الجمعة, نوفمبر 14, 2025
17.4 C
Beirut

الأكثر قراءة

إصدارات أسبوعية

د. محمود جباعي ـ هل يمكن للبنان الخروج من اللائحة الرمادية؟

بقلم الباحث الاقتصادي والمالي، الدكتور محمود جباعي

بات من الواضح أن لبنان اليوم على موعد مع إجراء دولي صعب، حيث ستضعه مجموعة “فاتف” المالية الدولية على اللائحة الرمادية. فما هي التداعيات الاقتصادية والمالية على الواقع اللبناني في هذه الظروف الدقيقة؟

إن وضع “فاتف” لبنان على اللائحة الرمادية صحيح، فهناك قرار بهذا الصدد سيصدر اليوم، ولكن ذلك لا يعني أن هناك تداعيات نقدية أو مالية أو تداعيات على التحويلات المالية إلى لبنان. ذلك لأن المصرف المركزي كان قد أرسى معايير شفافية نقدية ومالية مع المصارف كاملة الدقة في المرحلة الماضية، وهذا ما كانت تثني عليه مجموعة “فاتف”، والتي من المتوقّع أن تكرر ثناءها على عمل وأداء مصرف لبنان بهذا الخصوص، وكذلك عمل المصارف اللبنانية كافة.

إن “فاتف” ستؤكد الرقابة في لبنان على ما يخص مكافحة تبييض الأموال ودعم الإرهاب، وأيضاً فيما يتعلق بالتهرب الضريبي والتهرب الجمركي، وهذا ما ستركز عليه المجموعة اليوم في ورقتها. إذ، وفقاً لهذا التقرير المرتقب، لا بدّ من الاطمئنان لناحية أن التأثير على سعر صرف الليرة والدولار سيكون عكس ما يحاول البعض الإشارة إليه، وهو أمر مؤكد.

كذلك، لن يكون هناك تأثير على وضع التحويلات من المغتربين إلى لبنان، سواء عبر المصارف أو عبر شركات تحويل الأموال الأخرى، حيث إن الحاكم بالإنابة والمجلس المركزي لمصرف لبنان قد حافظا على علاقة مع ستة مصارف مراسلة، وهذا أمر ممتاز جدًا في المرحلة المقبلة، مما يسهل عملية دخول الأموال وخروجها من لبنان طلبًا للاستيراد.

وبالتالي، لن تكون هناك أية تداعيات تذكر على صعيد التحويلات أو الصعيد النقدي والمالي. فهذا التصنيف ما هو إلا إنذار للدولة اللبنانية، التي عليها أن تعمل على إصلاح ما يطلب منها في هذه الورقة، قبل أن تذهب إلى المحظور أو تواجه مشكلة أكبر. لذلك، يجب على الدولة اللبنانية اليوم أن تتعامل مع الأمر بجدية في المرحلة المقبلة.

ومن المتوقع أن تلتزم الدولة اللبنانية بالتوصيات، خاصة إذا تم انتخاب رئيس للجمهورية قريباً وانتهت الحرب وتشكلت حكومة جديدة تلتزم بمعايير الشفافية المطلوبة من المجتمع المالي الدولي. مع الإشارة إلى وجود بوادر انفتاح عربي ودولي على لبنان، كما حدث في مؤتمر باريس الذي استطاع تأمين أكثر من مليار دولار دعماً للبنان، مما يؤكد أن المجتمعين الدولي والعربي لن يتركا لبنان، سواء من خلال المساعدات أو في الأمور المالية والسياسية.

من هنا، على الدولة اللبنانية الالتزام بالتوصيات، خصوصاً وأن هذا التصنيف ليس نهاية المطاف، بل يجب وضع الأمور في نصابها. فهناك دول كثيرة وضعت على اللائحة الرمادية ثم خرجت منها، ولبنان يستطيع الخروج منها طالما هناك قواعد سليمة في التعاطي مع الشفافية النقدية والمالية.

إن إجراءات مصرف لبنان ساهمت دون شك في التخفيف من وطأة اللائحة الرمادية، لكن على جميع مكونات المجتمع اللبناني التعاطي مع الملف بجدية من أجل الوصول إلى حلول سريعة في السياسة والاقتصاد، وأيضًا في موضوع مكافحة تبييض الأموال، الذي ستنص عليه اليوم ورقة “فاتف” المالية الدولية.

https://hura7.com/?p=35665

الأكثر قراءة