السبت, مارس 15, 2025
3 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

القدرات النووية الفرنسية “غموض استراتيجي” بالنسبة لروسيا

خاص – تعد العقيدة النووية الفرنسية عقيدة دفاعية، وتهدف إلى ردع المعتدين المحتملين من خلال الحفاظ على تهديد نووي موثوق وحماية المصالح الحيوية لفرنسا. لا تقدم فرنسا التزاماً موسعاً لردع أو الرد على التهديدات النووية أو غير النووية الموجهة إلى حلفائها للدفاع عنهم. وتحظر العقيدة النووية الفرنسية نشر الأسلحة النووية خارج فرنسا. كما تعني سياسة “الاكتفاء الصارم” إبقاء الترسانة النووية الفرنسية عند أدنى مستوى ممكن، ولا يجوز استخدامها إلا في الظروف القصوى للدفاع عن النفس. وقد رفض ماكرون، مثل الرؤساء الفرنسيين السابقين، وضع الردع النووي الفرنسي تحت قيادة الاتحاد الأوروبي أو حلف شمال الأطلسي.

القدرات النووية الفرنسية

أصبحت فرنسا الدولة الوحيدة في الاتحاد الأوروبي التي تمتلك أسلحة نووية. وتشير التقديرات إلى أن البلاد تمتلك حالياً أكثر من 290 رأساً نووياً. يمكن إطلاق القنابل من الجو بواسطة الطائرات المقاتلة وكذلك بواسطة الغواصات. وقد تم تصميم الترسانة الفرنسية في المقام الأول للعمل بشكل مستقل ودون مساعدة من الدول الأخرى. كما تم بناء جميع المكونات اللازمة للأسلحة مثل الطائرات أو الغواصات كنظم توصيل من قبل شركات فرنسية، حتى لا تعتمد البلاد على التكنولوجيا الأجنبية في حالات الطوارئ.

وتنفق فرنسا نحو 5.6 مليار يورو (6.04 مليار دولار) سنوياً على صيانة مخزونها من 290 سلاحاً نووياً تطلقها الغواصات والطائرات، وهو رابع أكبر مخزون في العالم. وتنفق نحو 15% من ميزانيتها الدفاعية السنوية على تحديث قدراتها النووية.

تعد فرنسا إحدى القوى النووية الأصغر في العالم. فلديها رؤوس حربية أكثر من باكستان أو الهند أو إسرائيل. ومع ذلك، فهي لا تقترب من القوى العظمى، مثل الولايات المتحدة وروسيا. إذ إن الترسانة الفرنسية قابلة للمقارنة في الحجم مع ترسانة بريطانيا العظمى. ومع ذلك، في الجيش البريطاني، فالبحرية هي فقط التي تستطيع إطلاق الأسلحة النووية من الغواصات. في المقابل، تتمتع القوات الجوية الفرنسية أيضاً بالقدرة على حمل القنابل بواسطة الطائرات المقاتلة.

لا تمتلك فرنسا على عكس القوى النووية “الكبرى”، روسيا والولايات المتحدة، أي أسلحة نووية تكتيكية. وعلى النقيض من الأسلحة النووية الاستراتيجية، يمكن استخدام هذه الأسلحة بشكل أكثر مرونة، على سبيل المثال في المناطق المجاورة مباشرة للقتال من خلال إطلاقها عبر الصواريخ أو الصواريخ المجنحة أو قذائف المدفعية. ومن ناحية أخرى، فإن الأسلحة الفرنسية والبريطانية مصممة لشن هجمات من مسافات بعيدة، وبالتالي فهي تعمل كرادع أكثر منها للاستخدام الفعلي في القتال.

يرتبط النظام البريطاني ارتباطاً وثيقاً بالنظام الأمريكي، وهذا يلعب دوراً مهماً بالنسبة لحلف شمال الأطلسي. فعلى سبيل المثال، يتم تصنيع صواريخ ترايدنت التي تستخدمها الغواصات البريطانية في الولايات المتحدة. وتلعب الترسانة الفرنسية دوراً ثانوياً في تخطيط حلف شمال الأطلسي، ففرنسا لا تشارك في مجموعة التخطيط النووي التي يناقش فيها التحالف استراتيجيته النووية.

يقول بيير هاروش من الجامعة الكاثوليكية في ليل: “في الماضي عندما قدمت فرنسا مبادرات حول توسيع الحماية النووية، كانت الدول الأخرى مترددة في الاستجابة”. “ولم يرغبوا في إرسال إشارة مفادها أنهم لا يملكون ثقة كاملة في الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي”.

القدرات النووية الفرنسية والبريطانية مكملة للردع الأمريكي

أفاد مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ومقره واشنطن: “في الوضع الحالي، تشكل القوات النووية الفرنسية والبريطانية مكملاً للردع الأمريكي الموسع، لكنها لن تشكل حلاً قابلاً للتطبيق في حالة الانسحاب المفاجئ للقوات النووية الأمريكية”. “إن فرنسا والمملكة المتحدة لا تقدمان ضمانة ردع موسعة بالطريقة التي تفعلها الولايات المتحدة في حلف شمال الأطلسي”.

وأشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى تصريح أدلى زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي CDU، فريدريش ميرتس، قائلاً: “استجابة للدعوة التاريخية التي وجهتها المستشار الألماني المستقبلي، قررت فتح النقاش الاستراتيجي بشأن حماية حلفائنا في القارة الأوروبية من خلال ردعنا”.

ليست مقترحات الرئيس الفرنسي بجديدة. ففي العام 2024، تحدث ماكرون بالفعل عن الدفاع عن الدول الأخرى في الاتحاد الأوروبي باستخدام الأسلحة النووية الفرنسية في حالة وقوع هجوم. وفي ذلك الوقت، لم تتقبل دول أخرى، مثل ألمانيا، الاقتراح، على الأقل ليس علناً.

ويرى هاروش أن هناك بعداً سياسياً في التصريح بشكل أكثر وضوحاً بأن فرنسا ستستخدم ترسانتها للدفاع عن دول أوروبية أخرى. ويقول: “إذا كان للولايات المتحدة أن تكون أقل حضوراً، فإن الدول الأوروبية سوف تعتمد على بعضها البعض بشكل أكبر. ويصبح عالمنا الاستراتيجي أكثر أفقية”.

مقترحات الرئيس الفرنسي النووية لاتزال غامضة

لا تزال أفكار الرئيس الفرنسي غامضة. ومن غير الواضح، على سبيل المثال، ما إذا كانت فرنسا قادرة على تصور نشر أسلحتها النووية في بلدان أخرى، كما هي الحال حالياً مع الولايات المتحدة. وإذا سعى ماكرون إلى اتباع خطة مماثلة، فسوف يعني ذلك في كل الأحوال قطيعة مع استراتيجية البلاد النووية السابقة القائمة على الاكتفاء الذاتي. وعلاوة على ذلك، فإن التمركز في بلدان أخرى من شأنه أن يثير السؤال حول ما إذا كانت الدول الشريكة قادرة على المساهمة مالياً، وكيفية حدوث ذلك. ومن الناحية المثالية، من شأن ذلك أن يمكّن فرنسا من توفير التكاليف.

ولم يجب ماكرون على السؤال حول الكيفية التي يمكن بها لفرنسا إشراك الدول الأوروبية الأخرى في ترسانتها النووية. لكنه أكد أن الرئيس الفرنسي وحده هو الذي يملك اتخاذ القرار بشأن استخدام الأسلحة. وقال ماكرون: “مهما حدث فإن القرار كان وسيظل دائماً بيد رئيس الجمهورية”.

القدرات النووية الفرنسية “غموض استراتيجي” بالنسبة لروسيا

وصف الكرملين خطاب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأنه “مواجهة شديدة للغاية”، وأكد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أن تعليقاته حول الأسلحة النووية تشكل تهديداً. وأضاف: “إذا عقد اجتماعاً لرؤساء الأركان العامة للدول الأوروبية وبريطانيا، وقال إنه من الضروري استخدام الأسلحة النووية، واستعد لاستخدام الأسلحة النووية ضد روسيا، فهذا بالطبع تهديد”.

بدورها، أشارت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إلى أن ماكرون ربما يحتاج إلى مساعدة في قياس الحجم العسكري الفرنسي الحقيقي. وأكدت أن خطابه احتوى على “ملاحظات حول الابتزاز النووي” يصل إلى حد التهديد الموجه إلى روسيا. وتابعت: “لقد انفجرت طموحات باريس في أن تصبح “الراعي” النووي لأوروبا كلها، من خلال توفير “مظلة نووية” خاصة بها، لتحل محل المظلة الأمريكية تقريباً. وغني عن القول إن هذا لن يؤدي إلى تعزيز أمن فرنسا نفسها أو أمن حلفائها”.

يرى الخبراء إنه من الممكن دمج الحلفاء في التدريبات النووية الفرنسية من خلال توفير الحراسة الجوية وتطوير الدعم اللوجستي والإمدادي، بهدف خلق درجة من التشغيل البيني. وتمتلك فرنسا طائرات رافال القادرة على حمل صواريخ نووية، ويمكن نشر هذه الطائرات في مختلف أنحاء أوروبا، بهدف خلق “غموض استراتيجي” بالنسبة لروسيا. وأكد الخبراء أن مسألة ما إذا كان شركاء الاتحاد الأوروبي قادرين على المساهمة في تكلفة الحفاظ على الردع الفرنسي أو تحديثه قد تكون أحد الخيارات التي يجب مناقشتها.

لكن أفكار ماكرون قد لا تدوم طويلاً على مستوى السياسة الداخلية. إذ من المقرر أن يتم انتخاب رئيس جديد في فرنسا بحلول عام 2027 على أقصى تقدير. وعلى سبيل المثال، ترفض الزعيمة اليمينية الشعبوية مارين لوبان أي شكل من أشكال “التماسك الأوروبي”. فإذا ما فازت الأخيرة في الانتخابات، فقد يتم لجم المفهوم بأكمله.

https://hura7.com/?p=46216

الأكثر قراءة