الخميس, ديسمبر 12, 2024
1.9 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

كارلو جليان – البرجوازية اللبنانية: شريك في الهزيمة قبل أن تبدأ المعركة

بقلم: كارلو جليان

البرجوازية اللبنانية، بتبعيتها المتأصلة للمصالح الخارجية، وقّعت على الهزيمة الوطنية قبل أن تفرضها عليها أي قوة خارجية. هذه الطبقة القاصرة في تطوّرها بفعل تبعيتها، والتي تمثّل الدولة العميقة، تدير لبنان كأنه مجرد سوق استهلاكي، حيث يُختزل المواطن إلى مستهلك، وتُختزل السيادة إلى مجرد شعارات جوفاء.

لا تهتم هذه البرجوازية بالحدود ولا بالثروات الوطنية بقدر ما تهتم بالسمسرات؛ فكل ما يعنيها هو الحفاظ على مصالحها الخاصة واستمرار تدفق الأموال من الخارج بفعل الاغتراب أو الهبات أو حتى القروض. منذ زمن، رهنت البلاد لخدمة مصالحها الشخصية وأسيادها في الغرب، متخلية بذلك عن أي مشروع وطني أو سيادي حقيقي.

في هذا السياق، تبرز المفارقة الكبيرة: الشق السياسي لحزب الله، الذي يُفترض أن يكون في صلب الدفاع عن الوطن، اختار في لحظات حاسمة أن يحمي النظام الطائفي والبرجوازي من الانهيار. بينما يخوض الجناح العسكري للحزب معارك شرسة لحماية الأرض والسيادة. تراجع الشق السياسي وأصبح جزءاً من هذا النظام الذي تحكمه البرجوازية.

وبدلاً من مواجهة هذه الطبقة التي تستفيد من الفساد وتخدم الخارج، رأينا أنه أَمَّنَ لها طوق النجاة إبّان انتفاضة 17 تشرين، مما سمح لها بالبقاء وباستمرار هيمنتها من خلال محاولة ركوب موجة تلك الانتفاضة. بالتالي، أعادت إنتاج نفسها برعاية الشق السياسي لحزب الله، وبقيت مسيطرة بشكل معوَّق على المشهد السياسي والاقتصادي.

اليوم، مع اشتداد المعركة في الجنوب، تستعجل البرجوازية تقديم التنازلات بحجة الحفاظ على الوطن من الأذى وحفظاً على أرواح المواطنين الذين نهبتهم. لكن الحقيقة أن هذه الطبقة تسعى إلى تفادي أي مواجهة قد تهدد مصالحها، حتى لو كان ذلك يعني التضحية بالسيادة الوطنية وبالمواطن. هذه البرجوازية التي نهبت أموال اللبنانيين وأفرغت المؤسسات، تجد نفسها الآن مستعدة لتقديم كل ما يطلبه منها العدو قبل أن يفرضه عليها في ساحة المعركة، وكل ذلك تحت ستار الحفاظ على “الأمن الداخلي والإنقاذ الاقتصادي.”

الهزيمة التي تسعى إليها هذه البرجوازية ليست نتيجة لضغوط خارجية أو هجوم صهيوني فقط؛ إنها نتيجة تحالف داخلي بين البرجوازية والخطأ الذي ارتكبه الشق السياسي لحزب الله. هذا التحالف أنقذ البرجوازية من الانهيار في لحظات مفصلية، وسمح لها بالبقاء على حساب الوطن والسيادة.

في النهاية، وقّعت البرجوازية على الهزيمة قبل أن تبدأ المعركة، مدعومةً بمن يُفترض أنهم في صف المقاومة. هذه البرجوازية ستبقى خنجراً في ظهر عملية التحرر الوطني وتحرير الأرض.

https://hura7.com/?p=37598

الأكثر قراءة