الإثنين, يناير 20, 2025
0.1 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

بسام ضو ـ إنتخاب رئيس للبنان أم تسوية وتقاسم جبنة؟

الحرة بيروت ـ بقلم: بسام ضو، كاتب وباحث سياسي

بات المواطن اللبناني يشكّ في نوايا سياسيّه خصوصًا في جلسة التاسع من هذا الشهر، التي من خلالها يُفترض أن يُنتخب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية. هناك فعلًا، وفق رأي أكثرية مراكز الأبحاث، مخاطرة كبيرة سيقترفها نوّاب الأمة. وعلى ما يبدو، فهم مستعدّون للمخاطرة بأمن الوطن ومصالحه ومستقبل الشعب ليحموا مصالحهم وبقاءهم في سدّة المسؤولية.

من هنا يتخوّف بعض المراقبين من تسوية تُطيح بمقام رئاسة الجمهورية، وعمليًا سيكون هذا الأمر على حساب مقام رئاسة الجمهورية اللبنانية وضربًا لمقومات الدولة. علمًا بأنّ رئيس الجمهورية لم يَعُد له هذه المكانة ولا الاعتبار في المنظومة السياسية اللبنانية، وهذا نتيجة لضعف ووهون الطبقة السياسية المارونية، سواء أكانت علمانية أو روحية.

الانتخاب، إذا حصل، أو عدمه سيشكِّل بخطواته هذه نوعًا من ممارسات متهوّرة يقوم بها نوّاب الأمة على عادتهم، وقوامها العبث بأمن الوطن وبمؤسساته المدنية والعسكرية، وسيُشكّل خطرًا على حياة اللبنانيين – اقتصاديًا، معيشيًا واجتماعيًا. إنّ وجود نوّاب الأمّة في الندوة النيابية هو أشبه بحالة المساكنة والتي توصّف دينيًا وأخلاقيًا ووطنيًا بأنها ضرب من ضروب الفساد والخبث، وفعليًا، ومع هذا الكم من التراكمات من تصرفات مشينة هي أشبه بالمفاسد، كونها أتتْ على اللبنانيين بالشرور والأخطار المحدقة على مستوى المعيشة والسيادة المنتقصة.

إستنادًا لمبادىء العلوم السياسية فإنّ نظام العدالة الإنتخابية يستوجب أن يكون له أداة رئيسية في سيادة القانون وأقصى امتثالاً للمبدأ الديمقراطي القائل بإجراء إنتخابات (رئاسية – نيابية …) حرّة ونزيهة وأصيلة غير مفبركة وغير مجتزأة. كما تكمن أهداف نظام العدالة الانتخابية في وقف أي إبتزاز أو فبركة تسويات، كما توفير الوسائل القانونية الردعية لتصحيح أي ممارسة فاقدة للشرعية الانتخابية الشاذة وحتى معاقبة مرتكبيها.

إنّ ما يحصل في المجلس النيابي منذ انتخابه لهو أمر خطير، وهناك مخالفات جمّة على مستوى الأداء، كما أنّ هناك تعدّياً وبشكل لا يحتمل اللُبس على نظام العدالة الانتخابية، حيث أنّ المجلس الحالي لم ولن يلتزم بعدد من الشروط الدستورية والأعراف والقيم السياسية الوطنية لكي يمنح العملية الانتخابية المعوّل عليها مزيدًا من المصداقية والشرعية .

إنّ المجلس النيابي الحالي، ومع احترامنا لبعض مكوّناته، لم يلحظ احترام أصول التمثيل والتشريع والتصرف بصدق تجاه الناخبين، وهذه أمور تتناقض وثقافة الشعب اللبناني كما هي أيضًا تتناقض مع الأطر القانونية الدولية، والصكوك القانونية الدولية. فهناك تعدٍ سافر على نظام العدالة الانتخابية حيث يتظهّر لنا، كمركز أبحاث PEAC، من قِبَل نوّاب الأمّة، وهذا ما يؤكد عدم سلامة النظام البرلماني وقوته ومصداقيته، ما جعل العديد من أعضاء السلك الخارجي ومراكز الأبحاث يُشككّون بشأن مواقف نوّاب الأمّة من الاستحقاق الرئاسي.

