الثلاثاء, أبريل 29, 2025
21.2 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

إصدارات أسبوعية

الفساد يهدّد جهود مكافحة التغير المناخي: تقرير الشفافية الدولية يكشف المخاطر العالمية

الحرة بيروت ـ خاص

حذرت منظمة الشفافية الدولية في أحدث تقاريرها من أن الفساد بات يشكل عقبة رئيسية أمام الجهود العالمية لمكافحة التغير المناخي، ما قد يعرقل التعاون الدولي في هذا المجال الحاسم. وأوضح مؤشر مدركات الفساد للعام 2024 أن العديد من الدول التي تلعب دوراً محورياً في دبلوماسية المناخ شهدت تراجعاً في درجاتها، ما يعكس الحاجة الملحّة لاتخاذ إجراءات فورية لتعزيز الشفافية والمساءلة.

تقرير يكشف التحديات العالمية

وفقاً للتقرير الصادر يوم الثلاثاء الماضي، سجل أكثر من ثلثي الدول أقل من 50 نقطة من أصل 100 على مقياس الفساد، بينما ظلّ المتوسط العالمي ثابتاً عند 43 نقطة، ما يبرز استقرار معدلات الفساد عند مستويات مقلقة. ورغم إحراز 32 دولة تقدماً منذ عام 2012، فإن 148 دولة ظلت راكدة أو شهدت تراجعاً، الأمر الذي وصفته المنظمة بأنه “تأثير مدمر” للفساد على الجهود المناخية العالمية.

وأكد التقرير أن الفساد يعمّق أزمة المناخ، خاصة مع تصاعد درجات الحرارة العالمية وزيادة الظواهر الجوية المتطرفة، مشدداً على أن الدول التي تستضيف مؤتمرات المناخ الكبرى ليست بمنأى عن هذه الظاهرة. وتشير المنظمة إلى أن الفساد يقوض قدرة الحكومات على تنفيذ سياسات بيئية فاعلة، حيث يتم تحويل الموارد المالية بعيداً عن المشاريع الحيوية إلى مصالح خاصة، ما يؤخر الإجراءات الضرورية لمواجهة التغير المناخي.

البلدان الأكثر عرضة للفساد المناخي

سلّط التقرير الضوء على بعض الدول التي تواجه تحديات كبيرة في مكافحة الفساد المناخي. فقد حصلت البرازيل، المستضيفة لمؤتمر المناخ المقبل، على 34 نقطة فقط، وهو أدنى تصنيف لها على الإطلاق. أما الولايات المتحدة، التي تلعب دوراً رئيسياً في دبلوماسية المناخ، فقد سجلت 65 نقطة.

وأشار التقرير أيضاً إلى المخاطر المتزايدة التي تهدد مليارات الدولارات المخصصة لتمويل مشاريع المناخ، خصوصاً في الدول الأكثر احتياجاً لهذا الدعم. وتعد جنوب إفريقيا وفيتنام وإندونيسيا من أبرز الأمثلة التي تعكس كيف يؤدي الفساد إلى تعطيل المبادرات المناخية. في هذه الدول، تم الكشف عن حالات فساد واسعة النطاق تتعلق بصناديق تمويل مشاريع الطاقة النظيفة والتخفيف من آثار التغير المناخي، مما يؤثر سلباً على السكان الأكثر تضرراً من الظواهر المناخية المتطرفة.

أكثر الدول فساداً والأكثر نزاهة

وفقاً لمؤشر مدركات الفساد، تواصل الدنمارك تصدر القائمة كأقل الدول فساداً عالمياً، بدرجة 90، تليها فنلندا (88) وسنغافورة (84). في المقابل، جاءت الدول الأكثر فساداً في مناطق الصراعات وعدم الاستقرار، مثل جنوب السودان ( 8 نقاط)، الصومال (9)، فنزويلا (10)، سوريا (12)، وليبيا (13).

ويعيش حوالي 6.8 مليار شخص، أي ما يعادل 85% من سكان العالم، في دول تقل فيها درجات مؤشر الفساد عن 50، ما يعكس الانتشار الواسع لهذه الظاهرة وتأثيراتها العميقة.

وتشير منظمة الشفافية الدولية إلى أن ارتفاع معدلات الفساد يؤثر على استقطاب الاستثمارات الأجنبية المخصصة لمشاريع المناخ، حيث تفقد الجهات المانحة ثقتها في قدرة الحكومات الفاسدة على إدارة الأموال بشكل شفاف. هذا التردد يؤدي إلى نقص التمويل اللازم لمشاريع البنية التحتية الخضراء والطاقة المتجددة، ما يفاقم من تداعيات الأزمة البيئية.

الشفافية والمساءلة: أدوات أساسية لمكافحة الفساد

أكد التقرير أن السبيل الوحيد لضمان استخدام أموال المناخ بكفاءة هو تعزيز آليات الشفافية والمساءلة. وأوصت منظمة الشفافية الدولية بضرورة تبني “إجراءات أكثر صرامة لمراقبة التمويل المناخي، ودعم الهيئات المكافحة للفساد، ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم البيئية”.

كما أشار التقرير إلى المخاطر التي يتعرض لها المدافعون عن البيئة، إذ تعرض المئات منهم للترهيب والعنف وحتى القتل في السنوات الأخيرة، خاصة في البلدان التي تعاني من مستويات فساد مرتفعة. فمنذ العام 2019، تم تسجيل أكثر من 1000 حالة قتل للناشطين البيئيين في دول تقل درجاتها عن 50 نقطة على المؤشر، ما يعكس العلاقة المباشرة بين الفساد وانعدام الأمن البيئي والسياسي.

الحلول المقترحة لتعزيز النزاهة في السياسات المناخية

تؤكد المنظمة أن معالجة الفساد في قطاع المناخ تتطلب نهجاً متعدد المستويات يشمل التعاون الدولي، وإصلاح القوانين المحلية، وتعزيز الشفافية في إدارة الأموال المناخية. ومن بين المقترحات التي قدمها التقرير:

  • إنشاء هيئات رقابية مستقلة لمراقبة تنفيذ مشاريع المناخ وضمان عدم إساءة استخدام التمويلات.
  • تعزيز مشاركة المجتمع المدني في عمليات صنع القرار البيئي لضمان مساءلة الحكومات والمؤسسات.
  • فرض عقوبات صارمة على الأفراد والشركات المتورطة في الفساد البيئي.
  • تعزيز تبادل المعلومات بين الدول حول ممارسات مكافحة الفساد لضمان تطبيق سياسات منسقة وفعالة.

مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة العالمية، يتعين على الدول اتخاذ إجراءات حاسمة لمكافحة الفساد، الذي يشكل أحد أكبر العوائق أمام تحقيق أهداف المناخ العالمية. فبدون شفافية ومساءلة قوية، ستظل الجهود المبذولة لمكافحة التغير المناخي عرضة للتقويض، ما يهدد مستقبل كوكبنا وسكانه. وكما أكد التقرير، فإن القضاء على الفساد ليس خياراً، بل ضرورة لضمان نجاح السياسات المناخية العالمية. إن تحقيق مستقبل أكثر استدامة يتطلب إرادة سياسية حقيقية وتعاوناً دولياً جاداً لمكافحة هذه الظاهرة التي تهدد ليس فقط البيئة، ولكن أيضاً العدالة الاجتماعية والاستقرار الاقتصادي على مستوى العالم.

https://hura7.com/?p=44406

الأكثر قراءة