الخميس, ديسمبر 12, 2024
1.9 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

إنفجار مرفأ بيروت: بين الحقيقة والتكهّنات. “الجزء 3”

إنفجار مرفأ بيروت: بين الحقيقة والتكهّنات. “الجزء 3”

بقلم كارين عبد النور 

نترات الأمونيوم داخل العنبر 12

 بالعودة إلى رحلة باخرة نترات الأمونيوم، لا بدّ من التذكير بأنه، بتاريخ 21/02/2014، صدر كتاب عن رئيس شعبة مكافحة المخدرات ومكافحة تبييض الأموال، العقيد الجمركي جوزيف نقولا سكاف (الذي توفّي في ظروف غامضة في آذار/مارس 2017)، إلى رئاسة مصلحة التدقيق والبحث عن التهريب التابعة لإدارة الجمارك، يقترح بموجبه الإيعاز إلى رئاسة ضابطة بيروت ودائرة المانيفست العمل مع السلطات الأمنية على إبعاد الباخرة Rhosus إلى الرصيف الحادي عشر ووضعها تحت الرقابة، كونها محمّلة بنترات الأمونيوم الذي يُستعمل لأغراض التفجير ويشكّل خطراً على السلامة العامة. فماذا حصل بعدها؟

 

التحذيرات تتوالى

في 07/04/2014، أرسل المحامي جان بارودي، بصفته وكيل ربّان الباخرة Rhosus، كتاباً إلى رئيس مرفأ بيروت، محمد المولى، طالباً منه اتخاذ التدابير المستعجلة لتجنّب حدوث كارثة بحرية، ومؤكداً على ضرورة بيع الباخرة والحمولة وفقاً للقوانين المرعية. كما أرسل المدير العام للنقل البري والبحري في وزارة الأشغال العامة والنقل، عبد الحفيظ القيسي، كتاباً إلى هيئة القضايا في وزارة العدل طالباً البت بقضيّتها وبيعها بالمزاد العلني، لا سيّما وأن القضاء قد حجز عليها. إنفجار مرفأ بيروت، بين الحقيقة والتكهّنات،الجزء الثاني. كارين عبد النور

كذلك قام محامي الدولة، عمر طرباه، بوكالته عن المستدعية وزارة الأشغال، بإرسال طلب الترخيص بتعويم الباخرة Rhosus أو بيعها ونقل مواد نترات الأمونيوم إلى مكان آمن وتأمين حراستها إلى قاضي الأمور المستعجلة في بيروت، جاد معلوف. وفي 02/06/2014، عاد القيسي وأرسل كتاباً آخر إلى هيئة القضايا طالباً منها اتخاذ صفة العجلة لجهة بيع الباخرة في المزاد العلني لتلافي غرقها. وفي 27/06/2014، أصدر القاضي معلوف قراراً قضى بالسماح بتعويم الباخرة المذكورة بعد نقل حمولتها إلى مكان مناسب لتخزينها تحت حراستها من قِبَل وزارة الأشغال العامة والنقل.

طاقم الباخرة يغادرها

في تلك الأثناء، كان البحّارة الأربعة لا يزالون محتجزين داخل الباخرة رغم انتهاء عقد عملهم منذ 31/03/2014. وفي 03/06/2014، سجّل محضر تكليف النيابة العامة التمييزية، التي يرأسها القاضي سمير حمّود، بالاستعلام عن الباخرة ووضعية الطاقم وختمه بناء لإشارة المحامي العام التنفيذي، القاضي شربل بو سمرا. وورد في إفادة وكيل الباخرة، مصطفى البغدادي، وجود مواد خطرة على متنها، وكذلك الأمر في إفادة ربانها الذي تسلّم القيادة في مرفأ توزلا في تركيا، بأنها محمّلة بـ2750 طناً من نترات الأمونيوم وقاصدة الموزمبيق، وعرّجوا على بيروت عن طريق الترانزيت.

