خاص – ترجمة – أعلن الرئيس الأميركي المنتخب أن أعضاء التحالف العسكري يجب أن ينفقوا 5% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع ــ وهي زيادة هائلة عن الهدف الحالي البالغ 2% ومستوى لم تصل إليه أي دولة عضو في حلف شمال الأطلسي، بما في ذلك الولايات المتحدة.
جاءت تعليقات ترامب بمثابة تذكير بتركيزه على إنفاق حلف شمال الأطلسي خلال ولايته الأولى وتهديداته بعدم حماية الحلفاء الذين يفشلون في تحقيق الهدف. وقال مسؤولون من دول حلف شمال الأطلسي إنهم يتفقون على ضرورة زيادة الإنفاق الدفاعي، لكنهم لم يؤيدوا نسبة 5%، التي قال محللون إنها ستكون مستحيلة سياسياً واقتصادياً بالنسبة لجميع الدول الأعضاء تقريباً. وسوف تتطلب مئات المليارات من الدولارات من التمويل الإضافي.
ومع ذلك، من المرجح أن يتم الاتفاق على هدف جديد في قمة حلف شمال الأطلسي في لاهاي في يونيو 2025، بسبب المخاوف من أن روسيا قد تهاجم دولة عضو في حلف شمال الأطلسي بعد أوكرانيا وتحذيرات ترامب، حسبما قال مسؤولون. والأسئلة المفتوحة الرئيسية هي حول الهدف الجديد وما إذا كان سيكون كافياً لإرضاء ترامب.
ويتوقع البعض أن تتفق الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي البالغ عددها 32 دولة، بعد كثير من الجدل، على هدف يبلغ نحو 3% من الناتج المحلي الإجمالي. ولكن حتى هذا الهدف قد يكون بعيد المنال بالنسبة للعديد من الدول، التي بالكاد تحقق هدف 2% أو تتخلف عنه الآن ــ بعد مرور عقد من الزمن على تحديده.
وصرح وزير الدفاع الإيطالي جيدو كروسيتو لرويترز: “يبدو أن التحول سيحدث. لا أعتقد أن النسبة ستكون 5% وهو أمر مستحيل بالنسبة لكل دول العالم تقريباً لكنها لن تكون 2% وهو ما نكافح بالفعل للوصول إليه لكنها ستكون أكثر من 2%”. وتُعدّ إيطاليا، التي يبلغ إنفاقها الدفاعي نحو 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي، من بين الدول الأعضاء الثماني في حلف شمال الأطلسي التي لا تحقق الهدف الحالي.
وبدورها، تُعدّ بولندا، التي تقع على الحدود مع أوكرانيا، العضو في حلف شمال الأطلسي الذي ينفق أعلى حصة من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع ــ 4.12% العام 2024، وفقاً لتقديرات الحلف – وتليها إستونيا بنسبة 3.43% والولايات المتحدة بنسبة 3.38%.
وقد قدّر حلف شمال الأطلسي الإنفاق الدفاعي المشترك لأعضائه بنحو 1.474 تريليون دولار في عام 2024 – حوالى 968 مليار دولار من الولايات المتحدة و507 مليار دولار من الدول الأوروبية وكندا. ويبلغ المتوسط الإجمالي حوالي 2.71% من الناتج المحلي الإجمالي لحلف شمال الأطلسي.
ويرى بعض المسؤولين والمحللين أن اقتراح ترامب نسبة الـ5% هو بمثابة عرض افتتاحي مرتفع بشكل متعمد لبدء جولة من المفاوضات، ويتوقعون أنه قد يكتفي بشيء أقرب إلى 3%. فخلال حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية العام 2024، اقترح ترامب هدفاً بنسبة 3%، مضيفاً أن هذا يعني زيادة ميزانية الدفاع بنحو 30% لمعظم دول حلف شمال الأطلسي.
وبسبب المخاوف الأوروبية المرتبطة بحرب أوكرانيا، عمدت العديد من الدول الأوروبية إلى زيادة إنفاقها الدفاعي. ولكن مع ضيق المالية العامة، وعدم شعبية الإنفاق الدفاعي سياسياً في بعض البلدان، فلن يكون من السهل على الحكومات أن تجد المليارات الإضافية التي قد يستلزمها حتى مجرد التحرك لإنفاق 3% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع.
ورغم أن ترامب شبه الإنفاق الدفاعي لحلف شمال الأطلسي برسوم عضوية التحالف، إلا أن هذه النفقات تعكس الميزانيات التي تحددها الحكومات الوطنية. تقول فينيلا ماكجيرتي، خبيرة اقتصاديات الدفاع في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، إن الزيادات الأخيرة كانت “ملحوظة”، لكن الأمر يستغرق سنوات حتى تبدأ البلدان في الوصول إلى أهداف جديدة.
وأضافت: “حتى لو استمرت أوروبا في هذا المعدل من النمو الاستثنائي – والذي يتجاوز 10% من حيث القيمة الحقيقية في عام 2024 – فسوف يستغرق الأمر عشر سنوات أخرى للوصول إلى 3% من الناتج المحلي الإجمالي”.
ومع ذلك، تقول العديد من الحكومات الأوروبية إن القارة يجب أن تبذل المزيد من الجهود للدفاع عن نفسها وتعتمد بشكل أقل على الولايات المتحدة. وتسعى فرنسا ودول البلطيق إلى الحصول على اقتراض مشترك من الاتحاد الأوروبي لتمويل الإنفاق الدفاعي. وقد تعتمد نتيجة هذا النقاش على الانتخابات الوطنية المقررة في فبراير 2025 في ألمانيا، التي عارضت الفكرة .
وقد أوضح كاميل جراند، الذي شغل في السابق منصب المسؤول الأعلى لحلف شمال الأطلسي للاستثمار الدفاعي، أن الحلفاء الأوروبيين يحتاجون إلى إنفاق المزيد لتطوير القدرات التي توفرها الولايات المتحدة حالياً مثل التزود بالوقود جواً، والنقل الجوي العسكري الثقيل، والحرب الإلكترونية، من أجل أن يصبحوا أكثر اعتماداً على أنفسهم. وتابع جراند، الذي يعمل الآن مع المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية وهو مؤسسة بحثية: “كل هذه الأشياء تكلف الكثير من المال. وبعضها سلع باهظة الثمن”.
أما ماري أغنيس ستراك زيمرمان، رئيسة اللجنة الفرعية للدفاع في البرلمان الأوروبي، فتقول إنه يجب على أوروبا زيادة الإنفاق لا التركيز على رقم تعسفي. وأضافت: “نحن بحاجة إلى حشد المزيد من الأموال، ولكن لا ينبغي لنا أن نسمح لترامب بأن يقودنا إلى الجنون”.