الثلاثاء, أبريل 29, 2025
16.4 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

إصدارات أسبوعية

الاحتباس الحراري: وفيات كارثية في أوروبا

الحرة بيروت ـ خاص

كشفت دراسة حديثة زيف النظريات التي تزعم أن التغير المناخي قد يكون “مفيدًا” لجهة نسبة الوفيات المرتبطة بدرجات الحرارة، حيث أكدت أن الاحترار العالمي سيؤدي إلى زيادة حادة في الوفيات الناجمة عن الحرارة الشديدة، متجاوزًا أي انخفاض محتمل في الوفيات المرتبطة بالبرد في مختلف أنحاء أوروبا.

الدراسة، التي نُشرت في مجلة Nature Medicine، أجراها باحثون من مختبر البيئة والصحة في كلية لندن للصحة والطب الاستوائي (LSHTM). وأوضح البروفيسور أنطونيو غاسباريني، المؤلف الرئيسي للدراسة ورئيس مختبر EHM في الكلية، أن النتائج تقدم دليلًا قاطعًا على أن الارتفاع الكبير في الوفيات بسبب الحرارة سيفوق أي تراجع في الوفيات الناتجة عن البرد، ما سيؤدي إلى زيادة في معدل الوفيات في أوروبا.

وأضاف غاسباريني: “هذه النتائج تدحض المزاعم القائلة بوجود فوائد للتغير المناخي، وهي مزاعم تُستخدم أحيانًا لمعارضة السياسات الحاسمة للحد من الانبعاثات الكربونية والتي يجب تنفيذها دون تأخير”.

أرقام مقلقة: أكثر من 2.3 مليون وفاة إضافية بحلول العام 2099

قدّرت الدراسة أن التغير المناخي قد يؤدي إلى أكثر من 2.3 مليون وفاة إضافية في 854 مدينة أوروبية بحلول نهاية القرن الحالي، إذا لم يتم خفض انبعاثات الكربون بشكل عاجل. ويشير الباحثون إلى أن 70% من هذه الوفيات يمكن تفاديها إذا اتُّخذت تدابير سريعة للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري.

المدن الأوروبية الأكثر تضررًا

وتُظهر التوقعات أن برشلونة ستكون الأكثر تضررًا، حيث يُتوقع أن تسجل 246,082 وفاة مرتبطة بدرجات الحرارة بحلول 2099، تليها روما (147,738 وفاة) ونابولي (147,248 وفاة). كما تشمل القائمة مدريد (129,716)، ميلانو (110,131)، أثينا (87,523)، فالنسيا (67,519)، مرسيليا (51,306)، بوخارست (47,468)، وجنوى (36,338).

ويُرجع الباحثون هذا الارتفاع الحاد في الوفيات إلى الكثافة السكانية العالية في مدن البحر الأبيض المتوسط، إلا أن العديد من المدن الصغيرة في مالطا، إسبانيا، وإيطاليا قد تعاني أيضًا من تأثيرات شديدة.

أما في شمال أوروبا، فمن المتوقع أن تكون التأثيرات أقل حدة، حيث قد تسجل مدن مثل لندن انخفاضًا في الوفيات المرتبطة بالحرارة بمقدار 27,455 وفاة، لكن هذا الانخفاض لا يُقارن بالارتفاع الهائل في بقية أنحاء أوروبا، والذي يؤدي إلى 2.3 مليون وفاة إضافية على مستوى القارة.

هل يمكن للمدن الأوروبية التكيف مع ارتفاع درجات الحرارة؟

تشير البيانات المناخية إلى أن أوروبا هي القارة الأسرع احترارًا على مستوى العالم، حيث ترتفع درجات الحرارة فيها بمعدل ضعف المتوسط العالمي.

وفي هذا السياق، تحذر الدكتورة مادلين تومسون، رئيسة قسم تأثيرات المناخ والتكيف في مؤسسة Wellcome الخيرية، من أن الوفيات المرتبطة بالحرارة ليست سوى جزء من المشكلة، إذ يمكن أن تؤدي درجات الحرارة المرتفعة إلى زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، والإجهاض، واضطرابات الصحة العقلية.

وتضيف تومسون: “نحن غير مستعدين للتعامل مع هذا التأثير على صحتنا. المدن بحاجة إلى التكيف السريع، عبر إنشاء مساحات خضراء وممرات مائية للحد من تأثير الجزر الحرارية الحضرية، حيث تحتبس الحرارة بين المباني وعلى الطرقات المعبدة بالإسفلت”.

لكن التكيف وحده لا يكفي. فحتى مع بذل جهود كبيرة لجعل المدن أكثر مقاومة للحرارة، لن يكون ذلك كافيًا لتعويض المخاطر الصحية المتزايدة، خصوصًا في المناطق الأكثر ضعفًا مثل إقليم البحر الأبيض المتوسط، وأوروبا الوسطى، والبلقان.

الحل الوحيد: خفض الانبعاثات بسرعة

خلصت الدراسة إلى أن الخفض السريع للانبعاثات الكربونية هو السبيل الوحيد للحد من الوفيات الناجمة عن الحرارة الشديدة.

ويؤكد د. بيير ماسيلوت، المؤلف الرئيسي للدراسة، أن “نتائجنا تشدد على الحاجة الملحّة إلى تنفيذ استراتيجيات صارمة لمكافحة التغير المناخي، إلى جانب التكيف مع الحرارة المتزايدة، خصوصًا في منطقة البحر الأبيض المتوسط، حيث قد تكون العواقب كارثية إذا لم يتم اتخاذ أي إجراء”.

https://hura7.com/?p=44072

الأكثر قراءة