الثلاثاء, أبريل 29, 2025
21.2 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

إصدارات أسبوعية

بسام ضو ـ الجمهورية الوهمية والفاقدة الصلاحية

bassam daou

الحرة بيروت ـ بقلم: بسام ضو، كاتب وباحث سياسي

جمهورية فقدت عذريتها السيادية وفاقدة للصلاحية الدستورية وأضحت لعبة بين أيدي الدول، ولكل لاعب على المسرح السياسي اللبناني أهدافه الخاصة التي تختلف عن أهداف المتدخلّين الأخرين، وتحقيق أهداف هؤلاء يكمن في مدى سيطرتهم على المتعاونين معهم، وهو مقياس نجاحهم في هذا التدخل السافر. ومن الملاحظ أنّ كل لاعب على المسرح السياسي اللبناني ينخرط في ظروف ومنظومة تتناسب ومصالحه، وبالتالي يكون مُلزمًا بتطبيق مبادىء سياسة دولته التي لا تُراعي أصول الحياة السياسية اللبنانية. وفي هذه الحالة تُصبح الجمهورية وهميّة وفاقدة الصلاحية ومصالح الشعب في خبر كان.

تؤكد موجبات العلم السياسي على أنّ جـوهـر الحكم هـو الديمقراطية التشاورية، القـوة الصادقة، وممارسة الحكم كما تعلمناه في الجامعة ومارسناه على أرض الواقع. هو ليس مجرّد إجراءات عامة وأحكام قضائية أو محاولة لتشويه متعمّد للحياة السياسية أو ضرب للسيادة الوطنيّة، إنما مسار سياسي ديمقراطي يُحافظ على التقاليد والأعراف القانونية وعلى الخصوصية وسيادة الدولة ومنع أي تعدٍّ على سيادتها ومؤسساتها الشرعية والمدنية والعسكرية. المحافظة على السلطة هي هدف سامٍ بحدّ ذاته، أما النجاح في المحافظة على السلطة وإعلاء شؤونها يبقى رهينة انتقاء الأشخاص الأكثر ملائمة للكرامة الوطنية والخُلُقيّة وأضمنهم نتيجة.

الجمهورية الوهمية والفاقدة الصلاحية باتت مجرّد حكم متوارث على طريقة الإقطاع السياسي، وهي بمثابة مجموعة من السّاسة يحكمون خلافًا للأصول الديمقراطية. وهذه السلطة كناية عن مجموعات سياسية تحمل الدسائس والمؤامرات التي تُحاك في المقرّات الخاصة وتحدّد أهدافها على أسُس غير ديمقراطية وغير شرعية، وذلك لأسباب عدّة:

  • أولًا إهمال واجباتها لناحية إيجاد الحلول لكل المشاكل السياسية والمعضلات التي تنتج عنها، والتي أفضت إلى إهمال ممنهج للممارسة السياسية وجعلت الفوضى أمرًا واقعًا ممكنًا. وبهذه الطريقة ضربتْ هذه المجموعة اللاشرعية الأصول الديمقراطية والدستورية، وأهملت تطوير الجمهورية دون خوف من ردّة فعل أو خشية من وجود “معارضة” تضع حدًا لتصرفاتها.
  • ثانيًا هي سلطة غير قادرة على تطوير النظام السياسي اللبناني ودحضتْ كل مفاهيم الديمقراطية بإجراء عملي، وكان وضع قانون إنتخابي على قياسها من أسوأ القوانين. وهو ما تؤكده الوقائع على مدار المرحلتين التي أجريت الإنتخابات على أساسه، حيث أنه عبارة عن قانون غُبّ الطلب نظرًا للمنفعة والمصلحة الخاصة للسلطات القائمة في البلاد. وهذا ما يثني على مقولة مركز الأبحاث PEAC التي رفعها للمسؤولين تحت عنوان “قانون يعزِّز مصلحة الأحزاب على مصلحة البلاد والشعب”.

