الحرة بيروت
شكّلت التعيينات العسكرية والأمنية التي أصدرها مجلس الوزراء الذي انعقد في بعبدا يوم الخميس خيبة وصدمة لدى اللبنانيين، الذين كانوا يأملون كما وُعدوا بأن تكون التعيينات، سواء كانت عسكرية أو غيرها، بعيدة عن المحاصصة، وفق آلية يفرضها الدستور والقانون، فإذا بها تعيد تكريس ما كان سائدًا من قبل، زمن “الترويكا”، الذي ساد سنوات طويلة، وأدّى إلى تعطيل عمل المؤسسات وشللها واختصارها بأشخاص، فباتت الدولة تُدار من البيوتات السياسية لا من المؤسسات الدستورية.
إن المنبر الوطني للإنقاذ، وإذ يعتبر أن ما صدر من تعيينات، هو معاكس تمامًا لما ورد في خطاب القسم وفي ما يردده الرئيس سلام بشكل دائم من الاحتكام للدستور. يرى أن المشكلة، قبل أن تكمن في التعيينات، فهي تكمن بالآلية التي اعتمدت في ذلك، والتي كانت بعيدة كل البعد عمّا يقول به الدستور وتعمل به المؤسسات، حيث يقضي عملها بأن تتمّ من خلال الوزارات والمؤسسات التي تتبع لها تلك الأجهزة، وذلك وفق معيار الكفاءة والأقدمية، لا أن يتم ذلك بالتشاور مع رئيس السلطة التشريعية الذي كرّس رئيسها نفسه منذ عقود شريكًا للسلطة التنفيذية، ضاربًا عرض الحائط بالدستور ومبدأ فصل السلطات.
لذلك يؤكد المنبر أن ما جرى هو خطوة إلى الوراء، وكبح لاندفاع مشروع الدولة ومؤسساتها وعمل الدستور، وهو السير باتجاه معاكس لآمال اللبنانيين ببناء دولة القانون والعدالة الاجتماعية، ويتخوّف المنبر من أن تنسحب الطريقة التي اعتمدت في التعيينات هذه على التعيينات المقبلة لا سيما القضائية والمالية والإدارية، وهذا ما يشكّل مقتلًا لمسيرة الإصلاح والإنقاذ، ويكرّس من جديد النظام الزبائني الذي دمّر الدولة ومؤسساتها طوال عقود.
ويرى المنبر في الاستدعاءات التي طالت صحافيين ومؤسسات إعلامية وتحديدًا منصتي “درج” و”ميغافون” وهيئات مجتمعية أهلية ناشطة، منها “كلنا إرادة”، مؤشرًا خطيرًا واستمرارًا لنهج كمّ الأفواه الذي كان سائدًا طوال الفترة السابقة، وهدف إلى التستر على دور الكارتل المصرفي الناهب لتغطية السطو الذي طال جنى أعمار الناس. ويحذّر المنبر من أن الاستمرار في هذه السياسة، سيزعزع الثقة بالعهد وبالحكومة بما يمثلان من أمل في التغيير، وسيفقدهما حاضنتهما الشعبية.
أخيرًا يؤكّد المنبر أن مسيرة الإصلاح يجب أن لا تستمدّ قوتها من طريق التوافق، بل بفعل قوة القانون والدستور، تستند إليهما وحدهما، وفق معايير الكفاءة وآلية عمل المؤسسات.