الأربعاء, مايو 21, 2025
14.5 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

إصدارات أسبوعية

الأزمة المصرفية إلى المربع الأول

جريدة الحرة

هل نشهد إعادة لسيناريو 2020 عندما، في خضم الجولة الأولى من المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، قام نواب لجنة المال والموازنة بتشكيل لجنة “تقصي حقائق” بهدف “توحيد وجهات النظر” حول حجم الخسائر التي تكبدها النظام المالي، فأتت النتائج عكسية ودبّت الخلافات أكثر وأوقفت المفاوضات مع الصندوق؟

هذا هو على الأقل الشعور الذي عبّر عنه بعض النواب أمس، عقب الاجتماع الثاني للّجنة المخصص لمشروع قانون إعادة هيكلة القطاع المصرفي، حيث أعلن رئيسها النائب إبراهيم كنعان إنشاء لجنة فرعية تهدف إلى “توحيد” وجهات النظر وسد الفجوات بين مصرف لبنان ووزارة المالية بشأن هذا الموضوع.

وجاءت هذه المفاجأة جزئياً نتيجة مفاجأة أخرى، تمثلت في جلسة استماع لحاكم مصرف لبنان، كريم سعيد، الذي شن هجوماً منهجياً على مشروع قانون إعادة هيكلة المصارف الذي أقرته الحكومة وأحالته إلى البرلمان، وفقاً لما نقله عدد من النواب الحاضرين.

خلال مرافعة مطوّلة شفهياً وكتابياً، أثار الحاكم العديد من النقاط، مشيراً إلى أنه يعتبر المشروع غير دستوري ويمس مبدأ استقلالية مصرف لبنان. على سبيل المثال، ندد بانتهاك مبدأ التناسق التشريعي المالي والمصرفي، الذي يقتضي أن تكون أي تشريعات جديدة لهذا القطاع مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بقانون النقد والتسليف.

من جهة أخرى، اعترض الحاكم على التشكيلة الجديدة للهيئة المصرفية العليا، التي من المفترض أن تقود عملية إعادة هيكلة القطاع، وفقاً لما ينص عليه مشروع القانون. وانتقد بشكل خاص ما وصفه بـ”انتهاك غير مقبول”: إدراج رئيس لجنة الرقابة على المصارف ضمن أعضاء هذه الهيئة، مما يتعارض مع المادة 48 من قانون النقد والتسليف التي تنص على أن لجنة الرقابة تخضع مباشرة لسلطة الحاكم. غير أن الدور الممنوح للجنة في المشروع الجديد يتجاوز هذا الإطار، مما قد يسبب، وفقاً لسعيد، خللاً هرمياً داخل مصرف لبنان.

وأشار الحاكم أيضاً إلى أن المشروع ينتهك مبدأ فصل وظائف الرقابة والمعاقبة، حيث يمنح هذين النوعين من الصلاحيات إلى لجنة الرقابة على المصارف، وانتقد أيضاً تعيين الحكومة خبراءَ ضمن الهيئة المصرفية العليا. كل هذه الثغرات دفعته إلى القول بأن هذه الإصلاحات قد تهدد السياسة المصرفية والنقدية، وهي من الصلاحيات الحصرية لمصرف لبنان، وتفتح المجال لتدخل السلطات الحكومية في هذا القطاع.

كما لم يتوانَ الحاكم عن التحذير من أن أي مساس باستقلالية مصرف لبنان ستكون له تداعيات عديدة، أبرزها استغلال حمَلة سندات اليوروبوندز هذه الحالة لمهاجمة أصول مصرف لبنان واحتياطاته من الذهب – محذراً في الوقت نفسه من بيع الذهب، الذي طرحه البعض لسد جزء من “الفجوة المالية” في ظل ارتفاع أسعاره.

تقديم ضمانات

لكن بعد هذه المفاجأة السلبية الأولية، فاجأ سعيد بعض النواب “الإصلاحيين” بتقديم بعض الضمانات اللفظية في جزء آخر من مداخلته. وعند سؤاله عن ترتيب الخسائر، امتنع، رغم الاتهامات الموجهة إليه بكونه “مرشح المصارف”، عن تحميل الدولة المسؤولية الرئيسية عن الأزمة. ونقل أحد الشهود عنه قوله: “الدولة هي الطرف الأقل قدرة على تحمل الخسائر بسبب محدودية مواردها”.

وفي ما يتعلق بالتدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان، كشف الحاكم أنه طلب الأسبوع الماضي من شركة “ألفاريز آند مارسال” توضيح المعلومات الناقصة في تقريرها المنشور عام 2023، مؤكداً استعداده لتقديم جميع البيانات اللازمة لتحقيق ذلك.

النقاشات تتكرر

خلال الجلسة، تجددت النقاشات التي ظهرت في 30 نيسان، خاصة حول ضرورة التمييز بين مشروع القانون الإطاري حول إعادة هيكلة المصارف ومشروع القانون المتعلق بسد “الفجوة المالية”، حيث لا يزال بعض النواب يخلطون بين الاثنين، مصرّين من خلال أسئلتهم المتكررة على معرفة مصير الودائع المصرفية. كما دعا النواب الحكومة إلى الإسراع في إحالة مشروع قانون “معالجة الفجوة المالية”، الذي يعتبر حيوياً لحل أزمة الودائع.

وثيقة مفصلة

ورغم بعض مؤشرات التهدئة، لم تتغير طبيعة انتقادات سعيد، بل تم استكمالها لاحقاً بوثيقة  من عشرات الصفحات تم توزيعها على النواب، حيث أحصى مصرف لبنان عدداً من الانتهاكات المحتملة التي تتضمنها معظم مواد مشروع قانون إعادة هيكلة المصارف.

اللجنة الفرعية

وهكذا سيتم درس هذه الوثيقة من قبل اللجنة الفرعية التي يرأسها النائب كنعان وتضم نواباً من كتل مختلفة. وستعقد اللجنة اجتماعات مرات عدة في الأسبوع مع وزارة المالية ومصرف لبنان لصياغة نسخة توافقية من النص، والتي ستُحال لاحقاً إلى لجنة المال قبل عرضها في جلسة عامة.

https://hura7.com/?p=52662

الأكثر قراءة