الخميس, نوفمبر 6, 2025
23.4 C
Beirut

الأكثر قراءة

إصدارات أسبوعية

أموال اللبنانيين بين مافيا التعميمات وموت القانون

المحامي بول أنطون السخن

جريدة الحرة ـ بيروت

يكثر الحديث في هذه الأيام عن العدالة والمساواة، ولا سيما في ما يتعلق بردّ أموال المودعين المحتجزة بشكل غير قانوني وغير دستوري من قِبَل المصارف في لبنان.

في هذا السياق، ورد في إحدى حيثيات التعميم رقم 169 الصادر عن مصرف لبنان ما يلي: “حيث إنّ مصرف لبنان يرى أن تنفيذ هذه المدفوعات الانتقائية بصورة منهجية يشكّل خرقاً فادحاً لمبادئ العدالة والمساواة والتناسب المالي، التي يجب احترامها خاصة في الأزمة الحاضرة…” (ويقصد التعميم ردّ الوديعة كاملة بموجب حكم قضائي، سواء كان أجنبياً أو لبنانياً).

وانطلاقاً من هذا، وجدنا من واجبنا كمواطنين وحقوقيين أن نحيل جميع المسؤولين في الدولة اللبنانية — من نواب ووزراء ومصرف لبنان وقضاة ومصارف وغيرهم — إلى محاضرة قيّمة ألقاها البروفسور أنطوان عيد، أستاذ قانون الإفلاس في الجامعة اليسوعية في بيروت لأكثر من أربعين عاماً. وقد فنّد خلالها، علمياً وقانونياً، الخروقات الفادحة التي ارتكبتها المصارف منذ اندلاع الأزمة المالية الحادة عام 2019 (وربما منذ ابتداع ما سُمّي “الهندسة المالية”).

وقد اخترنا نشر المقطع التالي من المحاضرة، الذي يتناول مبدأ المساواة في القانون: “أولاً، المساواة في القانون تعني المساواة في العلاقات، بحيث يُدفع للدائنين بما يتناسب مع مطالباتهم، من دون تمييز بين المودعين ‘الكبار’ أو ‘الصغار’. فإذا كانت قدرة المدين على الدفع هي 50%، فإن من له ألف دولار يحصل على 500، ومن له مليون دولار يحصل على 500 ألف. فالمساواة هنا هي مساواة في النسب (50% في مثالنا)”.

وكما علّمنا أرسطو، كما نقل عنه العميد جان كاربونييه: “لا توجد مساواة حقيقية إلا عندما نعامل الأشياء غير المتساوية بطريقة غير متساوية”.

وبالتالي، فإنّ تفضيل صغار المودعين على كبارهم لا يمكن أن يتم دستورياً إلّا بموجب نصّ قانوني صريح، وعلى أسس مستقاة من مصادر قانونية أخرى، لا علاقة لها بمبدأ الالتزام برد الودائع أو المسؤولية التعاقدية أو التقصيرية عن خسارتها.

نداء إلى المسؤولين: لا شرعية لحل يخالف القانون

أيها السادة المسؤولون، اسمحوا لي، على ضوء هذه المقالة، أن أوجّه إليكم هذا النداء:

نسمع في الإذاعات ونقرأ في الصحف وعلى وسائل التواصل الاجتماعي يومياً، أن لبنان يفتخر بأفضل الجامعات، وأفضل الأساتذة، وأفضل الحقوقيين، وأفضل القضاة، وأفضل المحامين…

فلماذا لا تستلهمون من محاضرة البروفسور أنطوان عيد، الخبير في قوانين الإفلاس، عند مناقشتكم القوانين التي ما زال مجلس النواب يتداول بها منذ ما يزيد على ست سنوات؟

وهل يُعقل أن يُبنى أي حلّ للمصارف أو يُستعاد شيء من الثقة بها، إن لم يكن هذا الحل منسجماً مع المبادئ القانونية السليمة؟

إنّ تجاهل هذه المبادئ، والتعامل معها بازدواجية وانحياز، لا يُنتج نظامًا مصرفيًا بل يعيد إنتاج مافيا مالية بثوب قانوني مزيّف.

https://hura7.com/?p=62222

الأكثر قراءة