وبعد تسعة أشهر من الاحتجاز – في 25/08/2014 تحديداً – أصدر القاضي معلوف قراراً قضى بإعادة البحّارة الأربعة إلى وطنهم لعدم وجود مبرّر قانوني لاحتجازهم. عندها، أرسل القيسي كتاباً إلى رئيس إدارة واستثمار مرفأ بيروت، حسن قريطم، يطلب بموجبه تأمين أماكن لتخزين البضائع الخطرة إلى حين طرحها والباخرة في المزاد العلني. فردّ قريطم بالموافقة على استعمال جزء من مستودع المواد الخطرة لاستقبال حمولة الباخرة.

 أسئلة تُطرح

المفاجأة الكبرى جاءت على لسان قبطان الباخرة الذي صرّح بعد تحريره بأنها مرّت بمرفأ بيروت بعدما تمّ التواصل مع الوكيل البحري، مصطفى بغدادي، لغرض تحميل معدّات لوزارة الطاقة الأردنية – استأجرتها الشركة الأردنية Geospectrum التي قامت بالمسح الزلزالي في لبنان تمهيداً للتنقيب عن النفط – ونقلها من لبنان إلى الأردن. حينذاك، أي في العام 2013، كان وزير الطاقة اللبناني، جبران باسيل، هو من وقّع على الطلب. وبرّر القبطان ذلك بأن أُريد منه استعمال الباخرة كـ”سيارة أجرة” لنقل المعدّات من لبنان إلى الأردن، بهدف تحقيق ما أمكن من الأرباح.

فهل كان مصطفى بغدادي هو من تحدّث مباشرة إلى المسؤولين عن الباخرة، أم أن الشركة الأردنية هي التي قامت بذلك؟ وما علاقة الوزير باسيل؟ هذا أيضاً ما يجب أن يكشفه التحقيق الموسّع حول مسار باخرة غير تجارية أساساً، انطلقت بمهمة محدّدة (من جورجيا إلى الموزمبيق)، لتجد نفسها راسية فجأة في بيروت.

ورغم تأكيد البعض أن لا علاقة لباسيل بالباخرة – سوى طلب تحميل آليات التنقيب عن النفط إلى العقبة – وفي حين رأى آخرون أن التيار الوطني الحر، الذي ينتمي إليه باسيل، وضع نفسه بموضع الاتهام حين راح يدافع عن بدري ظاهر، غير أن أسئلة كثيرة ما زالت تُطرح:

مَن أعطى الإذن بدخول الباخرة إلى لبنان؟ ومَن اطّلع على عقود الشحنة التي تنقلها الباخرة؟ ومَن وقّع عليها؟ ومَن منعها من المغادرة؟ ومَن هي اللجنة التي كشفت على الأعطال؟ جميعها أسئلة برسم المسؤولين.

نترات الأمونيوم والعنبر 12

في 21/10/2014، حضر الكاتب القضائي، زياد شعبان، إلى المرفأ وعاين الرصيف رقم 9 حيث ترسو الباخرة برفقة الضابطة الجمركية، بعد نقلها من الرصيف رقم 11، والتقى رئيس الميناء، محمد المولى، الذي أفاده بخطورة المواد التي تحملها، فنُقلت إلى العنبر رقم 12 المعدّ لحفظ المواد الخطرة في 27/10/2014. وتمّ تعيين المولى حارساً قضائياً على المواد المخزّنة. إلا أن الأخير تحفّظ لوقوع العنابر داخل المرفأ تحت سلطة إدارة واستثمار مرفأ بيروت، وليس سلطته. إنفجار مرفأ بيروت: بين الحقيقة والتكهنات”1″. بقلم كارين عبد النور

