جريدة الحرة
خاص ـ تضمّ فرنسا أكبر جالية يهودية في أوروبا، فضلاً عن أكبر عدد من السكان المسلمين في أوروبا الغربية، متقدمة على المملكة المتحدة وألمانيا. كما تُعدّ فرنسا واحدة من الدول الأوروبية التي تطالب بوقف فوري لإطلاق النار في الهجوم الإسرائيلي على غزة، وزيادة فرص الحصول على المساعدات الإنسانية، التي تُوزَّع منذ مايو/أيار 2025 بشكل أساسي من خلال مؤسسة غزة الإنسانية المدعومة من الولايات المتحدة.
متى تعترف فرنسا بدولة فلسطين؟
أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في 24 يوليو/تموز 2025، أن فرنسا ستعترف بدولة فلسطين خلال سبتمبر/أيلول 2025 في الجمعية العامة للأمم المتحدة، مضيفًا: “آمل أن يساعد ذلك في إحلال السلام في المنطقة، فالفرنسيون يريدون السلام في الشرق الأوسط”. وأضاف: “الأمر متروك لنا، نحن الفرنسيين، ومع الإسرائيليين والفلسطينيين وشركائنا الأوروبيين والدوليين، لإثبات أن ذلك ممكن”، مؤكدًا نية فرنسا بأن تصبح أول قوة غربية كبرى تعترف بشكل كامل بالدولة الفلسطينية.
كما دعا ماكرون إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح جميع الرهائن المحتجزين لدى حماس، وتقديم مساعدات إنسانية “ضخمة” لسكان القطاع. وتابع قائلاً: “يجب علينا ضمان نزع سلاح حماس، وتأمين غزة، وإعادة إعمارها، ويجب أن نبني دولة فلسطين، ونضمن قدرتها على البقاء، وعلى أن تساهم — من خلال قبول نزع سلاحها والاعتراف الكامل بإسرائيل — في أمن الجميع في الشرق الأوسط”.
هذا هو وقت التحرك
يأتي قرار ماكرون في ظل موجة دولية من الاعتراف بالدولة الفلسطينية، إذ سبقه عدد من الحلفاء الأوروبيين كأيرلندا، والنرويج، وإسبانيا. لكنه مهّد الطريق أمام القوى الكبرى لاعتماد النهج ذاته. ومن بين الدول الـ193 الأعضاء في الأمم المتحدة، تعترف نحو 147 دولة بدولة فلسطين، التي مُنحت صفة مراقب غير عضو في المنظمة الدولية منذ عام 2012. أما إسرائيل، فهي عضو كامل، وتعترف بها حوالي 165 دولة عضوًا في الأمم المتحدة.
وكان من المقرر عقد مؤتمر أممي حول “حل الدولتين” في يونيو/حزيران 2025، برعاية باريس والرياض، إلا أنّ اندلاع الحرب بين إسرائيل وإيران أدّى إلى تأجيله. ووفقًا لجوزيف أتامان، المحلل في CNN: “يشير الإعلان الفرنسي المفاجئ إلى أن ماكرون يرى أنّ هذه اللحظة هي وقت التحرك”، لافتًا إلى اجتماع مرتقب في 25 يوليو/تموز 2025 بين قادة فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا لاتخاذ إجراءات عاجلة بشأن الأزمة الإنسانية في غزة.
ردود الفعل على الإعلان الفرنسي
وفيما جاءت ردود الفعل من داعمي الرئيس الفرنسي حذرة، علّق عدد من زعماء المعارضة على الإعلان على نطاق واسع. فقد وصف جان لوك ميلينشون، مؤسس حركة “فرنسا الأبية”، المبادرة بأنها “انتصار أخلاقي” لحركته، معبّرًا في الوقت نفسه عن تحفظات: “لماذا في سبتمبر وليس الآن؟ وماذا عن حظر السلاح؟ وماذا عن إنهاء اتفاقيات التعاون؟”.
من جهته، رحّب زعيم الحزب الاشتراكي أوليفييه فور بالقرار، قائلاً: “أؤيد اعتراف الرئيس ماكرون بدولة فلسطين، ويجب أن يترافق هذا القرار بعقوبات طالما استمرت الإبادة الجارية”. أما زعيم حزب “التجمّع الوطني” اليميني المتطرف جوردان بارديلا، فقال: “إذا كان حلّ الدولتين هو الهدف، فإن اعتراف إيمانويل ماكرون بدولة فلسطينية يمنح حماس شرعية مؤسسية ودولية غير مسبوقة”.
وعلّق المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا على الخطوة بوصفها “خطأً أخلاقيًا ودبلوماسيًا، وخطرًا سياسيًا”. ويأتي إعلان ماكرون بعد توقف محادثات وقف إطلاق النار في غزة التي كانت تُعقد في قطر، حيث اتهمت الولايات المتحدة حماس بـ”غياب الإرادة” للتوصل إلى اتفاق.
وفي المقابل، تتراوح التحذيرات الإسرائيلية لفرنسا بين تقليص تبادل المعلومات الاستخباراتية، وتعقيد المبادرات الإقليمية الفرنسية، وصولاً إلى التلميح باحتمال ضمّ أجزاء من الضفة الغربية.


