السبت, فبراير 15, 2025
-1 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

التضخم في لبنان: تباطؤ نسبي رغم استمرار الضغوط الاقتصادية

الحرة بيروت ـ خاص

لا يزال لبنان يواجه تحديات اقتصادية معقدة، حيث سجل مؤشر أسعار المستهلك (CPI) ارتفاعاً بنسبة 18% على أساس سنوي في كانون الأول/ديسمبر 2024، وفقاً للبيانات الصادرة عن إدارة الإحصاء المركزي. وعلى الرغم من أن هذا الارتفاع يظل كبيراً، إلا أنه يعكس تباطؤاً ملحوظاً مقارنة بالسنوات السابقة، حيث بلغ معدل التضخم 221.3% في العام 2023 و171.2% في العام 2022. ويرجع هذا التباطؤ إلى عوامل عدة، أبرزها التوسع في استخدام الدولار في المعاملات الاقتصادية واستقرار سعر الصرف منذ منتصف العام 2023.

عوامل مؤثرة في التضخم

رغم التراجع النسبي في معدلات التضخم، لا تزال هناك عوامل متعددة تساهم في ارتفاع الأسعار في لبنان. فمن ناحية، أدت الزيادات المتكررة في الرسوم الجمركية إلى ارتفاع تكلفة السلع المستوردة، ما انعكس على أسعار الاستهلاك المحلي. ومن ناحية أخرى، ساهمت الزيادة في تكاليف التعليم والقطاع العام في تفاقم الضغوط التضخمية. كما كان لارتفاع تكاليف النقل والتأمين، المدفوع بالتوترات الجيوسياسية والصراعات الإقليمية، دور أساسي في استمرار ارتفاع الأسعار.

وتشير البيانات إلى أن أكثر القطاعات تأثراً بارتفاع الأسعار شملت السلع الاستهلاكية الأساسية والخدمات العامة، حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية والمشروبات غير الكحولية بنسبة 22.2%، بينما شهدت أسعار العقارات زيادة بنسبة 23.8%، وارتفعت تكاليف الخدمات الصحية بنسبة 23%. وفي المقابل، شهد قطاع الاتصالات انخفاضاً طفيفاً بنسبة 3%، ما يعكس نوعاً من إعادة التوازن القطاعي.

دور استقرار سعر الصرف والدولرة في احتواء التضخم

ساهم استقرار سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي، منذ تموز/يوليو 2023، في الحد من تسارع التضخم. ويرتبط هذا الاستقرار بتزايد الدولرة في المعاملات الاقتصادية، حيث يتم تنفيذ نحو 80% من عمليات الشراء والاستهلاك، لا سيما في قطاع التجزئة، بالدولار الأميركي. وقد أسهم ذلك في الحد من تأثير تراجع قيمة الليرة اللبنانية على الأسعار المحلية، ما وفّر نوعاً من الاستقرار النسبي في السوق.

تفاوت معدلات التضخم بين المناطق والقطاعات

تُظهر البيانات أن معدلات التضخم تختلف من منطقة إلى أخرى داخل لبنان. ففي كانون الأول/ديسمبر 2024، سجل مؤشر أسعار المستهلك زيادة بنسبة 3.8% في شمال البلاد، مقابل 3% في الجنوب، و2.3% في بيروت ومنطقة النبطية. أما في منطقة البقاع، فقد ارتفعت الأسعار بنسبة 2.1%، بينما شهد جبل لبنان أقل نسبة زيادة بلغت 1.5%. ويعكس هذا التفاوت اختلاف تكاليف النقل، وهياكل الاستهلاك، ومدى توفر الخدمات الأساسية في كل منطقة.

على صعيد الفئات الاستهلاكية، كانت أكبر الزيادات في تكاليف التعليم (+30%)، تليها السلع الاستهلاكية الأساسية (+22%)، ثم قطاع الترفيه (+9.7%). في المقابل، ورغم أن تكاليف الخدمات الصحية والطاقة لا تزال مرتفعة، إلا أنها أظهرت بعض الاستقرار في بعض القطاعات.

على الرغم من التراجع الملحوظ في معدلات التضخم مقارنة بالسنوات السابقة، لا يزال لبنان يواجه تحديات كبيرة على المستوى الاقتصادي. فالضغوط التضخمية لم تختفِ تماماً، بل استمرت مدفوعة بارتفاع الرسوم الجمركية وتكاليف الخدمات الأساسية، إضافة إلى العوامل الجيوسياسية التي تؤثر على تكاليف النقل والتأمين. ومع ذلك، فإن استقرار سعر الصرف وزيادة الاعتماد على الدولار في المعاملات اليومية ساهما في الحد من تسارع التضخم، ما يشير إلى إمكانية تحقيق مزيد من الاستقرار إذا استمرت هذه العوامل الإيجابية في المستقبل.

https://hura7.com/?p=43315

الأكثر قراءة