في اليوم التالي، رفع جهاز أمن المرفأ موجز معلومات تحت الرقم 246 يشير فيه إلى تعويم الباخرة المذكورة ونقل مادة نترات الأمونيوم إلى العنبر رقم 12 من قِبَل مديرية الجمارك العامة. وأضاف أن رئيس دائرة المانيفست، المراقب أول نعمة البراكس، كان قد رفع كتاباً إلى رئاسة المصلحة يشير فيه إلى خطورة تلك المادة. وتبيّن للجيش اللبناني عدم اتخاذ أي خطوات من قِبَل المعنيّين في كلّ من إدارة المرفأ والجمارك والقضايا المختصّة لجهة إعادة تصديرها. وبعد إنجاز المحضر التنفيذي حول إفراغ الحمولة، قام المدير العام للجمارك آنذاك، شفيق مرعي، بمراسلة القاضي معلوف يطلب منه الفرض على الوكالة البحرية المعنية إعادة تصدير البضاعة إلى الخارج، لكن القاضي معلوف ردّ الطلب شكلاً من جديد.

Savaro تطالب بشحنتها…بالتوازي، عاد القيسي وأرسل كتاباً إلى هيئة القضايا في وزارة العدل، بتاريخ 26/11/2014، يعرض فيه المشاكل التي تعاني منها الباخرة فضلاً عن وجود مترتبات لصالح الدولة اللبنانية. وعليه، طلب أخذ الإجراءات اللازمة لبيع الباخرة والحمولة بالمزاد العلني وبصورة فورية. فجاء الردّ من محامي الدولة، عمر طرباه، بأن القاضي معلوف سبق وأصدر قراراً رخّص بموجبه تعويم الباخرة وتفريغ المادة. وإن كان ثمة تقاعس، فهو من طرف وزارة الأشغال التي لم تنفّذ القرار بشكل سليم.

رغم ذلك، بقيت شركة Savaro على مسعاها لإعادة شحنتها، وطلبت من ممثّلها في لبنان، سمير نعيمي، متابعة الأمر والحصول على كتاب رسمي من مرفأ بيروت يؤكّد تفريغ الشحنة بكامل كميّاتها من على متن الباخرة، ووضعها (في حالة جيّدة وسليمة) في مكان جاف ونظيف. وفي 25/01/2015، عيّنت Savaro المحامي جوزيف القارح وكيلاً عن الشركة في المحاكم والدوائر الرسمية اللبنانية. بعدها، تقدّم القارح بطلب لدى قاضي الأمور المستعجلة في بيروت، نديم زوين، لتعيين خبير للكشف على المادة وبيان حالتها، لتُعيَّن الخبيرة الكيميائية، ميراي مكرزل، لذلك الغرض.

… ثمّ تستغني عنها

حضرت مكرزل برفقة الرقيب أول في الجمارك، محمود ابراهيم، ورئيس مستودع العنبر رقم 12، جورج ضاهر، لأخذ بعض العيّنات وخلصت في تقريرها إلى أن المادة مخزّنة بطريقة سيئة بحيث تعرّض 1950 كيساً من أصل 2750 للتمزيق، وأن المادة أصبحت خارجها وتغيّر لونها ويجب التخلّص منها. على خطّ موازٍ، كانت الشركة المستورِدة المشترية لنترات الأمونيوم، Fabrica De Explosivos من الموزمبيق، تتابع مصير الحمولة وأوفدت ممثّلاً عنها إلى لبنان لمعاينة الشحنة، وهو جورج موريرا.

بعد الاستحصال على الترخيص من إدارة المرفأ، زار موريرا مرفأ بيروت واعترض على طريقة التخزين حيث أن هناك رائحة تنبعث من الأكياس الممزّقة، ما يدلّ على أن المواد قيد التحلّل. وبعد سنة وثلاثة أشهر على وصول الباخرة Rhosus المحمّلة بنترات الأمونيوم إلى لبنان، وإثر متابعات حثيثة من قِبَل شركتي Savaro وFabrica De Explosivos، توصّلت الشركتان إلى أن الشحنة تعرّضت للتلف وأن لا مصلحة في استردادها، فأوقفتا عملية المتابعة مع الجهات اللبنانية المعنية لتبقى المواد في عهدة الأجهزة والإدارات الرسمية اللبنانية.

 

https://hura7.com/?p=16419

الأكثر قراءة