DW – تحاول طهران إعادة تقييم علاقاتها مع واشنطن والتقارب مع أصدقائها في العالم العربي بعد فوز ترامب في الانتخابات، فهل يقود ذلك إلى تطبيع العلاقات بين إدارة ترامب والحكومة الإيرانية؟
في يناير 2025، يتولى دونالد ترامب السلطة في البيت الأبيض لأربع سنوات إضافية. غير أن فترة ولايته الأولى شهدت أدنى مستوى للعلاقات الإيرانية – الأمريكية. غير أن إيران ترى في الولاية الثانية لترامب “فرصة لإعادة النظر في السياسات الخاطئة السابقة”، حسب تصريح إسماعيل بقائي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية. ففي أول رد فعل له على نتائج الانتخابات الأمريكية، قال “لدينا تجارب سيئة للغاية مع سياسات وإجراءات الحكومات الأمريكية السابقة”.
على مدى أربعة عقود بقيت العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران متوترة للغاية. ومن بين النقاط الخلافية المستمرة حتى اليوم، هناك البرنامج النووي الإيراني المثير للجدل، وكذلك العداء بين إيران وإسرائيل، الحليف الأمريكي في الشرق الأوسط. وهدد وزير الدفاع الإسرائيلي الجديد، إسرائيل كاتس، بالهجوم على المنشآت النووية الإيرانية. وكتب كاتس بعد أول لقاء له مع الأركان العامة الإسرائيلية على منصة “إكس”: “لدينا الفرصة لتحقيق هدفنا الرئيسي، وهو القضاء على التهديد الوجودي لدولة إسرائيل”.
في عام 2018، أعلن ترامب خلال ولايته الأولى انسحابه ، من الاتفاق النووي مع إيران. وجاء هذا الاتفاق عد 12 عاما من المفاوضات الدولية المضنية. وقد أراد ترامب إبرام “صفقة أفضل” من التي توصلت إليها الحكومة الأمريكية السابقة. وقبيل انتهاء ولايته، أمر ترامب في عام 2020 باغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني عبر غارة بطائرة مسيرة في العاصمة العراقية بغداد. وكان سليماني قائدًا رفيع المستوى في الحرس الثوري ومسؤولًا عن العمليات الخارجية.
محادثات عبر طرف ثالث؟
كانت اللهجة تجاه طهران قاسية منذ بداية الحملة الانتخابية بين ترامب والمرشحة الديمقراطية المنافسة له كمالا هاريس، حيث اتهم ترامب القيادة الإيرانية بالتخطيط لاغتياله وهدد بتدمير إيران. وقد انتقد ترامب الجمهوري مرارًا الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن لكونه ضعيفًا تجاه طهران، مؤكداً أنه سيغير الأمور تحت قيادته.
تقول سانام وكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في معهد “تشاتام هاوس” البريطاني: “من المهم النظر بواقعية إلى سياسة ترامب تجاه إيران”. وأضافت: “يحاول ترامب كبح الأنشطة الإقليمية والنووية لطهران، وفرض تغيير في سلوكها من خلال ضغوط اقتصادية قصوى”. وتشير إلى أن طهران ستعتمد على قنوات غير رسمية للتواصل مع الحكومة الأمريكية الجديدة، مضيفةً أن “قطر تلعب دورًا مهمًا في تسهيل هذا التواصل”.
ترامب يطمح لتحقيق السلام في الشرق الأوسط
خلال حملته الانتخابية، شدد ترامب مرارًا على موقفه المتمثل في منع إيران من تطوير الأسلحة النووية. وقال في سبتمبر 2024 إن واشنطن يجب أن تتوصل إلى اتفاق مع إيران لوقف برنامجها النووي . وفي أكتوبر 2024، صرح بأن السلام في الشرق الأوسط سيكون ممكنًا إذا فاز في الانتخابات.
وأشار إلى اتفاقات إبراهام التي تم توقيعها خلال ولايته، والتي ساهمت في تطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية. ووصف ترامب هذه الاتفاقات بأنها أعظم إنجازاته في السياسة الخارجية، مؤكدًا أنها تمثل حجر الزاوية لتحقيق السلام في المنطقة. الآن، يخطط ترامب لإشراك إيران في اتفاقات إبراهيم مع ما لا يقل عن عشر دول أخرى.
يقول فرزان سابات، من مركز الحوكمة العالمية في جنيف، “دونالد ترامب يريد أن يبدأ ولايته الثانية كصانع للسلام. ولكن حتى موعد توليه منصبه في يناير2025، قد تحدث الكثير من التطورات”. وأضاف خبير الأمن في الشرق الأوسط أن التوترات بين الولايات المتحدة وإيران قد تصاعدت نتيجة التصعيد الأخير بين إيران وإسرائيل.
وأوضح سابات أن “دونالد ترامب كرئيس سيكون لديه العديد من الخيارات للضغط على إيران بشكل كبير”، مشيرًا إلى أن “الضغط قد يشمل مزيدًا من العقوبات، بالإضافة إلى عمليات عسكرية موجهة، وتعزيز إسرائيل لمواجهة إيران”. وتوقع أن يقود فريق السياسة الخارجية والأمن القومي للحكومة المقبلة “شخصيات معروفة بتشددها تجاه إيران. ولكي تتفاوض القيادة الإيرانية مباشرة مع الرئيس ترامب، يجب عليها أولاً التغلب على هذه العقبة”.