الثلاثاء, أبريل 29, 2025
17.1 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

إصدارات أسبوعية

أوروبا تخشى صفقة غير متوازنة في مفاوضات أوكرانيا

وكالات ـ في خطوة مفاجئة، عرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تقديم الوساطة بين روسيا وأوكرانيا في مسعى لإنهاء الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين. هذا المقترح أثار مخاوف كبيرة في أوروبا، التي عبرت عن قلقها من احتمال إقصائها من عملية المفاوضات أو من تهميش مصالحها في أي تسوية محتملة.

وفي هذا السياق، أعلن ترامب، الذي لطالما كان يحظى بعلاقات ودية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مؤخراً أنه يسعى إلى التوصل إلى اتفاق يسمح بإنهاء الصراع لصالح موسكو وكييف.

لكن هذا الاقتراح يثير الكثير من الشكوك في أوروبا حول نوايا الرئيس الأمريكي وطريقة إدارة هذا الصراع، إذ يرون أن غياب التنسيق مع حلفائه الأوروبيين قد يؤدي إلى نتائج غير مرضية.

الاجتماع المفاجئ

قبل أكثر من عشرة أيام، أجرى ترامب اتصالاً هاتفياً مع الرئيس الروسي، وهي المكالمة التي أعلن خلالها عن البدء في المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا.

ورغم التوقعات التي كانت تشير إلى أن أي وساطة من الولايات المتحدة ستكون ضمن إطار تحالفات غربية متناسقة، إلا أن غياب التنسيق مع حلفاء أوروبا قد أثار استياء عدد من قادة الدول الأوروبية.

من جانبها، قالت وزيرة الدفاع الألمانية، أنغريت كرامب كارنباور، إنه “إذا تمت هذه المفاوضات من دون مشاورة الأوروبيين، فإننا نواجه خطراً كبيراً لناحية تقويض استقرار القارة”.

التباين في المواقف

في الوقت نفسه، أشار ترامب إلى رؤيته حول ضرورة تقديم أوكرانيا تنازلات كبيرة لروسيا، وهو ما اعتبره العديد من المسؤولين في كييف “تنازلاً غير عادل”.

كما ذكر الرئيس الأمريكي أن بوتين بحاجة إلى “خروج مشرف” من الحرب، وهو ما يعزز المخاوف من أن ترامب قد يسعى لتقديم تسويات على حساب مصالح أوكرانيا.

من جانب آخر، عبر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، عن استيائه من استبعاد أوكرانيا من المفاوضات، مؤكداً أن بلاده ستكون المتضرر الأكبر إذا تمت أي اتفاقية من دون الأخذ بعين الاعتبار مصالحها الأمنية والسياسية.

أما في موسكو، فقد بدت الحكومة الروسية مرتاحة لمبادرة ترامب. حيث أوضح المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أن هناك “فرصة حقيقية للتوصل إلى تسوية سلمية” بفضل هذه المبادرة، مما يزيد من المخاوف الأوروبية حول محاولات ترامب لتسوية قد تمنح روسيا تنازلات كبيرة، الأمر الذي يتناقض مع أهداف كييف في استعادة الأراضي التي تحتلها روسيا.

العرض الأمريكي لأوكرانيا

في وقت سابق من هذا الشهر، أرسل ترامب وزير خزانته، سكوت بيسنت، إلى كييف لتقديم عرض يتضمن الوصول إلى المعادن الأرضية النادرة في أوكرانيا.

وكان زيلينسكي قد قدّم هذا العرض سابقاً كوسيلة للضغط على ترامب لضمان الدعم الأمريكي، وتشجيع الشركات الأمريكية على الاستثمار في أوكرانيا، مع توفير ردع ضد أي هجوم روسي جديد.

ووفقاً لصحيفة “التلغراف”، التي اطلعت على تفاصيل الاتفاق، اقترحت الولايات المتحدة الحصول على 50% من عائدات استخراج المعادن، و50% من قيمة “جميع التراخيص الجديدة الصادرة لأطراف ثالثة”.

