خاص – ترجمة – كان لواء الفاطميين مكوّنًا من جماعات أفغانية تمّ جلبها من إيران، في حين كان لواء زينبيون مكوّنًا من جماعات باكستانية. وفي ذروة الصراع السوري، خاضت الجماعتان معارك كبرى، ما ساعد النظام السوري على استعادة الأراضي المفقودة من داعش، بما في ذلك تدمر وحلب في العام 2016 والرقة ودير الزور في العام 2017.
ولكن عندما تمكنت الجماعات المسلحة من الإطاحة بالنظام السوري، تخلت معظم الجماعات الأخرى عن مواقعها وفرّ عناصرها. يقول فيليب سميث، الباحث في الشأن الإيراني: “لقد انهارت هذه الجماعات بسرعة كبيرة لدرجة أن القواعد المركزية التي كنت أعرف يقينًا أنها محاطة بما لا يقل عن آلاف من العناصر أصبحت فارغة”.
ولا يزال مكان تواجد هذه الجماعات غير مؤكد. لكن يعتقد الخبراء أنه من غير المرجح أن تقوم إيران بتفكيكها في وقت تعاني فيه حماس وحزب الله ــ وهما عضوان آخران في محور المقاومة ــ من الضربات الإسرائيلية المدمرة.
أضاف سميث أن إيران تحتاج إلى قوات مثل هذه الجماعات: “لم يعد بوسع إيران الاعتماد على حزب الله اللبناني. كما على الكثير من الشركاء الإقليميين الآخرين، لذا أعتقد أنه يتعين عليها التفكير بطريقة مختلفة”.
وكان لواءا الفاطميون والزينبيون قد ظهرا في بداية الصراع السوري عندما بدأ داعش في توسيع نفوذه. ظهرت فرقة “فاطميون” في العام 2012 بعدد قليل من المتطوعين الأفغان. وقد قاتل بعضهم في الحرب الإيرانية العراقية في الثمانينيات والحرب الأهلية الأفغانية في التسعينيات، بينما كان آخرون يعيشون كلاجئين في سوريا.
وفي البداية قاتلوا إلى جانب جماعات مسلحة أخرى موالية للنظام السوري، ثم ظهروا كجماعة مستقلة في العام 2013، بقيادة قادة عسكريين إيرانيين، وفقا لسميث.
أما مجموعة “زينبيون” الباكستانية، وهي المجموعة الأصغر بين المجموعتين، فكانت في البداية جزءًا من مجموعة “فاطميون” الأفغانية، وفقًا لسميث. لكن الباكستانيين لم ينسجموا مع الأفغان، لذا قرر الحرس الثوري الإسلامي الإيراني فصلهم. وعلى الرغم من النفي الأولي، فإن تورط الحرس الثوري الإيراني في تجنيد وتسليح وتدريب وتمويل الجماعتين كان سراً مكشوفًا، وفقاً للباحثين.
وقد استخدم الحرس الثوري الإيراني مزيجاً من الحوافز والإكراه لتجنيد اللاجئين والمهاجرين الأفغان. وعُرضت الأموال على الأفغان غير الحاصلين على وثائق ووعدوا بمنحهم وضعاً قانونياً. وأُخرج بعضهم من السجون ووعدوا بمحو سجلاتهم الجنائية إذا انضموا إلى لواء “فاطميون”.
وكان آخرون مدفوعين بدوافع دينية وأيديولوجية، وعازمين على الدفاع ضد داعش. امتدت جهود التجنيد إلى أفغانستان وباكستان، حيث قامت الجماعات المتحالفة مع إيران بتجنيد المتطوعين، ما أثار انتقادات من جانب السلطات.
وبحسب فخر حياة كاكاخيل، وهو باحث في شؤون الجماعات المسلحة في باكستان، فإن العديد من أعضاء لواء “زينبيون” تم تجنيدهم من منطقة كورام القبلية ذات الأغلبية الشيعية في باكستان، ومنطقة جيلجيت، وجنوب البنجاب، وسكان الهزارة في كويتا.
ومع اشتداد حدة الصراع وظهور داعش كقوة فعّالة، تضخمت صفوف المجموعتين. ففي العام 2015، أفادت إحدى وسائل الإعلام التابعة لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية أن لواء “فاطميون” تمّت ترقيته من لواء إلى فرقة، ما يشير إلى أنه يضم ما بين 10 إلى 20 ألف جندي. هذا ويقدّر سميث عددهم بنحو 5000 إلى 10000 مقاتل. وكان عدد لواء “زينبيون” نصف هذا العدد تقريبًا، إذ بلغ عدد مقاتليه 2500 إلى 4000 مقاتل.
لعبت المجموعتان دورًا مهمًا خلال الصراع السوري، حيث عملتا كركائز أساسية لدعم النظام السوري. وفي نقاط مختلفة أثناء الصراع، عملت المجموعتان في جميع محافظات سوريا تقريبًا، وكانت مهمتهما “استعادة السيطرة على المناطق من داعش ثم الدفاع عن الجيش السوري والقواعد العسكرية الموالية له”. وكان أعضاء لواءي “فاطميون” و”زينبيون” شاركوا أيضًا في معارك في حلب وجنوب سوريا.
وفي العام 2018، قال مسؤول في لواء “فاطميون” إن 2000 من مقاتليهم قُتلوا وجُرح 8000 منهم. في حين لم تتوفر أي أرقام عن خسائر لواء “زينبيون”. وقال سميث إن الفاطميين كانوا يستخدمون في كثير من الأحيان كـ”وقود للمدافع”.
لا يزال من غير المؤكد إلى أين ذهب مقاتلو الجماعتين لكن التقارير أشارت إلى أن بعضهم نُقلوا جواً إلى إيران برفقة قوات الحرس الثوري. ويقال إن آخرين عبروا إلى العراق المجاور أو لحقوا بقوات حزب الله في لبنان. ويتوقع سميث أن بعض بقايا المجموعتين ربما لا تزال في سوريا، في انتظار الإجلاء. ولكن العودة إلى أفغانستان وباكستان تبدو غير محتملة.