جريدة الحرة
خاص ـ تعتزم ألمانيا تطبيق خدمة عسكرية جديدة ابتداءً من عام 2031، بمشاركة ما يصل إلى 40 ألف مجند سنويًا. ستكون الخدمة طوعية، على أن يُفرض التجنيد الإلزامي ابتداءً من عام 2028. فمنذ حرب أوكرانيا، أصبحت أهمية الدفاع الوطني القوي في ألمانيا أكثر إلحاحًا على نحوٍ متزايد. حدّدت الحكومة الائتلافية، برئاسة المستشار فريدريش ميرتس، لنفسها هدف تعزيز الجيش الألماني. كما ازدادت مطالب حلف شمال الأطلسي على ألمانيا بشكل ملحوظ، بسبب الوضع الأمني المتوتر.
أكد وزير الدفاع بوريس بيستوريوس: “ضرورة جعل ألمانيا جاهزة للحرب خلال هذه الفترة التشريعية. ولتحقيق ذلك، يجري التخطيط بالفعل لجيش جديد، سيضم ما يصل إلى نحو 40 ألف مجند سنويًا، بدءًا من عام 2031”. ينبغي تلبية هذا الشرط من خلال المتطوعين بشكل أساسي، وإذا لم يكن ذلك كافيًا، يُمكن فرض الخدمة العسكرية الإلزامية. مع ذلك، لا يمكن تحقيق ذلك إلا بموافقة البرلمان الألماني ووفق شروط محددة بوضوح؛ لذلك، لا ينبغي أن يكون هناك تاريخ بدء تلقائي أو أعداد ثابتة.
أفادت تقارير من مصادر في وزارة الدفاع، إنه ابتداءً من عام 2028 فصاعدًا، سيُطلب من جميع الرجال الذين يبلغون من العمر 18 عامًا الحضور للتجنيد بغضّ النظر عمّا إذا كانوا يختارون الخدمة العسكرية التطوعية أم لا. أوضح رئيس جمعية الاحتياطيين الألمان، الدكتور باتريك سينسبورغ: “لكي نمتلك قدرة دفاعية حقيقية، نحتاج إلى 300 ألف جندي عامل، وثلاثة أضعاف هذا العدد من الاحتياطيين، أي ما يقارب مليون جندي احتياطي”. وتابع “لقد كنا نقول ذلك منذ سنوات، وقد وصل هذا المبدأ الآن إلى أعلى المستويات العسكرية والسياسية: بدون احتياطيات، الأمر مستحيل”.
بحسب التقديرات الأولية، فإن الخدمة العسكرية الجديدة تستهدف إجمالي نحو 460 ألف جندي: 260 ألفًا منهم في الخدمة الفعلية، ونحو 200 ألف في الاحتياط. ويبلغ عدد الجنود النشطين حاليًا أكثر من 182 ألف جندي، وحوالي 34 ألف جندي في الاحتياط.
التوجه نحو النموذج السويدي
عُلّقَ التجنيد الإجباري عام 2011 بقرار من وزير الدفاع آنذاك، كارل تيودور تسو غوتنبرغ. ولكن، بما أنه مُنَصَّص عليه في القانون الأساسي، فلا يُمكن إعادته إلا بصيغته الأصلية. إن تغيير الأساس الدستوري على سبيل المثال لتقديم نموذج جديد يتطلب أغلبية الثلثين في البرلمان الألماني. ولتحقيق ذلك، يتعين على الائتلاف الحاكم كسب أصوات إما حزب اليسار أو حزب البديل لألمانيا. وبينما لا يزال التعاون مع حزب البديل مستبعدًا سياسيًا، يرفض حزب اليسار رفضًا قاطعًا أي شكل من أشكال التجنيد الإجباري.
تختلف الخدمة الإلزامية الجديدة عن الخدمة العسكرية السابقة. واستنادًا إلى النموذج السويدي، ستظل طوعية، على الأقل في مرحلتها الأولى. يجري إصلاح نظام التسجيل العسكري والمراقبة بشكل شامل؛ ففي المستقبل، سيتم إرسال استبيان رقمي إلزامي إلى جميع المواطنين الألمان الذكور، واستبيان طوعي إلى الجنسين الآخرين.
يهدف الجيش الألماني بهذه الطريقة، إلى تحديد من هم المستعدون والمؤهلون والمتاحون للخدمة في مرحلة مبكرة. ويهدف النظام الجديد إلى بناء وعي ظرفي موثوق ومحدّث بانتظام. سيتولى الجيش الألماني مهمة التسجيل العسكري بنفسه، ويُعدّ هذا تغييرًا بيروقراطيًا يهدف إلى تخفيف العبء عن سلطات التسجيل في الولايات الاتحادية.
تدريب الطائرات بدون طيار، ودعم رخص القيادة، والأندية الرياضية
من خلال الخدمة العسكرية الجديدة، تسعى الحكومة الفيدرالية إلى تحقيق هدف تجنيد الشباب للخدمة على أساس طوعي في البداية، وتقدّم برنامجًا أكثر تنوعًا من ذي قبل. يبدأ التدريب خلال العام 2025، وسيركّز في البداية على مهام الأمن والحراسة. سيكتسب المجندون فهمًا أوليًا لمختلف مجالات الجيش الألماني لاكتساب خبرة عملية. بالإضافة إلى التدريب العسكري الأساسي، يُركّز البرنامج على التطوير الفردي. تشمل الخطط تدريبًا على التعامل مع الطائرات المسيّرة، ودورات لغوية، وتدريبًا متقدمًا، ومساعدة مالية للحصول على رخصة قيادة من الفئة (B).
يقول بيستوريوس خلال زيارته للقوات في جيرميرسهايم إن: “الخدمة العسكرية يجب أن تحقق أمرين: يجب أن يتلقى الشباب والشابات تدريبًا مهنيًا عالي الجودة”. وتابع: “عند انضمامهم إلى الاحتياط بعد التدريب، يجب أن يكونوا على أتمّ الاستعداد. ثم يغادرون الوحدة وينظرون بفخر إلى ما تعلموه وما اكتسبوه من خبرات، سواءً من حيث المحتوى أو من حيث روح الزمالة والشعور بالهدف”.
وفقًا لبيستوريوس، يجب أن يكون واضحًا أن الالتزام تجاه وطنك هو “شيء خاص”. وأضاف وزير الدفاع: “سنعطي الأولوية للجدوى”. وتابع: “أو بعبارة أخرى من يُكملون هذا التدريب مع الجيش الألماني سيحظون بوقت ممتع وهادف ومُثري حقًا”.