بالإضافة إلى ذلك، هناك “حق الرفض الأول” على صادرات المواد الأوكرانية إلى دول أخرى. فهذا العرض أثار غضب الأوكرانيين، الذين اعتبروه صفقة غير عادلة تمثل تهديداً لمصالحهم الاقتصادية والسيادية.

معارضة أوروبية متزايدة

تتسارع المخاوف الأوروبية مع التصريحات الأخيرة لترامب بشأن الوساطة في النزاع الروسي – الأوكراني، حيث امتدت الاعتراضات لتشمل الشروط المالية التي طرحها ترامب، والتي اعتبرها العديد من القادة الأوروبيين خطوة غير مقبولة.

رغم هذه التحذيرات، يصر البيت الأبيض على أن أي اتفاق يتم التوصل إليه يجب أن يكون “في مصلحة الجميع”، مؤكداً على الدور المحوري الذي ستلعبه الولايات المتحدة في دعم أوكرانيا بعد توقيع أي اتفاق.

في المقابل، حذر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من أن “أوروبا يجب أن تكون في قلب أي تسوية سياسية”، مشدداً على أهمية أخذ المخاوف الأمنية الأوروبية في الاعتبار.

كما أكد المستشار الألماني أولاف شولتز أنه “لا يجب أن يكون هناك تقاسم للأمن والمسؤوليات بين أوروبا والولايات المتحدة”، مشيراً إلى أن حلف الناتو يقوم على التعاون الوثيق لضمان الأمن الأوروبي.

من جانبه، أكد دونالد توسك، الرئيس السابق للمجلس الأوروبي، على ضرورة التعاون الأمريكي لضمان الأمن الأوروبي، قائلاً: “من دون دعم الولايات المتحدة، من الصعب تخيل ضمان الأمن بشكل فعال”.

مقعد غير مريح

عند إعلان ترامب عن بدء المحادثات، أكد على تقديم العملية في إطار ثلاثي حصري بين بوتين وزيلينسكي ونفسه. وفقاً لهذا التوجه، لن تتم دعوة الأوروبيين إلى طاولة المفاوضات، بل سيقتصر دورهم على الاستشارة خلال سير العملية.

وفي سياق متصل، أكدت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، أن “أمن أوروبا في نقطة تحول”، مشيرة إلى أن أي قرار بشأن أوكرانيا يؤثر بشكل مباشر على استقرار الأمن الأوروبي.

ما يزيد من قلق أوروبا هو أن الولايات المتحدة، بغض النظر عن نتائج أي اتفاق محتمل بين زيلينسكي وبوتين وترامب، تستعد لتقليص وجودها العسكري في القارة تدريجياً. وهو ما يعيد الذاكرة إلى حقبة الحرب الباردة عندما كانت واشنطن تسعى إلى منع توسع الاتحاد السوفياتي.

منذ بداية حرب أوكرانيا في فبراير 2022، ارتفع عدد القوات الأمريكية المتمركزة في أوروبا إلى حوالي 100,000 جندي.

ومع ذلك، وفقاً لبيت هيغسيث، فإن الولايات المتحدة لن تركز “بشكل أساسي” على أوروبا، بل ستتجه بدلاً من ذلك إلى منطقة المحيط الهادئ لردع الحرب مع الصين، وإلى الحدود مع المكسيك للحد من الهجرة غير الشرعية.

وفي هذا السياق، ذكرت جانا بوغليرين، الزميلة السياسية البارزة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، أن فبراير 2025 قد يُعد نقطة تحول جوهرية في انفصال مصلحة أمريكا الأمنية عن مصلحة أوروبا.

تلك التحولات في سياسة واشنطن تترك القارة العجوز في موقف غير مريح، حيث يخشى القادة الأوروبيون من أن يتم إجبارهم على تحمل أعباء تسوية غير مستدامة بين أوكرانيا وروسيا في ظل تقلص الدعم الأمريكي في أوروبا.

https://hura7.com/?p=45188

الأكثر قراءة