الجمهورية الوهميّة والفاقدة الصلاحية لا تحترم أصولها السيادية وحضورها بين الأمم، علمًا أنها عضو فاعل في جامعة الدول العربية ومنظمة الأمم المتحدة. هذا من حيث المنطق والقانون الدستوري. أما لناحية القانون الدولي العام، فإنّ الخارطة الجغرافية العالمية تضُّم في ثناياها الكثير من المناطق والمواقع الحيوية ذات الأهمية الإستراتيجية، وقد تكون هذه الأهمية هي الموقع الجغرافي. غير أن الجمهورية اللبنانية لا تُعير أي إهتمام لهذا المركز الإستراتيجي الذي يمنحها مصادر القوة في أي مرحلة تفاوضية.

الجمهورية اللبنانية الوهمية والفاقدة الصلاحية لا تُجيد أصول التحليل السياسي – الفكري- الدبلوماسي ولا تعرف – أو حتى لا تُدرك – ما هو “فن التفاوض” وأثره على إدارة الأزمات المحلية – الإقليمية – الدولية، ولا تقوم هذه الدولة بعمل دبلوماسي مرن لتسوية النازعات وتعزيز وتقوية العلاقات الداخلية – الإقليمية – الدولية . كما أنّ هذه الدولة لا تُدرك أنّ فن التفاوض هو من الأبواب الدبلوماسية التي تؤثِّر على مجمل عملية إتخاذ القرار السياسي السليم. الجمهورية الحالية المحكومة بسطوة ما تبقّى من سلاح غير شرعي ومصادرة مراكز القرار لا تُبرز دور الفن التفاوضي الدولي كآلية من آليات الدبلوماسية للوصول إلى الحلول السلمية للأزمة الحالية بعد “مجزرة الإسناد” التي حصلت، وعلى وجه الخصوص في بعض المناطق اللبنانية الخاضعة لسيطرة قوى خارجة عن إرادة السلطة المركزية.

جمهورية لا تعرف معنى المساهمة الدبلوماسية والمفاوضات في احتواء النزاع القائم، ومهام السلطة الشرعية المحافظة على النظام العام وضمان استمراريته. ومن المفترض على الجمهورية اللبنانية زيادة فاعلية قوى الجيش وسائر القوى الشرعية الرسمية ورفع درجة ولائها وضمان إخلاص الأجهزة الأمنية وغيرها من الأجهزة الحكومية الرسمية. كما على هذه الجمهورية أنْ تتخِّـذ إجراءات دستورية قانونية تنص على اعتبار بعض أصناف النشاط السياسي غير قانونية، وبالتالي يتعرّض العاملون فيها إلى المساءلة القانونية.

كي لا نبقى في ظل جمهورية وهميّة وفاقدة للصلاحية على قوى التغيير الشرفاء المؤمنين بالدستور والقوانين المرعية الإجراء البـدء في مواكبة عملية المفاوضات التي تقوم بها بعض البعثات الأجنبية الهادفة إلى وقف التعنُّت المُمارس من قِبل ساسة الأمـر الواقع، وإلى إتخاذ خطوات وامتلاك قاعدة حكم متينة ترتبط إرتباطًا وثيقًا بالقوانين المرعية الإجراء. كما يجب الإعتماد على بُعْـد نظر المسؤولين الشرفاء واتساع أفقهم وخصوبة مخيلتهم… وفوق كل ذلك، القدرة على مواكبة البعثات الدبلوماسية الوافدة إلى الجمهورية لإيجاد الحل المناسب الذي يتلائم وسيادة الجمهورية ورفاهية الشعب اللبناني.

الخلاصة أنّ لإجراءات القوى المتحرّرة تأثيرات مباشرة لعملية المفاوضات التي تحصل على قاعدة سيادة واستقرار الجمهورية، ولها الأهمية الخاصة في تكوين عملية تفاوضية على قاعدة السيادة التامة والناجزة المؤيدة للمبادرات الدبلوماسية القائمة والهادفة إلى ضبط الوضع ومنع أي تدخل في شؤون الجمهورية.

https://hura7.com/?p=48905

الأكثر قراءة