إنّ الجمهورية اللبنانية بحالة الفراغ هذه ومع هذا المجلس النيابي الحالي والذي فقد مصداقيته التمثيلية والتشريعية إستنادًا إلى مقاطعة الناخبين لعمليات الاقتراع في الدورتين السابقتين والتي بلغت ما يُقارب الـ59%، عدا عن أنه مدّد لنفسه في أسباب غير موجبة اختلقها النوّاب. لذا، فإنّ هذا المجلس هو في أخطـر صورة مضلّلة، ومواقفه أوسع من أهدافها. إذ يعمد المجلس إلى تضليل الرأي العام ويُصِّرْ على أنه سيّد موقفه وصاحب القرار بينما هو عمليًا كناية عن مجموعات طائفية مذهبية حزبية متناحرة متقاتلة لكنها تتفق على خراب الشعب والوطن. مجلس نيابي هدفه التضليل واستغلال المصالح الخاصة على حساب المصلحة العامة.

هذا المجلس الذي يعدنا بانتخاب رئيس للجمهورية هو مجلس بعيد كل البُعد عن المصداقية والشفافية. إنه مجلس يسير في منعطفات خطيرة وطرق غير سليمة تثير الريبة والشك، وكل تصرفاته بعيدة كل البعدْ عن الحس الوطني والنزاهة والضمير والعدل والمساواة.

في محاولة منا كمركز أبحاث نستعرض توّزع الكتل النيابية باقتضاب:

  • كتلة الجمهورية القوية التابعة لحزب “القوات اللبنانية” والتي تضم 19 نائبًا، فخيارها ليس محسومًا.
  • كتلة لبنان القوي التابعة لـ”التيار العوني” والتي تضم 13 نائبًا تُعارض لغاية اللحظة انتخاب المرشح العماد جوزيف عون.
  • كتلة التنمية والتحرير التابعة لحركة “أمل” وتضم 15 نائبًا، يبدو أنها مصرّة على مرشحها الوزير السابق سليمان فرنجية، كما أنها تعارض علنًا تعديل الدستور.
  • كتلة الوفاء للمقاومة والتي تضم 15 نائبًا فهي عمليًا ما زالت على موقفها الداعم لفرنجية.
  • كتلة “الكتائب”، والتي تضم 4 نوّاب، تدعم المرشح العماد جوزيف عون.
  • كتلة التكتل الوطني المستقل التي تضم 4 نوّاب مقرّبة عمليًا من فرنجية وفعليًا ستصوّت له.
  • كتلة الإعتدال الوطني (نواب من عكار والشمال) تضم 6 نوّاب تتوزع خياراتهم بين عون – فرنجية – أزعور.
  • التكتل النيابي التشاوري المستقل (المؤلف من نواب تركوا “التيار العوني” وعددهم 4)، فلم يحدد موقفه وخياراته حتى الساعة.
  • كتلة اللقاء الديمقراطي/جنبلاط التي تضم 8 نواب وأعلنت تأييدها للعماد قائد الجيش.
  • كتلة الطاشناق وتضم نائبين يرجح أن تدعم قائد الجيش أيضاً.
  • الجماعة الإسلامية التي يمثلها نائب واحد، وكتلة التوافق الوطني وتضم 5 نواب من الطائفة السنيّة، فقد تكون مع خيار حركة “أمل” و”حزب الله”.
  • كتلة “تجدّد” التي تضم 3 نواب، فخياراتها ليست محددة.
  • النواب المستقلون وعددهم 29 نائباً فخياراتهم المختلفة.

إنطلاقًا من هذا الاقتباس، يتظهّر لنا أنّ جلسة الخميس قد لا تُسفر عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية، إلاّ كما كانت تجري العادة من خلال “كلمة السر”.

إنّ جلسة التاسع من كانون الثاني هي أشبه بالمناورة ومحاولة للهروب إلى الأمام ورفع المسؤولية والتمويه عن حقيقة سوء النوايا وعدم رغبة حقيقية في إعادة بناء الجمهورية على أسُس متينة ورغبة في تحقيق العدالة والتفكير في الاختلاف والمساواة في الحقوق والواجبات.

نخشى من تعطيل عملية الانتخاب أو صياغة تسوية رئاسية يكون فيها الرئيس مجرد دمية بين أيدي الكتل النيابية لأنه محكوم بالدستور وبالمشاورات الملزمة وبالتالي سيكون أمام أمر واقع يفضي إلى تقاسم الجبنة من جديد.

عسى أن يأتي الطوفان السياسي الفكري الحضاري والولاء للوطن من خلال “حكومة انتقالية ظرفية” لإعادة الوجه الحقيقي للديمقراطية  والوجه الحضاري لبيروت ست الدنيا كونها أم الشرائع ومنبت الشرفاء .

 

 

 

 

 

 

 

 

                                          

 

 

الأكثر قراءة