الخميس, نوفمبر 6, 2025
23.4 C
Beirut

الأكثر قراءة

إصدارات أسبوعية

السويداء تنزف بين فتك السلطة وتوظيف الاحتلال: جرائم موثّقة وشراكة في التواطؤ

حنا صالح

 

جريدة الحرة ـ بيروت

مشين ما حدث في السويداء من توحش ومجازر وتعديات إجرامية طالت المدنيين… ومدان رهان بعضهم على العدو، ومدان بشدة التمادي الصهيوني في الإعتداء الواسع على الأراضي السورية، وإدعاء الدفاع عن شريحة أصيلة من شعب سوريا هم الدروز، فيما كل همّ العدو العبث بالأقليات وإستغلالها لمآربه.

ومن الآخر التهور في أداء السلطة، إستغله العدو ليوجه ضربات قاصمة للدولة السورية وبالأخص قصف مبنى الأركان العامة ومحيط قصر المهاجرين في قلب دمشق كما ضرب العديد من الأرتال العسكرية والمواقع المختلفة. هذا التهور أربك الجهات التي تبنت الحكم الجديد، فحدث التدخل الأميركي (تصريح وزير الخارجية روبيو) والتركي والسعودي، والحصيلة فرض إنسحاب القوى العسكرية التابعة للسلطة من كل محافظة السويداء، وتسليم الأمن لقوى محلية. كان الشرط الإسرائيلي خروج كل قوى السلطة من كل الجنوب السوري مقابل التراجع الإسرائيلي بعدما أعلنت تل أبيب أنها لن تقبل جعل الجنوب السوري مشابه لما كان عليه جنوب لبنان. وفي نظرة واقعية فإن ما حدث أفضى لنوع من حزام أمني واسع في الجنوب السوري يضمن هيمنة صهيونية!

لماذا هذا التطور الخطير، وهناك وفق الأميركيين خطوط تفاوض مفتوحة إسرائيلية سورية؟ وماذا حدث في التفاوض الأمني الإسرائيلي السوري الذي تم في أذربيجان؟ وهل هذا يعني أن نتنياهو لم يعد يعتبر المفاوضات مع سوريا أولوية؟ ولماذا إنتقل الموفد الرئاسي إلى سوريا السفير في تركيا توم برّاك من لغة الإعراب عن القلق، إلى “التنديد بشدة بالعنف ضد المدنيين في السويداء” ودعوة “جميع الأطراف إلى حوار هادئ يفضي إلى وقف نار دائم” ويشدد على “محاسبة المرتكبين”؟ بالتأكيد هناك قوى لها إرتباطات وبالتأكيد تريد تل أبيب توجيه رسائل دقيقة لأنقرة ودول الخليج بشأن مستقبل الوضع في سوريا والأدوار المختلفة فيها… لكن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق الممسكين بالسلطة: الرئاسة المؤقتة والحكومة السورية… وبعد ذلك يتم البحث عن أدوار المرتبطين!

مخيفة الجرائم التي تعرض لها أهالي السويداء، والمخيف جداً أن من إرتكبها فعل ذلك باسم الجيش السوري والأجهزة الأمنية الرسمية. بعد جرائم الساحل التي سجلت ضد مجهول، لأنه لم يتم أي تحقيق جدي بشأنها، فإن جرائم السويداء جرت وكأن من قام بها يستعجل شطب مجازر نظام صيدنايا! أعدموا المدنيين، وأهانوا رجال الدين وحلقوا شوارب الشيوخ والرجال وإعتدوا على النساء وكل ذلك وصل إلى كل جهات الدنيا لأنهم صوروا على الهواتف جرائمهم البغيضة!

إن كل عنف ضد المدنيين مدان ومرفوض، والشرعية الحقيقية في سوريا البلد المثخن بالجراح، تفترض لرسوخها، توافقات مع مكونات الشعب السوري ولا يمكن أن تقوم على القهر وتستمر بقوة السلاح!

لو تم التحقيق الفعلي بالمجازر التي إرتكبت في الساحل السوري ضد الطائفة العلوية، ولوتم كشف الفاعلين ومحاسبتهم لما جرت جرائم السويداء. وبعد اليوم سيكون صعباً جداً الوصول إلى توافق ناجز مع الكرد، مع “قسد” بعد هذه المشاهد. الأسف عبارة غير كافية. فإذا كان النظام البائد تعوّد على الرضوخ للخارج والتنازل عند شروطه ورغباته أياً كان: أميركي، إسرائيلي، تركي وإيراني وروسي وعلى الدوام إستأسد على الداخل، فقتل ودمر وحول سوريا إلى مقبرة مفتوحة… فالأمر أشد خطورة أن يكون هذا المنحى هو الذي سيستمر بعد كل الويلات التي ضربت الشعب السوري!

جيد أن يتوجه أحمد الشرع الرئيس المؤقت لسوريا بكلمة يحذر فيها من أطماع العدو الإسرائيلي وسعيه المستمر لزرع الفتن بهدف تفكيك سوريا، لكنه لم يكن موفقاً، إن لم نقل جانب الحقيقة، في الإدعاء أن ما جرى في السويداء كان قتالاً داخلياً بين مجموعات في السويداء ومجموعات من خارجها بسبب خلافات قديمة!! وأنه تبعاً لذلك تدخلت القوى العسكرية لوزارتي الداخلية والدفاع. أبداً لم يكن ما حدث قتالاً داخلياً بل تعديات من فلول تابعة للسلطة تم دعمها لاحقاً بقوى نظامية ارتكبت مجازر وأفعال مشينة، والجرائم كانت بالصوت والصورة… إن هذا الأمر كان يتطلب لغة أخرى من الرئاسة السورية. الحكمة كانت تقتضي الإعتذار الحقيقي المرفق بإجراءات، والتعهد بحسابٍ جدي ودعوة مختلفة لحوار بناء… وبالنهاية لا بديل عن تعديلات في الإعلان الدستوري المؤقت يتيح فعلاً توسيع قاعدة الحكم ليحمل الطمأنينة لمختلف الفئات السورية التي نالها كلها الكثير من توحش النظام البائد.

منذ إلتقط نتنياهو أنفاسه في اليوم التالي على طوفان الأقصى، وهو يخبرنا عن شرق أوسط جديد، ترسم تل أبيب ملامحه بالحديد والنار. هناك من يساعد نتنياهو لجعل أحلامه قابلة لأن تتحقق. ما حصل في السويداء مثال، وقبله ومستمر ما يحصل في لبنان مع تمسك حزب الله بالسلاح وهو العاجز عن إستخدامه ضد العدو، لكنه يعتقد أنه قادر على إستخدامه في الداخل ضد اللبنانيين فيستمر زمن منع قيام الدولة وإستعادة الجمهورية!

يبقى أن كتبة وصحافيين ومحللين سوريين وصلت إليهم الصور والمشاهد المشينة فإبتلعوا ألسنتهم وتجاهلوا وتعاموا، وبعضهم ممن نراهم على بعض الشاشات راح يشكك ويبرر… مشين موقفكم، إن نجح هذا التطرف باسم الإسلام الآتي من زوايا مظلمة من التاريخ بأكل الثور الأبيض فسوف يأكل في الغد الثور الأسود! خسئتم!

https://hura7.com/?p=61833

الأكثر قراءة