وام – نجحت دولة الإمارات العربية المتحدة، على مدى السنوات الماضية في تعزيز ريادتها عالمياً في مختلف مجالات الذكاء الاصطناعي، لا سيما في القطاع المالي، من خلال تكامل المبادرات والمشاريع الوطنية ووضع أطر حوكمة قوية لضمان استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل آمن وفعال داخل مؤسساتها المالية، وحمايتها من التهديدات السيبرانية المتزايدة.
وقال رؤساء ومدراء شركات متخصصة في القطاع المالي والسيبراني، لوكالة أنباء الإمارات “وام”، إن حوكمة الذكاء الاصطناعي تلعب دوراً حاسماً في دعم القطاع المالي، لا سيما في تعزيز تدابير الأمن السيبراني ضد الهجمات السيبرانية وانتهاكات البيانات، مشيرين إلى أن دولة الإمارات كانت سباقة في تبني إستراتيجيات استباقية في هذا المجال لمواجهة التحديات الأمنية، خصوصا وأن الحكومة تعمل على تسريع وتيرة تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي من خلال الشراكات الإستراتيجية مع مؤسسات القطاعين العام والخاص.
وأضافوا أن دولة الإمارات تسعى لتعزيز الثقة في النظام المالي وتوفير بيئة استثمارية آمنة ومواتية؛ إذ تعتبر من الرواد في مجال تطبيق التكنولوجيا في القطاع المالي، وتحسين البنية التحتية التقنية وتعزيز الأمن السيبراني، لافتين إلى امتلاكها هيئات رقابية فعالة تضمن تطبيق هذه التدابير وتفعيلها في المؤسسات المالية.
وأشاروا إلى أن جهود الإمارات الاستباقية وتدابيرها الفعالة في مجال حوكمة الذكاء الاصطناعي ومكافحة الهجمات السيبرانية، تؤكد التزامها بتعزيز استقرار القطاع المالي وحمايته من التهديدات السيبرانية المتزايدة، وتعزز مكانتها كمركز مالي رائد على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وتشير البيانات الرسمية، إلى أن دولة الإمارات أصبحت من الدول الفاعلة والسباقة في ابتكار الحلول القائمة على التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، وتطوير بيئة حاضنة ومحفزة وداعمة لجهود تسريع التحول الرقمي، الذي تعمل من خلاله على زيادة نسبة مساهمة الاقتصاد الرقمي في الناتج المحلي الإجمالي إلى 20% بحلول عام 2031.
وتتصدر الإمارات المرتبة الأولى عربياً وخليجياً، و28 عالمياً في مؤشر الذكاء الاصطناعي العالمي، الصادر عن شركة “تورتواز ميديا”؛ فيما تهدف إستراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي إلى تحقيق أهداف مئوية الإمارات 2071، بأن تكون حكومة الإمارات الأولى في العالم، في استثمار الذكاء الاصطناعي بمختلف قطاعاتها الحيوية، وتعجيل تنفيذ البرامج والمشروعات التنموية لبلوغ المستقبل، والاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الخدمات وتحليل البيانات بمعدل 100% بحلول عام 2031.
– انتهاكات البيانات.
وقال أحمد الخلافي، المدير العام لشركة “هيوليت باكارد إنتربرايز” العالمية في الإمارات وإفريقيا، إن حوكمة الذكاء الاصطناعي تلعب دوراً حاسماً في دعم القطاع المالي، لا سيما من خلال تعزيز تدابير الأمن ضد الهجمات السيبرانية وانتهاكات البيانات، مشيراً إلى أن دولة الإمارات كانت سباقة في إنشاء أطر حوكمة قوية لضمان استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل آمن وفعال داخل مؤسساتها المالية.
ولفت إلى أن المؤسسات المالية في دولة الإمارات تستثمر بشكل كبير في الذكاء الاصطناعي لتعزيز تدابير الأمن السيبراني الخاصة بها، حيث يسمح استخدام أنظمة الأمان المعتمدة على الذكاء الاصطناعي باكتشاف التهديدات والاستجابة لها في الوقت الفعلي، وهو أمر بالغ الأهمية في حماية البيانات المالية الحساسة ومنع الهجمات السيبرانية.
