جريدة الحرة
وكالات ـ أعلن رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين التوصل لاتفاق يتيح تجنب صراع تعريفات جمركية محتمل بين الطرفين. ووفقا للاتفاق، ستفرض رسوم بنسبة 15% على معظم السلع الأوروبية المصدّرة إلى أمريكا، ووعود بزيادة الاستثمارات وشراء الطاقة الأمريكية. وشهد اليورو ارتدادًا إيجابيًا أمام الدولارعقب الإعلان. في المقابل، جاء الموقف الفرنسي ليكشف تباينا أوروبيا تجاه الاتفاق، الذي اعتبره “استسلاما سياسيا”.
على الرغم من الاستقرار النسبي الذي شهدته الأسواق عقب الإعلان عن الاتفاق، إلا أنه يبدو أنه كشف عن تباينات أوروبية تجاهه، تمثلت بمواقف الترويكا الأوروبية الصناعية، فرنسا وألمانيا وإيطاليا، التي كان لكل منها موقف منه.
وعلق رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو على الاتفاق قائلا: “إنه يوم قاتم عندما يستسلم تحالف الشعوب الحرة”، ما أثار تساؤلات مراقبين حول تعليقه الحاد. واعتبر بايرو أن الاتفاق لا يعكس قيم أوروبا والحرية المشتركة بين الدول الحليفة، بل يمثل استسلاما سياسيًا مرفوضًا بدلًا من الدفاع عن السيادة الأوروبية.
واعتبر وزير الشؤون الأوروبية الفرنسي بنجامين حداد أن الاتفاق التجاري بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة سيمنح استقرارًا مؤقتًا للأسواق في مواجهة تصاعد الرسوم الأمريكية، لكنه يفتقر إلى توازن جوهري ويميل بوضوح لصالح واشنطن.
كما جاءت تصريحات وزير الصناعة مارك فيراكي لتؤكد أن هذه الاتفاقية ليست نهاية المسار، وأنها تحتاج إلى مراجعة عميقة لتعزيز مصلحة الاتحاد الأوروبي.
في المقابل، رحب المستشار الألماني فريدريش ميرز بالتوصل إلى الاتفاق واعتبره خطوة لتجنب تصعيد قد يُلحق ضررًا كبيرًا بالاقتصاد الألماني، خصوصًا قطاع السيارات التصديري، رغم حذره من التكلفة المحتملة الناتجة عن الرسوم الجديدة. لكن جمعيات الأعمال الألمانية، وفي مقدمتها اتحاد الصناعات VDA، حذرت من أن رسوم 15% قد تكبد شركات مثل فولكسفاغن خسائر مالية ضخمة.
أما رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني فقد وصفت الاتفاق بأنه “إيجابي”، معتبرة أن مستوى التعرفة (15%) قابل للتحمل، خاصة إذا لم تُضف إلى رسوم سابقة. لكنها شددت على الحاجة إلى وضوح أكبر حول الإعفاءات للمنتجات الزراعية والخيارات الاستثمارية.
ارتفاع قياسي لليورو وتفاعل عالمي إيجابي
أخضعت الأسواق العالمية، خصوصًا في آسيا وأوروبا، الاتفاق لتعليقات فورية، حيث ارتفع اليورو إلى 1.1753 دولار وبلغ كذلك أعلى مستوياته في العام مقابل الين، وهو مؤشر على استعادة الثقة النسبيّة.
المؤشرات الأوروبية مثل Stoxx 600 وDAX الألماني وCAC 40 الفرنسي ارتفعت بنسبة تتراوح بين 0.6 و0.8٪، بينما سجل مؤشر FTSE 100 البريطاني ارتفاعًا طفيفًا 0.3٪.
كذلك ارتفعت عقود المؤشرات الأميركية المستقبلية (S&P وDow وNasdaq) بالأخص بعد استقرار مخاوف الحرب التجارية المنتظرة.
محللون من AllianceBernstein وCherry Lane Investments ذكروا أن الاتفاق، رغم أن رسومه لا تزال مرتفعة، أفضل من غياب أي اتفاق والذي كان سيقود لمزيد من الاضطراب الاقتصادي.
تحفظات وتحدّيات
وبينما رحب البعض بالاتفاق كخطوة لتجنب سيناريو أسوأ، إلا أن المخاوف ما تزال قائمة، حيث إن الاتفاق لا يزال إطاريًا وبدون وثائق نهائية واضحة، ما يفتح المجال لتفسيرات متباينة في المستقبل.
من جانبه، يظل هناك غموض بالنسبة لقطاعي الأدوية والمشروبات الكحولية، إذ لم تُحدد تفاصيل الرسوم المطبقة عليها بوضوح بعد.
ويُنتظر أن تحتفظ الولايات المتحدة بنفس الرسوم المرتفعة على الصلب والألومنيوم (50%)، رغم احتمالية تحويلها إلى نظام حصص مستقبلية.


