جريدة الحرة
وكالات ـ توصلت إيران إلى اتفاق مبدئي مع كلٍّ من فرنسا وبريطانيا وألمانيا (المعروفة بالترويكا الأوروبية) لبدء جولة جديدة من المحادثات بشأن برنامجها النووي، وفق ما نقلته وكالة أنباء “تسنيم” الإيرانية، يوم الأحد، عن مصدر مطّلع لم تُكشف هويته.
وأوضح المصدر أن الاتفاق يشمل مبدأ استئناف المفاوضات، في حين لا تزال المشاورات جارية لتحديد موعد ومكان انعقادها، مع ترجيحات بعقدها خلال الأسبوع المقبل في موقع غير محدد داخل أوروبا.
وستُجرى المفاوضات المرتقبة على مستوى مساعدي وزراء الخارجية للدول المعنية، في سياق الجهود الرامية إلى إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015، والذي انسحبت منه الولايات المتحدة بشكل أحادي في مايو 2018، وأعادت فرض العقوبات الاقتصادية على إيران، التي ردّت حينها بالتراجع التدريجي عن بعض التزاماتها النووية.
تهديدات أوروبية بإعادة تفعيل العقوبات الأممية
وكانت طهران قد بدأت بدراسة طلب رسمي من الترويكا الأوروبية لاستئناف المحادثات، في ظل تحذيرات متكررة من العواصم الأوروبية بأنها ستفعّل “آلية إعادة فرض العقوبات”، في حال عدم التوصل إلى اتفاق جديد. وينتهي القرار الدولي الذي يقضي بتعليق العقوبات على إيران في 18 أكتوبر المقبل، وهو ينص على إمكانية إعادة فرض العقوبات الأممية السابقة خلال مهلة تُقدّر بنحو 30 يوماً.
وفي أول اتصال هاتفي منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على إيران في يونيو الماضي، واستهداف منشآت نووية إيرانية بضربات أميركية، أجرى وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وبريطانيا، إلى جانب مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، اتصالاً بوزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، عبّروا خلاله عن تمسّكهم باستئناف المحادثات بشكل فوري.
عراقجي يرفض التهديد الأوروبي
وبحسب مصدر دبلوماسي فرنسي، شدد الوزراء الأوروبيون خلال الاتصال على ضرورة التوصّل إلى اتفاق نووي “مستدام وقابل للتحقق”، ولوّحوا بتفعيل آلية العقوبات في حال لم تلتزم طهران بذلك قبل نهاية أغسطس. غير أنّ الوزير الإيراني عباس عراقجي رفض هذه التهديدات، وكتب في منشور على منصة “إكس” (تويتر سابقاً): “الولايات المتحدة هي من انسحبت من المفاوضات في يونيو الماضي، ولجأت إلى الخيار العسكري، وليس إيران”.
ودعا عراقجي الدول الأوروبية إلى التخلي عن “سياسات التهديد والضغط التي عفا عليها الزمن”، مؤكداً أن معاودة فرض العقوبات “لا تستند إلى أي أساس قانوني أو أخلاقي”. وأضاف: “المحادثات لن تكون ممكنة إلا إذا أبدى الطرف الآخر استعداداً للتوصل إلى اتفاق نووي عادل ومتوازن يُحقق الفائدة للطرفين”.
خلفية الاتفاق النووي والتوترات المستمرة
يُذكر أن الاتفاق النووي الموقع عام 2015 ضمّ إيران إلى جانب الترويكا الأوروبية، والصين وروسيا والولايات المتحدة، وكان ينص على رفع العقوبات المفروضة على طهران مقابل فرض قيود صارمة على برنامجها النووي.
لكن بعد انسحاب واشنطن، طالبت الولايات المتحدة بوقف تخصيب اليورانيوم وتفكيك عدد من مكوّنات البرنامج النووي الإيراني، بينما تُصرّ طهران على أن التخصيب حق قانوني مكفول لها بموجب معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وتشترط رفع العقوبات بالكامل كمدخل لأي تسوية محتملة.
ومع اقتراب استحقاق أكتوبر، تتصاعد الضغوط الدولية لإعادة ضبط المسار التفاوضي، وسط أجواء إقليمية ودولية متوترة، وشكوك متزايدة بشأن مدى استعداد جميع الأطراف لتقديم تنازلات كافية لإنقاذ الاتفاق النووي.


