا 12 ألفا”، منددا مرة جديدة بـ”تصعيد” النزاع، ومحذّرا من أنّ روسيا “ستستخدمهم على أراضينا”.
أما الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول فاعتبر أن التعاون العسكري بين موسكو وبيونغ يانغ يشكل “تهديدا كبيرا للأمن العالمي”. وقال يون “هذا التعاون العسكري غير القانوني بين روسيا وكوريا الشمالية يمثل تهديدا كبيرا لأمن المجتمع الدولي ويمكن أن يشكل خطرا جسيما على أمننا القومي”.
ميدانيا، أحرز الجيش الروسي تقدما في الأراضي الأوكرانية بمقدار 478 كيلومترا مربعة، هو الأكبر على مدى شهر منذ مارس 2022، بحسب تحليل أجرته وكالة الأنباء الفرنسية استنادا إلى بيانات معهد دراسات الحرب الأمريكي.
بحلول 27 أكتوبر، سيطرت القوات الروسية على مساحة أكبر من تلك التي استولت عليها في شهري أغسطس وسبتمبر (477 و459 كيلومترا مربعة على التوالي) خاصة في شرق أوكرانيا. قبل ساعات من تصريحات البنتاغون، حذر الأمين العام الجديد لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته من تعزيز التعاون بين موسكو وبيونغ يانغ. وفي تصريحات أدلى بها في مقر الحلف في بروكسل قال روته إن بإمكانه التأكيد أنه تم إرسال وحدات عسكرية كورية شمالية إلى منطقة كورسك في غرب روسيا، محذّرا من أن ذلك يشكّل “تصعيدا كبيرا”.
وقال في مؤتمر صحفي إن “تعميق التعاون العسكري بين روسيا وكوريا الشمالية يشكّل تهديدا لأمن منطقتي المحيطين الهندي والهادئ وأوروبا والأطلسي”. وأضاف أن “نشر قوات كورية شمالية في كورسك (الروسية) هو مؤشر أيضا إلى تزايد اليأس الذي يشعر به بوتين”.
تنفّذ القوات الأوكرانية عملية عسكرية برّية في كورسك منذ أغسطس 2024 وباتت تسيطر على مئات الكيلومترات المربّعة من الأراضي الروسية. وأفاد روته بأن أكثر من 600 ألف جندي روسي قتلوا أو جرحوا منذ اندلاع النزاع، مضيفا أن الكرملين غير قادر على مواصلة الغزو من دون دعم خارجي.
عقب محادثة هاتفية مع الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول، أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين أن إرسال جنود كوريون شماليين “للمرة الأولى” لدعم الحرب العدوانية الروسية، يشكّل منعطفا. وقالت “إنه تصعيد خطير وتهديد للسلام العالمي”. ودعا زيلينسكي حلفاءه الغربيين إلى فرض عقوبات على روسيا وكوريا الشمالية.
واعتبر رئيس الإدارة الرئاسية في أوكرانيا أندريه يرماك في منشور على منصة إكس أن “العقوبات ليست كافية. نحن بحاجة إلى أسلحة وخطة واضحة لمنع كوريا الشمالية من التورط بشكل أكبر في الحرب في أوروبا”، مؤكدا أن “القوات الكورية الشمالية موجودة في منطقة كورسك”. وأضاف “اليوم، تقحم روسيا كوريا الشمالية، ومن ثم قد توسّع نطاق مشاركتها (في الحرب)، كما يمكن أن ترى أنظمة أخرى أنها تستطيع الإفلات من العقاب فتأتي وتقاتل الناتو”.
وخلص يرماك إلى القول إن “العدو يفهم لغة القوة. وحلفاؤنا يملكون هذه القوة”، في إشارة إلى المساعدة العسكرية التي تتوقعها كييف من حلفائها لمواجهة موسكو. من جهتها، أكدت كوريا الشمالية أن أي نشر لجنود في روسيا سيكون “وفق” القانون الدولي، بدون أن تؤكد أو تنفي وجودهم.