dwـ خلال زيارته لألمانيا، سيعمل الرئيس الأمريكي جو بايدن على التأكيد على أهمية التعاون الألماني الأمريكي. وهو حرص على فعله منذ عقود. لهذا يرى خبراء أن نهاية رئاسته ستترك أثرها على العلاقات بين البلدين.
لم يتبق أمام الرئيس الأمريكي، جو بايدن، سوى بضعة أشهر يقضيها في منصبه الحالي، لهذا فقد حان الوقت للقيام بجولة وداعية. وبعد أن اضطر إلى تأجيل زيارته بسبب إعصار “ميلتون”، يستعد بايدن الآن للسفر إلى ألمانيا يوم الجمعة (18 أكتوبر/ تشرين الأول 2024).
وسيتضمن استقبال الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته في ألمانيا كل مراسم التكريم التي ينص عليها البروتوكول. وهذه أول زيارة دولة يقوم بها رئيس أميركي إلى الجمهورية الاتحادية منذ عام 1985، عندما زار الرئيس الأمريكي الأسبق، رونالد ريغان مدينة بون. وقد زار جميع رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية الذين خلفوا ريغان ألمانيا أيضاً، ولكن ليس ضمن زيارات رسمية أو زيارة دولة.
وبحسب مصادر حكومية ألمانية تجري الآن استعدادات استقبال بايدن. وسيكون أول رئيس أمريكي منذ خلف ريغان، جورج بوش الأب، يحصل على وسام الاستحقاق “الصليب الأكبر” من قبل الرئيس الألماني، فرانك فالتر شتاينماير.
وقد أعلن مكتب الرئيس الألماني قبل موعد الزيارة الأصلي في بداية أكتوبر/ تشرين الأول أن “الرئيس الألماني سيكرم الرئيس بايدن على جهوده المبذولة في تعزيز الصداقة الألمانية الأمريكية والتحالف عبر الأطلسي، الذي شكله بايدن وعززه بشكل كبير على مدى خمسة عقود”.
لماذا يعد بايدن أكبر عابر للأطلسي؟
وقد حظيت العلاقة بين الولايات المتحدة وأوروبا، والولايات المتحدة وألمانيا على وجه الخصوص، باهتمام كبير من قبل بايدن. وبانتهاء فترة رئاسته، تنتهي حقبة أيضاً. وأوضحت ميشيل إيغان، الأستاذة في الجامعة الأمريكية في واشنطن والخبيرة في العلاقات الأمريكية الأوروبية في حديث لـDW: “أعتقد أنه يمكن وصف بايدن بأنه آخر رئيس عابر للأطلسي”.
وتضيف قائلة: “ويرجع ذلك إلى سنوات عمله الطويلة مع حلف شمال الأطلسي، ومع مؤتمر ميونيخ للأمن ولجنة السياسة الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي، والتي تعرف من خلالها على العديد من رؤساء الدول الأوروبية قبل أن يصبح رئيساً”.
ولد بايدن عام 1942. نشأ وترعرع في بلد ساعد ألمانيا على إعادة البناء بعد نهاية الحرب العالمية الثانية. وبعد بناء جدار برلين عام 1961، تمكن من رؤية كيف أصبحت ألمانيا الغربية واحدة من أهم شركاء الولايات المتحدة في الحرب الباردة.
وقال بيتر سباردينغ، نائب رئيس مركز الدراسات عن الرئاسة والكونغرس، لـ DW: “يعمل بايدن في السياسة منذ عام 1972، وقد تأثر بتجربة الحرب الباردة في السياسة الخارجية. كانت ألمانيا عملياً مركز هذا الصراع”.
بصفته نائباً للرئيس الأمريكي الأسبق، باراك أوباما، كان بايدن يتمتع بخبرة مهمة في السياسة الخارجية. وتوضح إيغان: “كانت لدى أوباما خبرة محدودة للغاية في السياسة الخارجية” عندما ترشح للرئاسة. و”كان هذا هو السبب وراء حصول بايدن على الوظيفة كنائب له. كان لدى بايدن الاتصالات والمعرفة اللازمة”.
