خاص – جددت الدول الأوروبية دعمها لحل الدولتين بعد اقتراح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب “السيطرة” على قطاع غزة. وقد قوبل اقتراح ترامب “بالسيطرة” على غزة والتهجير الفسري لـ1.8 مليون فلسطيني لتحويل القطاع حسب قوله إلى “ريفييرا الشرق الأوسط” بانتقادات شديدة وتشكك من جانب الدول الأوروبية، التي حذرت من أن الفكرة ستقوض حل الدولتين.
أوضحت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك في بيان لها: “إن طرد السكان المدنيين الفلسطينيين من غزة لن يكون أمراً غير مقبول ومخالفاً للقانون الدولي فحسب، بل إنه سيؤدي أيضاً إلى معاناة جديدة وكراهية جديدة”. و”لا ينبغي أن يكون هناك أي حل فوق رؤوس الفلسطينيين”.
ورفضت فرنسا بشكل لا لبس فيه خطة ترامب، قائلة إن التهجير القسري للسكان الفلسطينيين لتمكين الإشراف الأمريكي “سيشكل انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي، وهجوماً على التطلعات المشروعة للفلسطينيين، كما أنه عقبة رئيسية أمام حل الدولتين”.
وأفادت وزارة الخارجية الفرنسية بأن “مستقبل غزة يجب ألا يكمن في احتمال سيطرة دولة ثالثة عليه، بل في إطار دولة فلسطينية مستقبلية تحت رعاية السلطة الفلسطينية”.
كما أعربت إسبانيا وأيرلندا، وهما دولتان اعترفتا بدولة فلسطين العام 2024، عن معارضتهما للاقتراح غير المتوقع، الذي يقلب عقوداً من السياسة الخارجية الأمريكية. ولم يتم الإعلان عن تفاصيل محددة، مثل التمويل والخدمات اللوجستية.
وأكد وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريسفي السادس من فبراير 2024: “أريد أن أوضح أمراً واضحاً للغاية: غزة هي أرض الفلسطينيين الغزيين ويجب أن يبقوا في غزة. غزة جزء من الدولة الفلسطينية المستقبلية”. بينما أشار نظيره الأيرلندي سيمون هاريس إلى أنه سيحكم على البيت الأبيض “بناء على ما يفعله، وليس على ما يقوله”، لكنه طلب توضيحاً بشأن تعليقات الرئيس.
وأضاف هاريس وهو يقف بجانب رئيس الوزراء الأيرلندي مايكل مارتن منتقداً: “نحن بحاجة إلى حل الدولتين، وشعب فلسطين وشعب إسرائيل لديهما الحق في العيش في دولتين آمنتين جنباً إلى جنب، وهذا هو المكان الذي يجب أن يتمحور حوله التركيز”.
وتابع هاريس أن “أي فكرة لتهجير سكان غزة إلى أي مكان آخر ستشكل تناقضاً واضحاً مع قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة”. وخلال جلسة في مجلس العموم، أبدى رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر تحفظاته في أول خلاف علني كبير له مع إدارة ترامب. وقال: “يجب السماح لسكان غزة بالعودة إلى ديارهم. ويجب السماح لهم بإعادة البناء، وعلينا أن نكون معهم في عملية إعادة البناء هذه على الطريق إلى حل الدولتين”.
وأشار رئيس الوزراء البريطاني إلى أن القضية الأكثر أهمية هي الحفاظ على وقف إطلاق النار الهش بين إسرائيل و”حماس” والذي بدأ في يناير2025، بما في ذلك إطلاق سراح الرهائن والسماح للمساعدات بالتدفق إلى قطاع غزة، حيث ثمة كارثة إنسانية.
واعترف وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني بأن روما ستنظر في خطة ترامب، لكن البلاد لا تزال تؤيد حل الدولتين. وقال تاجاني: “يبدو لي أنه في ما يتعلق بإجلاء السكان المدنيين من غزة، أنه من الصعب بعض الشيء (تنفيذ الخطة)”.
وكان ترامب قد اقترح أن على الأردن ومصر أن تكونا مستعدتين لاستقبال نحو مليوني فلسطيني نازح – وهو الاقتراح الذي رفضته الدولتان.
وفي السادس من فبراير 2025، شدد العاهل الأردني الملك عبد الله على “رفض أي محاولات لضم الأراضي وتهجير الفلسطينيين”، كما دعا وزير الخارجية المصري، في اجتماع مع رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، المجتمع الدولي إلى إعادة بناء غزة – دون نقل سكانها الفلسطينيين إلى مكان آخر.
ولم تعلق المفوضية الأوروبية حتى الآن على تصريحات ترامب، كما لم ترد المفوضية على الفور على طلب التعليق. وفي الوقت نفسه، أبدى غيرت فيلدرز، زعيم حزب الحرية اليميني المتطرف في هولندا، تضارباً واضحاً عندما أعلن موافقته على تصريحات ترامب. صحيح أن فيلدرز ليس عضوا في الحكومة، لكن حزبه هو القوة الأكبر في الائتلاف الحاكم المكون من أربعة أحزاب.
وصرح فيلدرز: “دع الفلسطينيين ينتقلوا إلى الأردن. مشكلة غزة تم حلها!”. واستنكر جوردان تعليقات فيلدرز ووصفها بأنها “موقف عنصري”، واضطر وزير الخارجية كاسبر فيلدكامب إلى توضيح أن هذه التعليقات لا تمثل السياسة الرسمية للحكومة.
كما أضاف فيلدكامب: “بالنسبة لهولندا، ليس هناك شك في أن غزة ملك للفلسطينيين. وموقفنا لم يتغير: هولندا تدعم حل الدولتين. وهذا يعني دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة إلى جانب إسرائيل آمنة”. وهذه ليست المرة الأولى التي يبدي فيها الأوروبيون استنكارهم لأجندة ترامب التوسعية. فقد قوبلت مساعيه للاستيلاء على غرينلاند، الجزيرة شبه المستقلة التي تشكل جزءاً من مملكة الدنمارك، بإدانة شديدة.