خاص – ترجمة – أصدرت روسيا تحذيراً يندد بـ”الانتهاكات” المزعومة التي تقوم بها سفن تابعة لدول أعضاء في حلف شمال الأطلسي في بحر البلطيق. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن هذا النشاط يجري تحت غطاء مهمة الدوريات البحرية للتحالف الدولي.
انطلقت مهمة “حارس البلطيق” التابعة لحلف شمال الأطلسي في 14 يناير 2025، حيث وافقت الدول الأعضاء على نشر أسطول قبالة سواحل إستونيا لحماية كابلات الاتصالات البحرية الرئيسية، في أعقاب حوادث التخريب المتعددة.
ومن المرجح أن يؤدي تحذير روسيا بشأن مراقبة “انتهاكات” الأسطول المزعومة إلى تصعيد المواجهة بين موسكو والغرب في منطقة ينظر إليها كل من الجانبين على أنها بالغة الأهمية لمصالحهما الاستراتيجية. وكانت التوترات مرتفعة بالفعل بين حلف شمال الأطلسي وروسيا بسبب استمرار الحلفاء في دعم كييف ومساعدتها العسكرية.
نددت زاخاروفا بأفعال أسطول الناتو في بحر البلطيق، وقالت: “من الواضح أن خطوات حلف شمال الأطلسي تهدف في المقام الأول ليس إلى تعزيز الأمن، بل إلى احتواء بلدنا”. وأضافت: “نحن نتحدث عن محاولة، غير منسقة مع روسيا وغيرها من الشركاء الدوليين المهتمين، لإنشاء حواجز اصطناعية أمام الشحن في بحر البلطيق”.
وأشارت إلى أن التحالف ينتهك القانون الدولي من خلال حماية الكابلات البحرية لأنها غير مدرجة ضمن قوانين حرية الملاحة، مضيفة أن روسيا “بالطبع، سوف تراقب عن كثب الوضع في بحر البلطيق وترد بشكل مناسب على الانتهاكات التي ترتكبها سفن حلف شمال الأطلسي”.
وأدلى نائب وزير الخارجية الروسي ألكسندر جروشكو بتصريح مماثل لما قالته زاخاروفا حيث أعلن أن روسيا ستفعل “كل ما هو ضروري لضمان” تأمين مصالحها، ليس فقط في حوض بحر البلطيق ولكن المنطقة ككل، في ما يتصل “بالمكون العسكري”. وتابع: “في ما يتعلق بانضمام السويد وفنلندا إلى حلف شمال الأطلسي، فقد تم بالفعل الإعلان عن بعض التدابير، بما في ذلك إعادة تأسيس المنطقة العسكرية في لينينغراد والمنطقة العسكرية في موسكو وإنشاء فيلق كاريليان، فضلاً عن العديد من الأمور الأخرى التي تعتبر ضرورية”.
وتم إطلاق مهمة “البلطيق الحارس”، والتي من المقرر أن تستمر ” لفترة زمنية غير معلنة “، ردًا على الأضرار التي لحقت بالكابلات البحرية التي تربط إستونيا وفنلندا في 25 ديسمبر 2024، مما أدى إلى إعلان التضامن من قبل الحلفاء مع البلدين في 30 ديسمبر 2024.
ويُشتبه في أن السفن المرتبطة بروسيا والصين تقف وراء العديد من حوادث التخريب المزعومة. حيث تعرض كابل الطاقة Estlink 2 بين فنلندا وإستونيا لأضرار في 25 ديسمبر 2024، مع اعتبار موسكو المشتبه به الرئيسي. وقبل ذلك، انقطع كابل الاتصالات C-Lion1 بين فنلندا وألمانيا وكابل الاتصالات بين السويد وليتوانيا في نوفمبر 2024، مع توجيه الشكوك إلى سفينة الشحن الصينية Yi Peng 3.
وأكد مسؤولون في الاستخبارات الغربية لصحيفة واشنطن بوست إنهم لم يعثروا على أدلة تدعم مزاعم قيام روسيا بتخريب الكابلات البحرية، وإن التحقيق وجد أن الضرر كان عرضياً على الأرجح. وقد شكك مسؤولون حاليون وسابقون في حلف شمال الأطلسي في صحة هذه الحجة، بما في ذلك الرئيس الفنلندي ألكسندر ستوب، الذي قال إنه لم يتم التوصل إلى أي استنتاجات حتى الآن بشأن من يقف وراء الضرر الذي لحق بالكابل.
بدوره، أكد وزير خارجية ليتوانيا كيستوتيس بودريس إطلاق مهمة “Baltic Sentry”. وأضاف: “التقاعس عن العمل مقامرة خطيرة – وهو لا يؤدي إلا إلى تفاقم الأمور. أصبح بحر البلطيق منطقة نشاط معادٍ، حيث تسيء روسيا استخدام قواعد الشحن والطيران، وتشوش على نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، مما يتسبب في مخاطر بيئية وأمنية. ويجب علينا السيطرة على حركة المرور البحرية وتجريم الانتهاكات ونشر القوات البحرية التابعة لحلف شمال الأطلسي لتأكيد الهيمنة وأمن بحر البلطيق”.
وبحسب بيكا كاليونيمي، وهو زميل أبحاث فنلندي غير مقيم في المركز الدولي للدفاع والأمن: “تستهدف عمليات التخريب في بحر البلطيق الآن البنية التحتية الحيوية مثل كابلات الإنترنت والطاقة، وهي روابط حيوية للاتصالات والتجارة الأوروبية. ويُزعم أن روسيا وحلفاءها يستخدمون هذه الأعمال لاختبار قدرة الناتو على الصمود والاستجابة”.
وأضاف: “إن العمليات الهجينة التي يشنها الكرملين تتسم بالذكاء إلى الحد الذي يجعلها لا تتجاوز الخطوط الحمراء التي قد تستدعي تدخلاً فعلياً من جانب حلف شمال الأطلسي. إن قطع بعض الكابلات “عن طريق الخطأ” لا يستدعي اللجوء إلى المادة الخامسة للناتو، ولهذا السبب كما يزعمون يواصلون القيام بهذه العمليات”.
وتابع: “إن تخريب الكابلات تحت الماء هو في الأساس أداة استراتيجية. فهو يقوض الوحدة الإقليمية ويصعد التوترات، وأحياناً حتى بين حلفاء الناتو. والأمثلة كثيرة، بما في ذلك إتلاف المرساة لخطوط الأنابيب مثل Balticconnector، الذي قطعته سفينة ترفع علم هونغ كونغ في أكتوبر 2023”.
لقد قامت روسيا بالفعل بتجديد مناطقها العسكرية بهدف التركيز بشكل أكبر على منطقة البلطيق، كجزء من تحديث بوتين للعقيدة العسكرية الروسية. لكن يبقى أن نرى ما إذا كانت موسكو ستتخذ خطوات أكثر واقعية للرد على الوجود المتزايد لحلف شمال الأطلسي في بحر البلطيق.