خاص – كان ممثلو حزب “البديل من أجل ألمانيا” (AfD) اليميني المتطرف من بين الضيوف في حفل تنصيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في يناير 2025. وتواجدوا هناك إلى جانب رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني ونايجل فاراج من المملكة المتحدة.
اليمين المتطرف ضد الهجرة والمجتمع الحديث
تقول كاترين فانجن، أستاذة علم الاجتماع بجامعة أوسلو في النرويج والخبيرة في الشبكات العابرة للحدود الوطنية لليمين المتطرف: “إن القضايا السياسية الرئيسية التي توحد شبكات اليمين المتطرف هذه تشمل معارضة الهجرة، والقومية، والقيم الأسرية التقليدية، ومناهضة العولمة”. وأوضحت أن “هذه الشبكات لا تسعى من أجل المزيد من النفوذ السياسي فحسب، بل أيضاً من أجل الهيمنة الثقافية. وهدفها النهائي هو إعادة تشكيل المشهد الأيديولوجي العالمي لصالح القومية والمحافظة الاجتماعية ومعارضة الديمقراطية الليبرالية”.
ويتعلم اليمين المتطرف بسرعة من بعضه البعض. فوفقاً لتوماس غريفين، أستاذ العلوم السياسية في جامعة برلين الحرة، “إن الاستراتيجيات والنجاحات التي تحققت في بلد ما سرعان ما تتبناها حركات أخرى، وهو يعتبر أن مدى شبكات اليمين المتطرف غير مسبوق تاريخياً”. ويصف غريفين هذه الاستراتيجية قائلاً: “على سبيل المثال، هناك استراتيجية كبير خبراء دونالد ترامب الاستراتيجيين السابق، ستيفن بانون، الناجحة للغاية على المستوى الدولي: وهذا يعني إغراق الخصم السياسي باستمرار بالأكاذيب والأفكار الجديدة والعداء”. وأضاف: “هذه الاستراتيجية الاتصالية تستخدم الآن في كل مكان من قبل الجهات الفاعلة في اليمين المتطرف”.
ولا يعتبر هؤلاء الفاعلون الديمقراطية مبدأ، بل يرونها أداة يحتاجون إليها للوصول إلى السلطة. ويعتقدون أنه بمجرد تحقيق ذلك “يجب أن يكون الشخص المنتخب قادراً على الحكم دون قيود”، بحسب قول غريفين. وهو يشير إلى رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان كمثال، حيث يزعم أنه ليس بحاجة إلى التصرف وفقاً للقوانين واللوائح الأوروبية، قائلاً: “لقد انتُخبت بتفويض واضح لإبقاء الهجرة خارج المجر، ولا أريد للمؤسسات الأوروبية أو المحاكم أو مقاومة المجتمع المدني أو أي وسيلة إعلام ممولة من الخارج أن تمنعني من الحكم”.
ويوضح غريفين: “إن أنصار اليمين المتطرف منزعجون من حقيقة وجود العديد من العقبات التي تعترض إرادة الأغلبية بسبب تزايد التشريعات القانونية والبيروقراطية والهياكل فوق الوطنية. والهدف هو فرض إرادة الأغلبية هذه في ديمقراطية ذات أغلبية مفرطة أو ديمقراطية غير ليبرالية”.
تمويل اليمين المتطرف
يملك اليمين المتطرف الكثير من الأموال تحت تصرفه لتمويل فكره الأيديولوجي. ومن بين رجال الأعمال المليارديرات الذين يدعمون الفكر الأيديولوجي، أغنى رجل في العالم، إيلون ماسك. وماسك نفسه لاعب في اليمين المتطرف. فعلى منصته “إكس”، يشيد بحزب “البديل من أجل ألمانيا”، ويدعم اليمين المتطرف في المملكة المتحدة، ويهاجم الأحزاب الليبرالية. وليس المانحون من القطاع الخاص هم وحدهم الذين يدعمون الشبكات اليمينية، بل إن روسيا والصين متهمتان أيضاً بتغذية الشبكات الشعبوية اليمينية من أجل زعزعة استقرار المجتمعات الليبرالية.
لكن اليمين المتطرف يستفيد أيضاً من أولئك الذين أعلنهم أعداء له. ففي ألمانيا على سبيل المثال، تعد الدولة المانح الأهم لحزب “البديل من أجل ألمانيا”. وفي عام 2021، أي العام الذي شهد الانتخابات العامة السابقة، جاءت نحو 45% من عائدات الحزب من خزائن الدولة: أكثر من 10 ملايين يورو. وفي ألمانيا، تحصل الأحزاب السياسية على الدعم المالي اعتماداً على نجاحها في الانتخابات.
وتشير فانجن، الخبيرة في العلوم السياسية، إلى أن “العديد من الأحزاب اليمينية المتطرفة تتمتع بموارد مالية كبيرة بفضل التمويل الحكومي، الأمر الذي يمكنها من توسيع نطاق وصولها. علاوة على ذلك، يوفر لها البرلمان الأوروبي مكاناً للتعاون الدولي، بما في ذلك الوصول إلى موارد إضافية تساعد في دعم جهود التواصل”. ففي أوائل عام 2025، يبدو أن استراتيجية شبكات اليمين المتطرف تعمل: فقد أعيد انتخاب دونالد ترامب في الولايات المتحدة، وتواصل الأحزاب الشعبوية اليمينية اكتساب الدعم في دول مثل ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة والنمسا.
هل من الممكن إيقافهم؟
وفق غريفين، “إن هذا غير ممكن. ويشير إلى أن العديد من الأحزاب اليمينية المتطرفة استفادت من حقيقة مفادها أنها لم تضطر قط إلى تولي الحكم، وأنها كانت تتمتع بقدر كبير من السهولة في التعامل مع المعارضة السياسية. ويكمل: “نجاحاتها الانتخابية تخدم في التغطية على العديد من الشقوق في الحركات التي لا تتحد في كثير من الأحيان إلا ظاهرياً. القوى المعتدلة قادرة على قلب الأمور رأساً على عقب”. لكنه يحذر قائلاً: “هناك شرط أساسي لتحقيق هذا: أن تعمل المؤسسات الديمقراطية”.