الجمعة, مارس 21, 2025
17.5 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

بسام ضو ـ أوضاع اللبنانيين تتطّلب انتفاضة على سلطات الأمر الواقع

bassam daou

الحرة بيروت ـ بقلم بسام ضو، كاتب وباحث سياسي

يصعُب على اللبنانيين التكيُّف مع سلطات الأمر الواقع التي وصلت إلى السلطة خلافًا للنظام الديمقراطي نتيجة للتطورات الهائلة والمتسارعة التي يتعرّضون لها من قبل هذه السلطة التي تُمْعِن في الفساد والإفساد وتبديد مصالحهم على كافة المستويات. إنّ اللبنانيين يعيشون حالة خوف وقلق مستمرّة بين الحرب التي شُنّت على لبنان وطالت أغلبية المناطق اللبنانية، والإشكالية ليست بالأوضاع القائمة إنما بمنظومة سياسية تحكم خلافًا للنظُم الديمقراطية، وهذا الأمر بات يُشكل خطرًا على حياة اللبنانيين وعلى مصيرهم في الجمهورية اللبنانية وهم حتما يُعانون من الإهمال والبطالة والهجرة.

لقد فقد الشعب اللبناني الثقة بالطبقة السياسية وبقدرتها على استنباط حلول إنقاذية توقف مراحل الإنهيار السياسي – الأمني الإقتصادي – المالي – الإجتماعي، وهذا الأمر يزيد النقمة الشعبية على ممارسي السلطة بسبب التداعيات التي باتت أكثر حدّة مما أجبر أغلبية اللبنانيين إلى الهجرة وفقدان الأمــل من إمكان التأثير على ساسة الأمر الواقع.

عطفًا على بعض المذكرات التي تصل لمركزنا PEAC، إنّ الشعب اللبناني يواجه أكبر أزمة مالية – إقتصادية لأنّ الإصلاحات لم تنفذ لغاية الآن، وتذكر المذكرات أنّ المحللين الإقتصاديين توّقعوا أزمات إقتصادية – مالية – إجتماعية خصوصًا بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان، دونما نسيان أنّ هناك أزمة إنسانية وانخفاض في قيمة العملة فضلًا عن إقفال المؤسسات الخاصة، كما انهيار الخدمات العامة في وقت تشتد الحاجة إليها. والجدير ذكره أنه في “علم السياسة والإجتماع” تقع التنمية في الدول أولاً على النظام السياسي  القائم وليس مسؤولية المجتمع الدولي، وثانيًا من المفترض أن يكون النظام السياسي على قدر من المسؤولية وأن يضع مصلحة البلد ومصلحة اللبنانيين على رأس الأولويات.

حاضرًا انتُخِب العماد جوزيف عون رئيسًا للجمهورية وتشكّلت حكومة، ومن الواضح أنّ هذا الأمر جيِّد. ولكن هناك عوائق كثيرة وكبيرة أمام العهد، وهناك عدم ثقة من اللبنانيين في من يُمارسون السلطة سواء أكانوا نوابًا أو أحزابًا أو مسؤولين. ومن الطبيعي في هذه الأجواء ألّا يوجد مستثمر واحد مستعد للقدوم إلى لبنان، ما لم يكن هناك ثقة واضحة جدًا في النظام المصرفي والمؤسسات وما إلى ذلك… كل هذه الأمور تدلّ على أنّ الأوضاع تشي بخطورة كبيرة ويجب التنبُه لمخاطرها وانعكاساتها على اللبنانيين.

خطورة ما يجري مع الشعب اللبناني يتطّلب انتفاضة ذات بعد إصلاحي، وعلى الشعب اللبناني أن يعلم أنّ ما يجري من حوله ما هو إلاّ مسرحية متقنة المشاهد، تجري أحداثها على أيدي ساسة فاسدين منهم العلمانيين والروحيين وأدائهم السياسي وحتى الروحي مثير للجدل، والأسوأ أن حقيقة هذه الأفعال والغرض منها هي لتهجير اللبنانيين من بلدهم واستقدام شعوب أخرى. وقد حصل الأمر ولا حاجة للتذكير بمراسيم التجنيس التي حصلت منذ العام 1994 ولغاية نهاية العهد السابق وما نتج عنها من خلل ديمغرافي وهجرة.

الغريب أنّ الشعب اللبناني يُدرك كل هذا البلاء وإذا به أو جزء منه (المُضلّلون والمنتفعون) يرضى بما هـو حاصـل، وبالرغم من وضعه السيء يصل الشعب اللبناني إلى الإستسلام للأمر الواقع رغم تأثيره الكبير عليه ونتائجه تحدِّد ظروف حياته ومعيشته، فتصبح حالته ميؤوس منها بدلاً من أن يكون ساعيًا لهدم جدران هذه المأساة برمتها. الغريب أنّه كلما تعّرض الشعب اللبناني لموجات من الظلم والمعاناة من قبل ساسة الأمر الواقع، علمانيين وروحيين،  يبرز خطاب تبريري ويصدر عنهم تصاريح يُحمّلون فيها الشعب البلاء الذي أصابه. إنه من الظلم والغفلة أن يتمّ التعاطي مع مآسي الشعب اللبناني بهذا الإجحاف والسذاجة، لا بل من المجحف أن تصدر تصاريح من بعض المراجع الرسمية تحمل الطابع الكيدي والمغلفة ببعض الشروط التعجيزية التي لا تنسجم مع متطلبات المرحلة الحاضرة وخصوصًا غداة الزيارات التي قامت بها رئاسة الجمهورية مؤخرًا، ومن المعيب أن تلقى المسؤولية على من يتولّون حاضرًا المسؤولية ويُعفى الذي كان السبب في كل هذه الويلات.

إزاء ما يحصل لا مفرّ من أنْ نُقدِم كمثقفين وناشطين بشجاعة على مخاطـرة إصلاح سائر المؤسسات السياسية – المالية – الإجتماعية – الإقتصادية كي تكون أكثر كفاءة وفعالية، ولكن وفق نظرنا كمركز أبحاث PEAC، من المفترض أنْ يتمّ ذلك بأكبر قدرمن الشفافية والموضوعية والتجرُّد عن المصالح الشخصية والسعي لتحقيق الصالح العام وحده، وهو ما يجب أن ينعكِس على تحسين مستوى رفاهية الشعب اللبناني. والخطوة الأولى في طريق الإصلاح هي وعي رأي عام يؤمن بأنّ اليأس والإحباط لن يحققا أي تقدُّم ملموس أو نهضة مأمولة.

إنّ الظروف الموضوعية لانتفاضة شعبية تدعم العهد الحالي بالمعنى الحقيقي للكلمة هي إرادة شعب حر فاعلة وقدرة، واستعداد وطموح فكري حر إلى نشاط سياسي متنوّر ديمقراطي وتقدُّم، على أن يستهدف هذا النشاط المنتفض رفع مستوى وعي وانتظام أفراد المجتمع وتأمين شروط حياة كريمة للمجتمع وتطوير مؤسسات الدولة، كما إبعاد سلطات الأمر الواقع عن مراكز القرار بالطرق القانونية.

https://hura7.com/?p=46185

الأكثر قراءة