DW ـ أعربت ألمانيا عن قلقها إزاء العملية التي ينفذها الجيش الإسرائيلي في ثلاثة مخيمات للاجئين الفلسطينيين في شمال الضفة الغربية المحتلة، مطالبة “بحماية المدنيين بصورة أفضل” و”ضمان عودة السكان في أسرع وقت ممكن”.
ودعت الخارجية الألمانية الحكومة الإسرائيلية إلى “توفير حماية أفضل للمدنيين والبنية التحتية المدنية خلال العملية العسكرية (في الضفة الغربية المحتلة) وضمان عودة الأربعين ألف شخص إلى منازلهم في أسرع وقت ممكن”.
وكتبت الخارجية الألمانية في بيان صحفي: “تستمر العملية العسكرية الإسرائيلية “الجدار الحديدي” في شمال الضفة الغربية منذ خمسة أسابيع. وقد أدى ذلك بالفعل إلى إجبار 40 ألف شخص في مخيمات جنين وطولكرم وطوباس على الفرار من منازلهم، ومقتل 50 شخصاً وإصابة العديد غيرهم، بما في ذلك الضحايا من المدنيين”.
وأضافت الوزارة: “بموجب اتفاقيات أوسلو، فإن جنين تقع ضمن المنطقة (أ)، وبالتالي فهي تقع تحت المسؤولية الأمنية الكاملة للسلطة الفلسطينية. ومن ثم فإن خطط الحكومة الإسرائيلية لإبقاء الجيش الإسرائيلي في مخيم جنين للاجئين على المدى الطويل غير مقبولة. يجب محاربة الإرهاب وهذه هي مهمة السلطة الفلسطينية في المنطقة (أ)”.
واعتبرت برلين أن “استمرار وجود قوات الأمن الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية التي تتمتع بالحكم الذاتي من شأنه أن يقوض جهود السلطة الفلسطينية للعمل كممثل شرعي للمصالح الفلسطينية. إن تصرفات إسرائيل تعمل على تعزيز هياكل الاحتلال التي يجب تفكيكها وفقًا لرأي محكمة العدل الدولية الصادر في 19 يوليو 2024، وتعمل على زعزعة استقرار البيئة الأمنية الهشة للغاية بالفعل”.
وهدمت جرافات إسرائيلية مساحات واسعة من مخيم جنين للاجئين الذي أصبح الآن خالياً تقريباً، وتشق في ما يبدو طرقاً واسعة عبر أزقته التي كانت مزدحمة ذات يوم، في وقت تستعد فيه القوات الإسرائيلية للبقاء لفترة طويلة. ونزح 40 ألف فلسطيني على الأقل عن منازلهم في جنين ومدينة طولكرم القريبة في شمال الضفة الغربية منذ بدأت إسرائيل عمليتها بعد يوم واحد فقط من التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة بعد حرب استمرت 15 شهراً.
وقال بشير مطاحن المتحدث باسم بلدية جنين: “مخيم جنين تكرار لما جرى في جباليا (بشمال غزة)، مئات المنازل هدمت وأخرى محروقة، المخيم أصبح غير صالح للسكن مع استمرار الهجمة الاسرائيلية على المخيم”. ومضى يقول: “12 جرافة كانت تعمل على تجريف أحياء كاملة في مخيم جنين”. وكان المخيم ذات يوم بلدة مزدحمة بنسل الفلسطينيين الذين فروا من منازلهم أو طردوا في حرب عام 1948 خلال “النكبة” عند قيام دولة إسرائيل.
وأمر وزير الدفاع يسرائيل كاتس، يوم الأحد، القوات بالاستعداد “لإقامة طويلة الأمد”، قائلاً إن المخيمات تم إخلاؤها “لعام قادم” ولن يُسمح للسكان بالعودة. والعملية المستمرة منذ شهر في شمال الضفة الغربية واحدة من أكبر العمليات التي شهدها الفلسطينيون منذ الانتفاضة الثانية قبل أكثر من 20 عاماً، وتشارك فيها بضعة ألوية من القوات الإسرائيلية مدعومة بطائرات مسيرة وطائرات هليكوبتر، وللمرة الأولى منذ عقود، دبابات ثقيلة.
وقال مايكل ميلشتين، وهو مسؤول سابق في المخابرات العسكرية ويرأس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز موشيه دايان للأبحاث الشرق الأوسطية والأفريقية: “هناك عملية إخلاء واسعة النطاق ومتواصلة للسكان، خاصة في مخيمي اللاجئين نور شمس، بالقرب من طولكرم، وجنين”. وأضاف: “لا أعرف ما هي الاستراتيجية العامة لكن لا شك على الإطلاق في أننا لم نشهد مثل هذه الخطوة في الماضي”.
ونفى وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر يوم الاثنين أن يكون للعملية العسكرية في الضفة الغربية أي غرض آخر غير محاربة الجماعات المسلحة. وقال للصحفيين في بروكسل حيث التقى بمسؤولين من الاتحاد الأوروبي في مجلس الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل: “إنها عمليات عسكرية تجري هناك ضد الإرهابيين، ولا توجد أهداف أخرى غير ذلك”.
لكن عدداً كبيراً من الفلسطينيين يرون صدى دعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإخراج سكان غزة لإفساح المجال أمام مشروع تطوير عقاري أمريكي، وهي الدعوة التي أيدتها حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وقال نبيل أبو ردينة، المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إن العملية العسكرية في شمال الضفة الغربية هي تكرار على ما يبدو للأساليب المستخدمة في غزة، حيث شردت القوات الإسرائيلية آلاف الفلسطينيين بشكل ممنهج خلال عملياتها هناك. وأضاف: “نطالب الإدارة الأمريكية بإجبار دولة الاحتلال على وقف العدوان الذي تشنه على مدن الضفة الغربية فوراً وتثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة إذا ما أرادت تجنيب المنطقة المزيد من التوتر والتصعيد”.
ودعا متشددون إسرائيليون داخل الحكومة وخارجها مراراً إلى ضم الضفة الغربية، وهي منطقة يبلغ طولها حوالي 100 كيلومتر ويعتبرها الفلسطينيون أساساً لدولتهم المستقبلية إلى جانب غزة. لكن الضغوط تقلصت بسبب المخاوف من أن يؤثر قرار الضم الصريح سلباً على بناء إسرائيل علاقات اقتصادية وأمنية مع دول عربية منها السعودية، فضلاً عن مواجهة رفض من الولايات المتحدة.