وأشار إلى تعاون دولة الإمارات مع رواد التكنولوجيا العالميين، بما يظهر التزامها باعتماد حلول الذكاء الاصطناعي المتقدمة للأمن السيبراني، لافتاً إلى إطلاق مصرف الإمارات المركزي العديد من مشاريع التحول الرقمي، بما في ذلك نشر الدرهم الرقمي الذي يتضمن تقنيات تضمن المعاملات الآمنة والحماية من التهديدات السيبرانية.
وأكد الخلافي أن الجهود الاستباقية التي تبذلها دولة الإمارات في حوكمة الذكاء الاصطناعي واستخدامه في ممارسات الأمن السيبراني داخل القطاع المالي، تُظهر نهجاً استشرافياً للاستفادة من التكنولوجيا في حماية بنيتها التحتية الاقتصادية والحفاظ على مكانتها كمركز مالي رائد.
– مبادرات إستراتيجية.
من جانبه، أكد عماد أحمد عبد الوهاب، المدير العام، رئيس تطوير الأعمال وحلول المدفوعات الحكومية في شركة “ماغناتي”، التابعة لبنك أبوظبي الأول، أن الذكاء الاصطناعي يلعب دوراً حيوياً في دعم القطاع المالي في دولة الإمارات، مشيراً إلى أن المؤسسات المالية في الدولة كانت من أوائل المؤسسات على المستوى العالمي في تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي لتطوير قدرات ومهارات أنظمتها المالية وتعزيز دفاعاتها، واكتشاف التهديدات الأمنية والتخفيف منها، وحماية سلامة النظام المالي.
وأوضح أن القطاع المالي في دولة الإمارات يسخّر الذكاء الاصطناعي في مجموعة واسعة من التطبيقات، بما في ذلك الكشف عن الاحتيال وإدارة المخاطر وخدمة العملاء والمشورة المالية الشخصية، موضحاً أن المؤسسات المالية تصبح أكثر عرضة للهجمات السيبرانية وانتهاكات البيانات، مع قيامها بشكل متزايد برقمنة عملياتها ومعاملاتها، الأمر الذي يتطلب نشر حلول الأمن السيبراني المدعومة بالذكاء الاصطناعي لتعزيز المدفوعات وحماية المعلومات المالية الحساسة.
ولفت إلى أن خوارزميات الذكاء الاصطناعي تتمتع بالقدرة على تحليل كميات هائلة من البيانات في الوقت الفعلي، ما يمكنها من اكتشاف الأنشطة المشبوهة التي قد تشير إلى تهديدات أمنية محتملة، وأنه يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي، من خلال المراقبة المستمرة للمعاملات، تحديد أنماط السلوك الاحتيالي والتدخل بشكل استباقي لمنع الخسائر المالية، كما يمكن لمنصات الأمن السيبراني المعتمدة على الذكاء الاصطناعي التكيف مع التهديدات الجديدة والتعلم منها، ما يجعلها أكثر فعالية في التصدي لمجرمي الإنترنت.
وقال عبدالوهاب، أن المؤسسات المالية في دولة الإمارات كثفت جهودها خلال السنوات الماضية لتعزيز تدابير الأمن السيبراني من خلال الذكاء الاصطناعي، وذلك عبر الاستثمار في تقنيات الأمان المتقدمة والتعاون مع خبراء المجال وشركات الأمن السيبراني، بهدف تعزيز دفاعتها ضد التهديدات السيبرانية المتطورة، فضلا عن الدور الكبير الذي تلعبه الهيئات التنظيمية في الدولة لوضع المعايير والمبادئ التوجيهية التي تضمن التزام المؤسسات المالية بأفضل الممارسات في مجال الأمن السيبراني وحماية البيانات.
وأكد ضرورة تركيز المؤسسات المالية على تثقيف الموظفين والعملاء حول أفضل ممارسات الأمن السيبراني، خصوصا وأن الخطأ البشري هو أحد الأسباب الرئيسة للانتهاكات الأمنية، ما يسلط الضوء على أهمية برامج التوعية والتدريب،
– تهديدات إلكترونية.
بدوره، قال حيدر باشا، الرئيس التنفيذي لأمن المعلومات لدى شركة “بالو ألتو نتوركس” لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، إن حوكمة الذكاء الاصطناعي تلعب دوراً مهماً في القطاع المالي، خصوصاً في التعامل مع التهديدات الإلكترونية واختراقات البيانات، مشيراً إلى أن دولة الإمارات عملت على ضمان استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل آمن وأخلاقي.
