د. طاهر محمود أماره مركز البحوث الزراعية ـ القاهرة
جريدة الحرة ـ بيروت
منذ آلاف السنين والإنسان يقدّر عسل النحل ويعدّه من أطيب وأغلى النعم. فالعسل ليس مجرد مادة حلوة المذاق تُضاف إلى الطعام أو المشروبات، بل هو منظومة متكاملة من العناصر الغذائية والمركّبات الطبيعية التي جعلت منه غذاءً ودواءً في آنٍ واحد.
كيف يصنع النحل العسل؟
تبدأ رحلة العسل من الأزهار، حين تخرج شغالات النحل من الخلية لتجمع الرحيق وتخزّنه في معدتها. هناك، تبدأ إنزيمات النحل في تكسير السكريات المعقّدة إلى سكريات بسيطة مثل الجلوكوز والفركتوز. وعند عودة النحلة إلى الخلية، تضع الرحيق في العيون السداسية، حيث يقوم النحل بتهويته بأجنحته لتبخير الماء الزائد منه، ثم يُغلق العيون بطبقة من الشمع لتصبح جاهزة لتخزين العسل الذي نراه في صورته النهائية.
تركيب العسل
يتكوّن العسل الطبيعي في معظمه من السكريات الأحادية (حوالي 70 إلى 80%)، أهمها الفركتوز والجلوكوز، إضافة إلى نسبة من الماء، وعدد كبير من الفيتامينات والمعادن، وكذلك الأحماض الأمينية والإنزيمات ومضادات الأكسدة. وتختلف مكونات العسل باختلاف مصدر الرحيق، لذلك نجد أنواعًا عديدة مثل عسل الموالح والسدر، والبرسيم، والزهور البرية، والكافور، وغيرها.
الفوائد الصحية لعسل النحل
تقوية المناعة: العسل يحتوي على مضادات أكسدة طبيعية تحمي الجسم وتقلّل فرص الإصابة بالأمراض.
علاج اضطرابات الجهاز الهضمي: استخدام العسل يوميًا يحسّن عملية الهضم ويعزّز نمو البكتيريا النافعة في الأمعاء.
تخفيف السعال: تناول ملعقة من العسل الدافئ مع الليمون أو الزنجبيل يُعدّ من أنجح العلاجات الطبيعية لتهدئة الكحّة والتهابات الحلق.
كيف تميّز العسل الطبيعي؟
يختلط الأمر على كثيرين بين العسل الطبيعي والعسل المغشوش. ويمكن تمييز العسل الأصلي بعدة طرق بسيطة: عند وضع قطرة منه على ورق لا تمتصّها بسرعة، لا يذوب بسهولة في الماء البارد، يتميّز برائحة الزهور أو الشمع الطبيعي، لا يتبلور بسرعة إلا في الجو البارد،
العسل في القرآن والسنة
لقد حظي العسل بمكانة عظيمة في الإسلام، إذ قال الله تعالى في كتابه الكريم:”يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ” (سورة النحل – آية 69). وفي السنة النبوية، قال النبي ﷺ: “الشفاء في ثلاث: شربة عسل، وشرطة محجم، وكية نار”.
أنواع العسل المشهورة في العالم العربي
عسل السدر: من أغلى وأجود الأنواع، يشتهر في اليمن والسعودية، وله طعم قوي وفوائد مناعية عالية.
عسل الزهور البرية: متعدد المصادر النباتية، لونه فاتح وطعمه خفيف، ويفيد في تحسين الهضم.
عسل الكافور: يُستخدم لعلاج مشاكل الجهاز التنفسي والاحتقان.
عسل البرسيم: غني بالفيتامينات ويساعد في تحسين الذاكرة والنشاط.
ختامًا، يبقى عسل النحل أكثر من مجرد غذاء؛ إنه إرث طبيعي وصحي ثمين، يحمل في كل قطرة منه قصة من العمل والدقة والتعاون بين أفراد خلية النحل.
