الحرة بيروت ـ خاص
يُعدّ اليوم العالمي لسرطان الأطفال، الذي يُصادف في 15 شباط/فبراير من كل عام، مناسبة عالمية تهدف إلى تسليط الضوء على التحديات التي يواجهها الأطفال المصابون بالسرطان، وزيادة الوعي بأهمية تحسين رعاية هؤلاء المرضى. ففي كل عام، يُصاب أكثر من 400,000 طفل ومراهق دون سن العشرين بالسرطان، ويعيش 90% منهم في الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط، حيث غالباً ما تكون العلاجات غير متاحة أو باهظة التكلفة. وعلى الرغم من أن معدلات البقاء على قيد الحياة تتجاوز 80% في الدول ذات الدخل المرتفع، فإنها لا تتعدى 30% في الدول الفقيرة. وهذه الفجوة تستدعي تعزيز التعاون الدولي لتحسين فرص العلاج وضمان عدالة الوصول إلى الرعاية الصحية.
أنواع سرطان الأطفال الأكثر شيوعاً
يُعدُّ سرطان الأطفال أحد أبرز أسباب الوفاة المرتبطة بالأمراض لدى الأطفال والمراهقين. وتشمل أكثر الأنواع انتشاراً:
- اللوكيميا: سرطان الدم ونخاع العظام.
- أورام الدماغ والجهاز العصبي المركزي.
- الأورام اللمفاوية: التي تصيب الجهاز المناعي.
- الورم الأرومي العصبي: الذي يؤثر على الأنسجة العصبية.
حملة اليوم العالمي لسرطان الأطفال 2024-2026
يقود الاتحاد الدولي لسرطان الأطفال (CCI) حملة توعوية تمتد لثلاث سنوات، وتهدف إلى تحقيق نقلة نوعية في معالجة سرطان الأطفال عالمياً:
- 2024: تسليط الضوء على التحديات والفجوات في الرعاية الصحية لمرضى سرطان الأطفال.
- 2025: تحفيز العمل الجماعي ودفع التقدم تحت شعار “إلهام العمل”.
- 2026: الاحتفاء بالإنجازات والحلول الناجحة في مختلف الدول.
وتتضمن الحملة خريطة تفاعلية تُتيح للمشاركين مشاركة جهودهم ومبادراتهم لدعم الأطفال المصابين بالسرطان، ما يساعد على بناء قاعدة معرفية عالمية للحلول الفعالة.
سرطان الأطفال في لبنان: واقع مرير وتحديات متزايدة
يواجه مرضى سرطان الأطفال في لبنان ظروفاً معقّدة بسبب الأزمة الاقتصادية وانهيار القطاع الصحي. فمنذ عام 2019، أدت الأزمة المالية الحادة إلى نقص حاد في الأدوية والعلاجات الأساسية، ما وضع الأطفال المرضى وعائلاتهم في مواجهة تحديات غير مسبوقة، أبرزها:
- ارتفاع تكلفة العلاج: مع انهيار الليرة اللبنانية، أصبح الحصول على العلاجات الحديثة مكلفاً جداً، خاصة مع تراجع الدعم الحكومي.
- هجرة الكوادر الطبية: دفعت الأزمة الاقتصادية العديد من الأطباء المختصين إلى مغادرة البلاد، ما زاد من العبء على المستشفيات المتبقية.
- نقص الأدوية والمستلزمات الطبية: تعاني المستشفيات من نقص في أدوية السرطان الأساسية، ما يجبر المرضى على البحث عنها خارج البلاد.
- التحديات الاجتماعية والنفسية: يواجه الأطفال وعائلاتهم ضغوطاً نفسية هائلة نتيجة التكاليف الباهظة وصعوبة الوصول إلى العلاج.
جهود وإنجازات في دعم مرضى سرطان الأطفال في لبنان
رغم التحديات، تواصل المؤسسات الإنسانية والطبية بذل جهود جبارة لدعم الأطفال المصابين بالسرطان. نذكر منها:
- مؤسسة “سان جود” لعلاج سرطان الأطفال في لبنان: توفر العلاج المجاني للأطفال المصابين، معتمدة على التبرعات والمساعدات الدولية.
- مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت: يقدم برامج علاجية متطورة للأطفال، رغم التحديات المالية.
- جمعية “Chance” لدعم الأطفال المصابين بالسرطان: توفر الدعم المالي والنفسي للعائلات.
- برامج الشراكة الدولية: تسهم بعض المبادرات العالمية، مثل منصة “الوصول إلى أدوية سرطان الأطفال” التي أطلقتها منظمة الصحة العالمية، في تزويد لبنان بأدوية أساسية لعلاج السرطان.
الأطفال المصابون بالسرطان في مناطق النزاعات
يشير تقرير منظمة الصحة العالمية إلى أن الأطفال المصابين بالسرطان في مناطق النزاعات، مثل لبنان وسوريا وفلسطين واليمن، يواجهون مخاطر مضاعفة بسبب النزوح، وانهيار البنى التحتية الطبية، ونقص الكوادر الطبية والأدوية. ففي غزة، على سبيل المثال، لم يتمكن سوى 10 من أصل 405 أطفال مصابين بالسرطان من تلقي العلاج خارج القطاع بعد الحرب الأخيرة.
إن اليوم العالمي لسرطان الأطفال يُعدّ تذكيراً عالمياً بضرورة العمل الجماعي لضمان حصول جميع الأطفال على العلاج اللازم بغض النظر عن مكان إقامتهم أو ظروفهم الاقتصادية. وفي لبنان، حيث يواجه المرضى تحديات استثنائية، تظل الحاجة ملحة لدعم الجهود المحلية والدولية لضمان استمرارية العلاج وتحسين جودة الرعاية الصحية. ومن خلال تعزيز التعاون بين الحكومات، والمنظمات الصحية، والمجتمع المدني، يمكن تحقيق تقدم ملموس يضمن لكل طفل فرصة في الحياة والانتصار على المرض.