وكالات ـ يعكس التغيير في الاستراتيجية الأمريكية في الفترة الأخيرة من الحرب الدائرة في لبنان رغبة الولايات المتحدة في إضعاف حزب الله اللبناني كما يقول محللون. لكن في نفس الوقت هناك مخاطر من أن تؤدي هذه الاستراتيجية إلى تأجيج حرب أوسع نطاقاً.
الدبلوماسية الأمريكية تغيّر من نهجها في الصراع الدائر بين لبنان وإسرائيل
بعد دبلوماسية مكثفة على مدى أسابيع بهدف وقف إطلاق النار بين إسرائيل ومقاتلي حزب الله في لبنان، استقرت الولايات المتحدة على نهج مختلف تماما هو ترك الصراع الدائر في لبنان يأخذ مساره. بعدما طالبت الولايات المتحدة وفرنسا بوقف فوري لإطلاق النار قبل أسبوعين لمدة 21 يوماً لدرء غزو إسرائيلي بري للبنان، عادت الولايات المتحدة عن دعوتها لوقف إطلاق النار بحجة تغير الظروف بعد اغتيال إسرائيل للأمين العام لحزب الله حسن نصرالله وبدء العمليات البرية الإسرائيلية في جنوب لبنان.
في السياق، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر في مؤتمر صحفي “ندعم إسرائيل في شن هذه الهجمات بهدف تدمير البنية التحتية لحزب الله حتى نتمكن في نهاية المطاف من التوصل إلى حل دبلوماسي”.
تضارب في الأهداف الأمريكية من احتواء الصراع في الشرق الأوسط
يعكس هذا التغيير في المسار التضارب في الأهداف الأمريكية المتمثلة في احتواء الصراع المتنامي في الشرق الأوسط وفي الوقت ذاته إضعاف حزب الله المدعوم من إيران بشكل كبير. لكن هذا النهج الأمريكي الجديد محفوف بالمخاطر، يقول محللون، ذلك أن الحملة العسكرية الإسرائيلية الواسعة في لبنان وجنوبه تنذر باندلاع صراعٍ قد يخرج عن السيطرة.
في هذا المجال، يقول جون ألترمان المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأمريكية إن الولايات المتحدة تريد أن تؤدي الحملة الإسرائيلية إلى إضعاف قدرات حزب الله، بيد أن عليها أن توازن بين ذلك وبين احتمال “خلق فراغ” في لبنان أو إشعال فتيل حرب إقليمية. يضيف ألترمان أن نهج واشنطن يبدو كما يلي: “إذا لم نتمكن من تغيير النهج الإسرائيلي، فمن الأفضل أن نحاول توجيهه بطريقة بناءة”.
واشنطن ترى فوائد محتملة من العملية العسكرية الإسرائيلية في لبنان
أما المفاوض الأمريكي السابق إلى الشرق الأوسط آرون ديفيد ميلر فرأى أن واشنطن ليس لديها أمل يذكر في تقييد إسرائيل وأنها ترى فوائد محتملة في العملية. وقالت مصادر أوروبية مطلعة إنه لا توجد اليوم أي محادثات ذات مغزى لوقف إطلاق النار، وأضافت أن الإسرائيليين سيمضون قدما في عمليتهم في لبنان “لأسابيع إن لم يكن لأشهر”. وذكر مسؤولان أمريكيان أن ذلك قد يكون الإطار الزمني.
بالنسبة لواشنطن، قد تجلب الحملة الإسرائيلية فائدتين على الأقل. الأولى، هي أن إضعاف حزب الله قد يحدّ من نفوذ طهران في المنطقة ويقلل التهديد على إسرائيل والقوات الأمريكية. وتعتقد واشنطن أيضا أن الضغط العسكري قد يجبر حزب الله على وضع السلاح وتمهيد الطريق لانتخاب حكومة جديدة في لبنان من شأنها أن تهمش الجماعة اللبنانية التي تلعب دورا كبيرا في لبنان منذ عقود.
مسؤولون أمريكيون يعتبرون أن الهدف النهائي هو تطبيق قرار مجلس الأمن 1701 في لبنان وتأمين المنطقة الحدودية مع إسرائيل
أما جوناثان لورد المسؤول السابق في وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون والذي يعمل الآن في “مركز من أجل أمن أمريكي جديد” في واشنطن يقول إن ذلك سيكون صعب المنال. ويرى لورد أنه “من جهة، يشعر كثير من اللبنانيين بالانزعاج الشديد من وجود حزب الله في لبنان. لكن في الوقت نفسه يجري فرض هذا التغيير على لبنان عن طريق حملة عنيفة للغاية”.
ويقول مسؤولون أمريكيون إن الهدف النهائي هو تطبيق قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701 الذي كلف قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان “اليونيفيل” بمساعدة الجيش اللبناني في الحفاظ على منطقة حدوده الجنوبية مع إسرائيل خالية من الأسلحة أو أي مسلّحين بخلاف التابعين للدولة اللبنانية.
خطر الانزلاق إلى حرب أوسع نطاقاً قائم.. ومخاوف من أن يتحول لبنان إلى غزة أخرى
لكن هؤلاء المسؤولين الأمريكيين يعتبرون أن المحادثات مع الأطراف لتحقيق هذه الأهداف يمكن أن تتم في ظل استمرار القتال على الرغم من تحذير محللين من أن الصراع يزيد بشكل كبير من خطر اندلاع حرب أوسع نطاقا، خاصة وأن المنطقة تنتظر رد إسرائيل على الضربة الصاروخية الإيرانية. وبعيدا عن احتمال اندلاع حرب قد تجر الولايات المتحدة، هناك مخاوف من أن يتحول لبنان إلى غزة أخرى.
في هذا المجال، يرى ألترمان الذي يرأس حاليا برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية إنه من غير المرجح أن تنجح الدبلوماسية في وقف القتال في أي وقت قريب. وأضاف ألترمان أن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو يرى أن كل رهاناته تؤتي ثمارها، و” لذا من الصعب الاعتقاد بأن إسرائيل تشعر في هذه اللحظة بأنه يتعين عليها أن توقف ضغوطها العسكرية”.