وأضاف أن مركز دبي المالي العالمي أطلق مؤخرًا “مبادئ الذكاء الاصطناعي لقطاع الخدمات المالية”، وهي أطر نظرية توضح الاعتبارات الأخلاقية لحالات استخدام الذكاء الاصطناعي، مع الترويج للشفافية والعدالة والمساءلة، مشيراً إلى أن هذه الخطوات تعتبر ضرورية للغاية مع اعتماد المؤسسات المالية بشكل متزايد على الذكاء الاصطناعي لمختلف الوظائف، بما في ذلك خدمة العملاء وكشف عمليات الاحتيال وتحقيق الكفاءة التشغيلية.
وأوضح أنه وفي الوقت الذي يعمل فيه الذكاء الاصطناعي على تعزيز قدرات الأمان الإلكتروني بشكل كبير، إلا أنه يخلق تحديات وثغرات جديدة، ما يتطلّب زيادة الوعي حول نشر الذكاء الاصطناعي في القطاع المالي واتباع إجراءات دقيقة وصارمة، مشيراً إلى أهمية أن تتطور الأطر القانونية لمعالجة المخاطر المرتبطة بالذكاء الاصطناعي مثل التحيز وقابلية التفسير المختلفة والمخاطر المحتملة للهجمات الإلكترونية.
وشدد باشا، على ضرورة أن تركز المؤسسات المالية على ثلاثة جوانب رئيسية فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي، أولها فهم كيفية وصول نماذج الذكاء الاصطناعي إلى القرارات، وثانيا: أن يكون الذكاء الاصطناعي مكملاً وداعماً للقرارات البشرية، لا بديلاً عنها، وثالثاً: أن لا تتضمن نماذج الذكاء الاصطناعي بيانات متحيّزة، لذلك لابد من اتخاذ إجراءات استباقية لمنع التحيّز مثل استخدام مجموعة واسعة ومتنوعة من البيانات المتنوعة ومراقبة التحيز بصورة مستمرة.
– تحليلات متقدمة.
من ناحيته، قال هلال طارق لوتاه، الشريك المؤسس لشركة “لوون”، العاملة في مجال البيانات، إن دولة الإمارات تُقدم نموذجًا يُحتذى به على صعيد العالم في مجال تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي والاستفادة منها، مشيراً إلى تبنيها منذ سنوات، تقنيات الذكاء الاصطناعي كحلّ واعد لمعالجة التحديات التي يواجهها القطاع المالي على مستوى العالم والمتمثلة في صعوبة مواكبة الطلب المتزايد باستمرار على التحليلات المتقدمة، وذلك بسبب نقص أو قدم البنية التحتية للبيانات.
وأضاف أن الإستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي 2031 تسهم في وضع الإمارات في موقع ريادي على مستوى العالم في مجال تقنيات الذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى مبادرات الدولة للتعاون مع المؤسسات المالية، والتي تتناول مجالات مهمة مثل إدارة المخاطر وتنظيم البيانات، وتهدف إلى الاستفادة من قوة الذكاء الاصطناعي لتمهيد الطريق لنظام مالي أكثر انسيابية وأمانًا وابتكارًا.
– تعزيز العمليات.
وأكد روجر روحانا، الرئيس التنفيذي لشركة “الفيا”، المدعومة إستراتيجيا وماليا من صندوق “لونيت” لإدارة الاستثمارات البديلة و”بنك أوف نيويورك ميلون”، أن الذكاء الاصطناعي يتمتع بإمكانات تحويلية، مشيراً إلى وجود 5 مجالات في القطاع المالي يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي فيها لتعزيز العمليات وتبسيطها.
ولفت إلى أن الذكاء الاصطناعي يساعد بشكل كبير في إكمال الرحلات الرقمية ذاتية التوجيه أو الهجينة من خلال تقديم إرشادات عند الطلب باللغة الطبيعية، ومن الأمثلة على ذلك اكتشاف الأهداف الاستثمارية الأساسية والتخطيط المسبق للحل الأكثر ملاءمة قبل وضعه في صيغته النهائية، فضلا عن أنه يمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعي إكمال العديد من العمليات الإدارية مسبقاً بناء على طلب مديري العلاقات أو المستشارين.