الأربعاء, أبريل 23, 2025
18 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

إصدارات أسبوعية

بسام ضو ـ أحزاب وقوى سياسية لا تنتِج إلاّ صراعات… وهذا أمر غير مقبول

الحرة بيروت ـ بقلم: بسام ضو، كاتب وباحث سياسي

مؤسف أن تتحوّل السياسة في الجمهورية اللبنانية إلى سوق نخاسة بإمتياز وعلى كل الأصعدة، منها السياسي – الإعلامي والإقتصادي – الإجتماعي…، والملفت أنّ المعتبَرين قادة رأي يُسوِّقون لأفكار يستهدفون من خلالها أمورًا خطيرة تنتهك الدستور والقانون وصيغة العيش المشترك، والرأي العام غافل عن التمييز بين الحق والباطل. مواقفهم وخطبهم ومشاريعهم غُـبَّ الطلب يقودها العرض والطلب وكأنها سلعة مفروضة على المواطنين تطعنهم في الصميم وفي وجودهم وفي صيغة عيشهم التي أضحتْ وجهة نظر لدى ساسة الأمر الواقع.

لن نُخطىء في توصيف الأمر على ما هو عليه وفي تقدير الأوضاع. وهذا لا يعفي أيٍ كان من مسؤولية أفعاله وقراءة تصرفاته بأنّ الأوضاع السياسية العامة تتطّلب هذا الفِعْل. ما يحصل على أيدي ساسة الأمر الواقع أنهم اخترعوا حربًا ولم يستطيعوا إدارتها ولا حتى إنهاءها، وقاموا بتعبئة الرأي العام بخطاب يفوق طاقاتهم مجتمعين. والأهم أنّ البعض منهم فتح حربًا وهو لا يُدرك كيف يختمها سياسيًا وإقتصاديًا وإجتماعيًا وإنسانيًا. يرتكبون التناقضات بضمير مرتاح ثم يُعيِّبون على غيرهم ويتحوّل صراعهم لعبة قذرة تتمرّد على القانون والنظام والمساواة.

كمركز أبحاث PEAC استنتجنا أنّ هناك أفعالًا سياسية ناتجة عن استخفاف فكري زائف لا سيّما لناحية التفكير غير الصحيح وغير السليم وغير المنطقي، وبخاصة ما يؤدي إلى أقوال وأفعال وتصرفات شخصية خاطئة وغير متّزنة. ويجدر بالرأي العام الواعي ومن يعتقد أنّ لديه زعامة وطنيّة صرفة حرّة تجنُّبْ هذه الأفعال السياسية والتصورات الشخصية التي تُشوِّش على الحقائق والصيغة الوطنيّة.

حقائق يجب النظر إليها من الناحية العلمية والمنطقية حيث لا يمكن لأي مرجعية سياسية علمانية أو دينية تسبّبتْ في ضرر للخير العام أن تُوّفِر حلًا للرأي العام يُستند إليه، كما أنه على أي سياسي ورجل دين أنْ يُفصِح عن شخصيته الحقيقية وعن توجهاته ليُبنى عليها إيجابًا أو سلبًا.

إنّ أهم أسباب الوقوع في أفكار سياسية غير بنّاءة هو اعتقاد أي سياسي علماني أو روحي أنّ أفكاره تتطابق مع الآخرين. إنّ تجنُّبْ أي منظومة سياسية غير مفيدة ينتهي بالتعرُّف على دلالتها وعلاماتها ومع وقائع الحياة السياسية وبروز سوء فهم متواصل مع الآخرين كما هو حاصل في الحياة السياسية اللبنانية.

الجمهورية اللبنانية في أخطـر مراحلها التي تهدّد صيغتها وتهدِّد الكيان اللبناني، منها الصراعات الداخلية – الداخلية والصراعات الداخلية – الإقليمية والصراعات الداخلية – الدولية، إضافةً إلى النزاع الطائفي – المذهبي الذي تصاعد خلال الفترة الحالية وأضعفَ الكيان اللبناني وأثّـرَ على السيادة الوطنية، إضافة إلى خطــر الدويلة والذي لم يَعُـد مجرّد سيناريو محتمل ولكنه بات واقعًا أحدث خرابًا ودمارًا جرّاء ضعف ووهن الحكام الذين سيطروا على الجمهورية اللبنانية خلافًا للنظام الديمقراطي.

بصريح العبارة كل القوى السياسية القائمة على المسرح السياسي اللبناني أخفقتْ في مواجهة العوامل المحفِّزة على الصراعات في الجمهورية اللبنانية وباتتْ المنظومة السياسية المنتهجة خطــرًا يُهدّدْ السلم الأهلي والإقليمي ويؤثران في ملامح الجمهورية ووحدتها وسيادتها… هذا الخطــر هو خطر إنتاج الصراعات التي ستُنتِج جيوسياسة تقضم قسمًا كبيرًا من الأراضي اللبنانية ما سيدفع تجاه إعادة رسم خارطة الجمهورية اللبنانية (جمهورية العام 1920)، إنْ لم يتمّ تدارك موضوع السيادة الوطنية وخصوصًا من الناحية الجنوبية… من هنا ضرورة استشراف خطة عمـل من خلال الوقوف على تداعيات وإستمرارية الفوضى السيادية والحد من آثارها على المجتمع اللبناني.

اللبنانيّون أمام خيار التعاون مع الشرفاء أو الهلاك ، فإمّا أن يكون عهد الرئيس جوزاف عون عهدًا على التضامن الوطني الدستوري – الحقوقي أو عهدًا تتقاذفه القوى السياسية التي تسلك طريق الإنتحار السياسي. المنطق يقول أنّ ساسة الأمر الواقع يسلكون الطريق السريع والخطِر نحو جهنّم ويواصلون مع الأسف السير نحو الهاوية.

إنّ الأحزاب والقوى السياسية القائمة حاليًا لا تُنتِجْ إلاّ صراعات تُهدّد الحالة السياسية اللبنانية تهديدًا خطيرًا، وسلامة مؤسسات الجمهورية اللبنانية بما تسببه من إضطرابات خطيرة في الحياة السياسية اللبنانية ولتأثيرها على أوضاع اللبنانيين ولا سيّما مع تزايد وتيرة الأوضاع الإقتصادية – المالية – الإجتماعية الخانقة بفعل عدم ضبط الأوضاع العامة وتنامي التطاول على الدستور والقانون.

الأحزاب والقوى السياسية اللبنانية لم تُنتِج إلاّ صراعات ومناكفات شكّلت إنقسامات ومحاصصة وحالات من الصراع السياسي في الجمهورية اللبنانية حيث تشهد الساحة اللبنانية صراعًا سياسيًا بسبب إنتشار المحسوبية والفساد والإقطاع السياسي مستخدمةً نفوذها في كل مؤسسات الدولة والسيطرة على الموارد الطبيعية من خلال سيطرة العديد من الأشخاص الرسميين وتأثير الطائفية والمذهبية على الدولة.

لتلك الأسباب وغيرها نحن، كمركز أبحاث PEAC، وبمعية العديد من مراكز الأبحاث العربية والدولية، بأمّسْ الحاجة لدراسات شاملة للأحداث القائمة على أرضنا على كل المستويات، توفر البيانات التي تمكننا من إجراء دراسات توفِّر قاعدة معطيات بما خسرناه لبنانيًا واغترابيًا وإقليميًا ودوليًا وما سنخسره مستقبلاً في حالة بقائنا على ما نحن عليه ليُنبى على الشيء مقتضاه.

https://hura7.com/?p=47711

الأكثر قراءة