الحرة بيروت ـ بقلم: بسام ضو، كاتب وباحث سياسي
قالها البطريرك صفير خلال زيارته إلى أستراليا في العام 2008: “الأوطان لا تُحمـل في الجيوب، من حمـل وطنه في جيبه لا وطن له”.
في خضّم الأزمات المتلاحقة التي يعيشها الشعب اللبناني والتي تتجلّى بوجوهها المختلفة، منها الوطني والسياسي والأمني والمالي والإجتماعي، يُفترض أن تكون مراكز الأبحاث والدراسات الأمـل الذي يُعطي للشعلة الفكرية رونقها، كي يسترشد رجال السياسة من خلالها طرقهم إلى ميناء الفكر والإستقرار والعدالة والسلام والتحرُّرْ من القيود المصطنعة.
إننا، كمركز أبحاث PEAC وكلجنة رسمية “لتطبيق القرارات الدولية” وبالتشاور مع المراكز البحثية العربية والدولية، نعي وندرك ونلتزم بأن نكون منارة فكرية تقدِّم دراساتها لكل القيّمين على النظام السياسي اللبناني. ونخص كلّاً من صاحب الفخامة العماد جوزاف عون ودولة الرئيس المُكلّف القاضي نوّاف سلام، في سبيل تحقيق الأهداف المنشودة التي هي في العمق مبتغى كل عامل للوطن بإخلاص وصدق مع الله ومع النفس في سبيل الجمهورية اللبنانية.
لنجاح الحكومة العتيدة هناك شروط موضوعية يلحظها “علم السياسة”. وعلى القيّمين على هذه الحكومة أن يتقيّدوا بمندرجاتها إذ أنه من المفترض أن يكون هناك أُسُس رئيسية تعتمد على العديد من المقومات، حيث لا يجوز الإستغناء أو التغاضي عنها وفقاً للعلم السياسي الذي يتعلق بكيفية الإحاطة بجميع أركان الدولة التي تمثل الإنسان والأرض والسيادة، عملاً بما ينص عليه الدستور اللبناني إستناداً للمادة 64 من الدستور بفقراتها 1 إلى 8.
المطلوب حكومة متجانسة يترّتب عليها الإهتمام والتنفيذ وحُسن العلاقة ما بين السلطات: الإجرائية – التشريعية – التنفيذية – القضائية، وهذا هو المطلوب من حكومة ترعى مصالح شعبها وتهتم بالمحافظة على السيادة التامة والناجـزة وعلى الإستقلال السياسي الحقيقي وحماية أمن الناس وسلامة حدودها وعدم السماح بالتدخل في شؤونها الداخلية، كما تعزيز ماليتها واقتصادها والتشدد في الإستفادة من إستخدام ثروات لبنان وتأمين مستقبل آمن للأجيال الشابة.
حكومة العهد الأولى تُعتبر الإطار السياسي التنظيمي وهي حصرياً المرجع الأعلى الذي يُشرف على كل مؤسسات الجمهورية اللبنانية، كما من المفترض أن تتمتّع بالسيادة المُطلقة التي تمثِّل الإرادة الحقيقية للشعب اللبناني، لا أن يكون في عضويتها شخصيات سبق وأن تعاطوا بالمباشر أو بالإنابة أو بالتكليف أو بالتوصية في أمور الدولة. حكومة تتمتع بالسيادة الدستورية لا بالمحاصصة وفرض الشروط التي تحمل منافع شخصية على حساب الدولة ومؤسساتها والشعب.
حكومة العهد الأولى أمامها العديد من المهام الموكلة إليها دستورياً، تتمثّل بضبط مجتمعنا اللبناني الذي يتفلّت بعض أبنائه من القانون، كما عليها تأمين السلم الأهلي – الإجتماعي وتحقيق العدالة ورسم خارطة طريق مجدية للإقتصاد وللمالية عبر صيانة الوزارات المعنية من الدخلاء والمأمورين والمأجورين والمنتفعين والسارقين. كما المطلوب تحقيق حالة الوعي والترابط للشعب اللبناني من الإنقسامات والتضليل الممنهج المعتمد من قبل ساسة الأمر الواقع، أي التشديد على التماسك الإجتماعي المجتمعي كما وحدة المصالح الوطنية والتلاحم بين جميع مكوّنات الشعب اللبناني.
حكومة العهد الأولى يرأسها قاضٍ نزيه شريف مشهود له بالحكمة والرويّة والأصالة. وهو سليل عائلة كريمة لها تاريخها السياسي وحضورها الوطني، صاحب نشأة وطنية تقوم على الوحدة والإستقلال والإلفة والإعتدال. عائلة تحمل ثقافة الحرية وهي مدخــل صفحات تاريخ لبنان الإستقلالي ولها توقيعها على أول علم لبناني نفتخـر به حيث لا يعلو عليه أي علم عملاً بنص القانون رقم 0 الصادر بتاريخ 19 تشرين الأول 1945 بمواده الخمس. ونذكر على سبيل المثال المواد الأولى والثانية والثالثة ونؤكد على مضامينها.
- المادة الأولى: “لا يجوز رفع علم غير العلم اللبناني في أراضي الجمهورية اللبنانية”.
- المادة الثانية: “لا ترفع الأعلام الأجنبية إلّا على دور وسيارات البعثات الدبلوماسية والقنصليات وقواد الجيوش الأجنبية وعلى ثكناتها وعلى المراكب الأجنبية وفقاً للتقاليد الدولية المرعية. أما في الحفلات العامة الرسمية فلا يجوز رفع أي علم غير العلم اللبناني إلاّ بعد إستئذان وزارة الداخلية ومواقفتها”.
- المادة الثالة :”كل من يُخالف أحكام هذا القانون يُعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في المادة 345 من قانون العقوبات”.
حكومة رئيسها صاحب نهج غير ملوّث بالفساد ولا الإنحراف عن الخط الوطني اللبناني، وهي النموذج للنزاهة والنظافة الوطنية؛
حكومة العهد الأولى مفترض أن تكون مؤلفة من أعضاء أكاديميين ومسؤولين وطنيين؛
حكومة العهد الأولى مفترض أن تحمل رؤية وطنية مستقلّة متطورة؛
حكومة العهد الأولى مفترض أن تحمي الوطن والمؤسسات والشعب وتحفظ الأمن والإستقرار في كل الأراضي اللبنانية عملاً بمندرجات قانون الدفاع الوطني؛
نختم بما ورد على منصة “X” للرئيس المكلّف: “تعليقاً على كل ما يتردد في الإعلام حول تشكيل الحكومة لجهة موعد إعلانها والأسماء والحقائب، يهمني أن أؤكد مجدداً أنني فيما أواصل مشاوراتي لتشكيل حكومة تكون على قدر تطلعات اللبنانيات واللبنانيين تُلبّي الحاجة الملحة للإصلاح، لا أزال متمسكاً بالمعايير والمبادىء التي أعلنتها سابقاً”.
حقاً إنّ كل مراكز الأبحاث هي الداعم الأول لحكومة العهد الأولى. رحم الله من قال: “الأوطان لا تحمل في الجيوب…”.