وتتابع إيغان أن أوباما كان يتمتع بشعبية كبيرة في أوروبا خلال فترة وجوده في منصبه لأنه أعاد بناء العلاقة عبر الأطلسي بعد رئاسة جورج دبليو بوش، على الرغم من أن بايدن هو الذي كان لديه ارتباط عاطفي وثيق بأوروبا، وليس أوباما.
أوجه التشابه بين البلدين كثيرة
وحتى اليوم، خلال رئاسة بايدن، لا تزال ألمانيا شريكاً مهماً للولايات المتحدة. ويعد كلا البلدين من بين كبار الداعمين لأوكرانيا في حربها ضد روسيا. بالإضافة إلى ذلك، تعد كل من الولايات المتحدة وألمانيا من بين الدول التي تؤكد على حق إسرائيل في الدفاع عن النفس خلال الصراع الحالي في الشرق الأوسط.
كما تشير إيغان إلى مواقف مماثلة على الساحة الدولية، فإن “البلدين يتقاسمان أيضاً تحديات محلية مماثلة”، وتقول الخبيرة: “تشهد كل من الولايات المتحدة وألمانيا في الوقت انقساماً سياسياً”.
في الولايات المتحدة، يشكل الديمقراطيون والجمهوريون معسكرين منفصلين إيديولوجياً بشكل واضح، وغالباً ما يعارض كل منهما الآخر بشدة، قد تصل إلى صراع في بعض الأحيان وفي ألمانيا، وفق إيغان، فإن صعود اليمين الشعبوي والحزب اليميني المتطرف جزئياً “البديل من أجل ألمانيا” يعد علامة على الانقسام السياسي بين السكان.
وتقول إيغان: “وجه التشابه الثاني، في اعتقادي، هو مسألة الحدود وضوابطها”. “لقد أثارت ألمانيا مسألة الرقابة على الحدود على الرغم من “حرية الحركة في منطقة شنغن والاتحاد الأوروبي”.
وبعد أن طعن مهاجر ثلاثة أشخاص في زولينغن في أغسطس/ آب 2024، شددت ألمانيا سياستها المتعلقة بالهجرة. وشمل ذلك أيضاً إدخال أو توسيع الضوابط على جميع الحدود الألمانية، بما في ذلك الحدود مع دول الاتحاد الأوروبي الأخرى. ولم تخل هذه الخطوة من الجدل في ألمانيا.
وفي الولايات المتحدة، تعثرت المرشحة الديمقراطية للانتخابات الرئاسية ونائبة الرئيس الحالي، كامالا هاريس، خلال الحملة الانتخابية بشأن سياسة الهجرة والأمن على حدود الولايات المتحدة مع المكسيك.
في بداية رئاسته، أعلن بايدن عمليا أن الملف هو من مسؤولية هاريس، لكن الآن خصمها دونالد ترامب لا يفضل شيئا أكثر من انتقاد المهاجرين غير الشرعيين، الذين، في رأيه، مسؤولون عن جزء كبير من مشاكل الولايات المتحدة الأمريكية.
الولايات المتحدة تلجأ إلى شركاء آخرين
يُنظر إلى بايدن أيضاً على أنه آخر وأكبر عابر للأطلسي لأن ألمانيا ستلعب دوراً أقل أهمية في السياسة الخارجية الأمريكية مما كانت عليه في الماضي.
بالإضافة إلى ذلك، لن يكون بمقدورها بعد الآن الاعتماد بقدر ما كانت عليه من قبل على الولايات المتحدة كمدافع عن الأمن الأوروبي، كما يقول بيتر سباردينغ: “ستبدو العلاقة الألمانية الأمريكية مختلفة في المستقبل، بغض النظر عمن هو الرئيس المقبل”.
وأضاف: “الولايات المتحدة تتجه نحو منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وتتفاعل أيضاً مع الصين باعتبارها منافسًا جديًا. لذلك هناك توقعات على الجانب الأمريكي بأن تتحمل دول مثل ألمانيا المزيد من المسؤولية في أوروبا وحولها”.