السبت, يناير 18, 2025
-0.5 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

أمن دولي ـ ما هو وضع جرينلاند داخل الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي؟

خاص – ترجمة

ضاعف الرئيس الأميركي دونالد ترامب تهديده باستخدام القوة العسكرية للسيطرة على جرينلاند، وهي إقليم يتمتع بالحكم الذاتي تابع لمملكة الدنمارك، مما أثار التوترات مع حلفائه الأوروبيين. إذ أكد ترامب أن الدنمارك يجب أن تتنازل عن أراضيها المتمتعة بالحكم الذاتي للولايات المتحدة “لحماية العالم”، وهدد بفرض عقوبات اقتصادية على الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي إذا لم تفعل ذلك.

إن اهتمام ترامب بجرينلاند، أكبر جزيرة في العالم والتي يقطنها حوالي 57 ألف شخص، معروف منذ رئاسته الأولى عندما ورد أنه أطلع مساعديه على وضع خطط لشراء الجزيرة. وتشكّل الجزيرة حاضنة للمواد الخام الحيوية والمعادن النادرة. كما أن ذوبان الجليد في القطب الشمالي يفتح الباب أمام فرص استراتيجية للتجارة والطاقة والنقل في منطقة من العالم يتنافس عليها الخصوم الجيوسياسيون من أجل النفوذ.

لكن خطاب ترامب الأخير أثار حفيظة أوروبا، حيث ردت رئيسة الوزراء الدنماركية ميت فريدريكسن: “جرينلاند ليست للبيع ولن تكون كذلك في المستقبل أيضاً”. وحذر وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، ترامب، من تهديد “الحدود السيادية” للاتحاد الأوروبي. وقال متحدث باسم المفوضية الأوروبية “يجب احترام سيادة دول الاتحاد الأوروبي” .

ما هو وضع جرينلاند داخل الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي؟

بعد أن كانت جرينلاند إقليماً تابعاً للنرويج والدنمرك لعدة قرون، أصبحت رسمياً جزءاً من الدنمارك في عام 1953، وأصبحت إقليماً دنمركياً يتمتع بالحكم الذاتي في عام 1979. وتتمتع حكومتها بسلطة تشريعية مستقلة بشأن مجموعة من القضايا بما في ذلك الضرائب والتجارة والعدالة، لكن الدنمارك لا تزال تتمتع بقبضة قوية على الشؤون الخارجية وسياسة الدفاع في الإقليم.

على الرغم من أن جرينلاند ليست دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، فإن وضعها كإقليم تابع للاتحاد الأوروبي في الخارج يمنحها إمكانية الوصول إلى تمويل الاتحاد وحرية التنقل لسكانها، الذين يُعتبرون مواطنين في الاتحاد الأوروبي. وتخضع هذه المنطقة أيضاً لاتفاقية شمال الأطلسي، مما يعني أن أي هجوم على جرينلاند من شأنه أن يجبر حلفاء آخرين في حلف شمال الأطلسي، بما في ذلك الولايات المتحدة، على الدفاع عنها.

لماذا يستهدف ترامب جرينلاند؟

استشهد الرئيس المنتخب بدوافع تتعلق بالأمن القومي لاهتمامه بالجزيرة، ولكنها تُعتبر أيضاً حاضنة استراتيجية للمواد الحيوية في السباق الجيوسياسي للهيمنة الاقتصادية. ويعني تراجع الجليد في القطب الشمالي طرقاً تجارية أقصر وأسرع، فضلاً عن المزيد من الفرص لحفر النفط واستخراج المعادن.

يقول ميكيل رونج أوليسن من المعهد الدنماركي للدراسات الدولية لـ”يورونيوز” إن الأهمية الاستراتيجية لجرينلاند تنمو في أوقات عدم الاستقرار الجيوسياسي. وأضاف أوليسن: “إذا كانت العلاقات بين القوى العالمية جيدة، وخاصة في القطب الشمالي، فإن جرينلاند تصبح أقل قيمة من الناحية الاستراتيجية. ومع استعداد الولايات المتحدة لمزيد من المواجهة مع روسيا والصين، يصبح وجود جرينلاند أكثر أهمية”.

