السبت, فبراير 15, 2025
-1 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

أمن دولي ـ تنامي نفوذ موسكو في القطب الشمالي وراء اهتمام واشنطن بغرينلاند

خاص – ترجمة – تشرف القاعدة العسكرية الصغيرة التي يعمل بها نحو 80 فرداً على الأمن الدنماركي للجزيرة القطبية الشمالية الشاسعة التي تبلغ مساحتها نحو 2.1 مليون كيلومتر مربع. فحكومة غرينلاند تتمتع باستقلال ذاتي إلى حد كبير، لكن الجزيرة جزء من المملكة الدنماركية، وتحتفظ الدنمارك بالمسؤولية عن أمنها. وأوضح الرئيس الأميركي دونالد ترامب تصميمه على الاستيلاء على الجزيرة لصالح الولايات المتحدة، ولم يستبعد استخدام القوة الاقتصادية أو العسكرية. حيث كرر وجهة نظره بأن السيطرة الأميركية ضرورية “للأمن الدولي”، لأنه، كما أوضح، “هناك قوارب روسية في كل مكان. وهناك قوارب صينية في كل مكان، وسفن حربية. والدنمارك لا تستطيع الحفاظ على ذلك”.

وأوضح مارك جاكوبسن، المحلل في الكلية الدفاعية الملكية الدنماركية في كوبنهاغن، أن الولايات المتحدة تنظر منذ فترة طويلة إلى غرينلاند باعتبارها ذات أهمية حيوية لدفاعها. وأضاف: “لا شك أن هذا الأمر مهم من الناحية الجيوستراتيجية في الدفاع عن الأمن القومي الأميركي ضد الصواريخ الروسية. إن أقصر طريق للصواريخ الروسية نحو الولايات المتحدة يمر في القطب الشمالي، عبر غرينلاند”.

لقد استثمرت روسيا بشكل كبير في وجودها العسكري في القطب الشمالي في السنوات الأخيرة. حيث تستضيف قاعدتها الجوية في أقصى الشمال في ناغورسكوي على الساحل الشمالي لسيبيريا قاذفات استراتيجية قادرة على حمل رؤوس نووية وأنظمة صواريخ ومراقبة. وتجوب الغواصات النووية الروسية بحار القطب الشمالي، في حين يعمل أسطول متنامٍ من كاسحات الجليد التي تشغلها الطاقة النووية على إظهار قوة الكرملين في جميع أنحاء المنطقة.

وأجرت الصين وروسيا تدريبات عسكرية مشتركة في القطب الشمالي. كما تسعى بكين إلى الوصول إلى المعادن الثمينة الموجودة تحت الجليد. ويقول جون رابك كليمنسن، من الكلية الدفاعية الملكية الدنماركية: “هناك بالتأكيد تهديد، وخاصة من القدرات العسكرية الروسية في تلك المنطقة. وتتحرك دول حلف شمال الأطلسي الآن لزيادة قدراتها”.

وكانت كوبنهاغن قد أعلنت في ديسمبر 2024 عن خطط للاستثمار في طائرات استطلاع بدون طيار جديدة وسفينتين جديدتين وأفراد إضافيين، إلى جانب تحديث قاعدة جوية قائمة لاستيعاب طائرات مقاتلة من طراز إف-35. ولم يتم تحديد التكلفة الدقيقة بعد، لكن الحكومة قالت إنها ستنفق “مبلغاً مزدوج الرقم” بالكرونة الدنماركية، أو 1.5 مليار دولار على الأقل.

لكن وزير الدفاع ترويلس لوند بولسن اعترف بأن الحكومة فشلت في الاستثمار في أمن غرينلاند. وأضاف: “لقد أهملنا لسنوات عديدة إجراء الاستثمارات اللازمة في سفننا، وفي الطائرات التي ستساعد في مراقبة مملكتنا، وهذا ما نحاول الآن أن نفعل شيئاً حياله. ونأمل أن نعمل على إنشاء حزمة استثمارية من شأنها أن تعزز قدرتنا على مراقبة ما يحدث في القطب الشمالي، فضلاً عن توفير بعض القدرات الجديدة”. ولفت جاكوبسن إلى أن الدنمارك تأمل في أن تساهم هذه التحديثات في “تلبية المطالب الأميركية بزيادة مراقبة غرينلاند”.

وكان الجيش الأميركي موجوداً في غرينلاند منذ الحرب العالمية الثانية، عندما تم نشر القوات الأميركية في الجزيرة. وفي ذروة الانتشار الأميركي، استضافت غرينلاند أكثر من 10 آلاف فرد من أفراد الخدمة الأميركية. وتعد قاعدة بيتوفيك الفضائية على الساحل الشمالي الغربي للجزيرة، والمعروفة سابقاً باسم قاعدة ثولي الجوية، المنشأة العسكرية الأكثر أهمية للولايات المتحدة. وهي تستضيف الآن حوالي 200 عسكري، إلى جانب أنظمة الإنذار الصاروخي والدفاع والمراقبة الفضائية.

وتعتمد الحماية العسكرية لغرينلاند في الواقع على الولايات المتحدة. والسؤال الكبير هو ما إذا كانت الأخيرة تريد تعزيز هذا الوجود، ربما لتكون قادرة على القيام بأنواع أخرى من العمليات العسكرية في تلك المنطقة. وهذا ربما هو السبب وراء تعامل المسؤولين الدنماركيين مع القضية بطريقة تحافظ على العلاقات الجيدة مع الولايات المتحدة. كما تحاول الحكومة الدنماركية التطرق إلى كلمة “السيطرة” التي يستخدمها ترامب، وهي مصطلح غامض للغاية. فماذا تعني السيطرة؟ هل تعني امتلاك قطعة من الأراضي؟ أم أنها تعني وجود قدر معين من المعدات العسكرية على تلك الأراضي؟

في مركز القيادة الدنماركي للقطب الشمالي في نوك، يرفرف العلم الأميركي إلى جانب ألوان الدنمارك وغرينلاند وجزر فارو. كما يستضيف المبنى القنصلية الأميركية – وهي علامة على أن العلاقات الأميركية – الدنماركية لا تزال ودية. وقبل تنصيب ترامب، أفادت السفارة الأميركية في كوبنهاغن بأنه لا توجد خطط لتوسيع الوجود العسكري الأميركي في الجزيرة.

وتأمل الدنمارك وحلفاؤها الأوروبيون في أن تكون تعليقات ترامب جزءاً من استراتيجية لإجبار حلفاء الناتو على إنفاق المزيد على الدفاع. فهناك عنصر مهم يتعلق بشخصيته، والذي يجلبه إلى الطريقة التي يتم بها تنفيذ الدبلوماسية الأميركية، أو دبلوماسيته الخاصة. ففي ضوء إيجابي، إذا زادت الولايات المتحدة من منسوب وجودها في القطب الشمالي، فإنها ستزيد من وجود حلف شمال الأطلسي.

https://hura7.com/?p=42632

الأكثر قراءة