وتابع أن “المصلحة الاستراتيجية للولايات المتحدة في جرينلاند تتعلق بوجودها بقدر ما تتعلق بمنع وجود منافسيها”. فأقصر طريق من أميركا الشمالية إلى أوروبا يمر عبر القطب الشمالي وفوق جرينلاند، مما يجعله بالغ الأهمية لنظام الإنذار المبكر من الصواريخ الباليستية في الولايات المتحدة. وتُعدّ قاعدة بيتوفيك الفضائية، المعروفة سابقاً باسم قاعدة ثولي الجوية، في جرينلاند القاعدة العسكرية الأكثر شمالاً للولايات المتحدة.

كيف يمكن للضغط الحالي من أجل استقلال جرينلاند أن يغير الأمور؟

اكتسبت حركة الاستقلال زخماً في جرينلاند، مدعومة بالكشف عن سوء سلوك السلطات الدنماركية خلال القرن الماضي، بما في ذلك حملة تنظيم النسل غير الطوعية التي فرضت على النساء الجرينلانديات في الستينيات والسبعينيات.

وبموجب اتفاق تم التوصل إليه مع الدنمارك في عام 2009، تستطيع جرينلاند إجراء استفتاء على الاستقلال، وهو الاحتمال الذي ألمح إليه رئيس الوزراء موتي إيجيدي خلال خطابه في يناير 2025. وقال إيجيدي: “إن التاريخ والظروف الحالية أظهرتا أن تعاوننا مع مملكة الدنمارك لم ينجح في خلق المساواة الكاملة”.

وفي حين أنه من غير الواضح حالياً ما إذا كانت جرينلاند المستقلة قد تسعى إلى عضوية حلف شمال الأطلسي، فإن العديد من الخبراء يشيرون إلى مثال أيسلندا، التي أصبحت عضوا في حلف شمال الأطلسي بعد حصولها على الاستقلال عن الدنمارك.

وتجعل التداعيات الاقتصادية المحتملة الاستقلال أقل جاذبية بالنسبة للبعض، إذ تظل المنطقة تعتمد بشكل كبير على تمويل الحكومة الدنماركية، والذي يصل إلى نحو 600 مليون يورو سنوياً. لكن الولايات المتحدة قد ترى فرصة لتقديم الدعم الاقتصادي لجرينلاند المستقلة في مقابل مزيد من النفوذ على المنطقة. وأكدت وزارة الخارجية الدنماركية أنه في حين يمكن لجرينلاند أن “تصبح مستقلة”، إلا أنها لا تستطيع أن تصبح ولاية أميركية.

كيف يمكن للاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي أن يتصرفا إذا استولى ترامب على جرينلاند بالقوة؟

إن خطاب ترامب مثير للقلق بشكل خاص لأنه يلمح إلى استخدام القوة العسكرية ضد دولة أخرى عضو في حلف شمال الأطلسي، وهي الدنمارك، والتي تلتزم الولايات المتحدة من الناحية الفنية بحمايتها بموجب معاهدة شمال الأطلسي.

ورغم أن التوترات بين الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي ليست غير مسبوقة ــ النزاعات الإقليمية بين اليونان وتركيا هي أحد الأمثلة ــ فإن تهديدات ترامب ضد الدنمارك تأتي وسط مخاوف أوروبية متزايدة من أن إدارته القادمة سوف تضعف التحالف العسكري الذي كان حاسماً للغاية في حرب أوكرانيا.

ويمكن للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، مثل الدنمارك أيضاً، تفعيل المادة 42.7 من معاهدة الاتحاد الأوروبي، المعروفة باسم “بند المساعدة المتبادلة”، لإلزام الدول الأعضاء الأخرى بتقديم المساعدة لها عندما تتعرض للهجوم. وأكد متحدث باسم المفوضية الأوروبية أن الجزيرة سوف تستفيد من هذا البند.

قد يكون خطاب ترامب وحده كافياً لجعل الحلفاء الأوروبيين يشعرون بعدم الارتياح. ذلك أن الكتلة الأوروبية ذاتها تشعر بالتوتر إزاء تراجع قدرتها التنافسية في مواجهة المنافسين العالميين وأمنها، الذي أصبح مهدداً بسبب حرب أوكرانيا.

https://hura7.com/?p=41444

الأكثر قراءة