الثلاثاء, أبريل 22, 2025
17.9 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

إصدارات أسبوعية

بسام ضو ـ المنظومة السياسية وحماية الوطن ووعي الشعب

الحرة بيروت ـ بقلم: بسام ضو، كاتب وباحث سياسي

يعتبر فقهاء القانون الدستوري أنّ نظام الحكم أو ما يُعرف بالمنظومة السياسية هما من أوسع وأشمل أنظمة الحكم في الدولة التي تستوفي شروط السيادة المُطلقة وأُسُس الديمقراطية السليمة. من هذه المنطلقات تتطلب ممارسة النظام السياسي أفضل الممارسات السياسية – الأمنية – الإقتصادية – الإجتماعية – التربوية على أساس أنها مبادىء وواجبات رسمية تؤدي وظائف ذات طبيعة إنمائية – إستقلالية، وهذه المبادىء ما هي إلّا عوامل من مجموعة عوامل أخرى متداخلة ومتفاعلة مع عوامل تُسهِم في تكوين المنظومة السياسية، علمًا أنّ هذا التداخل والتفاعل يمكن من خلاله إستنباط معايير تسمح بمتابعة وتحليل عمل النظام السياسي. إنّ ما تمّ إسلافه يُظهر أنّ المنظومة السياسية اللبنانية بواقعها الماضي والحاضر لا تستوفي ما ذُكِر، وبالتالي باتَ لِزامًا على قادة الرأي العام المتنوّرين إتخاذ خطوات جوهرية لإعادة الأمور لنصابها الديمقراطي.

فقهيًا، يَعتبِر العلم السياسي أنّ النظام السياسي يمثِّل أحد النظم السائدة في أي مجتمع منظّم غير قابل للتفتُّت إلى جانب نظام إجتماعي حيث من المفترض أنْ يُعـدّ الأصل والركيزة القوية – المتينة لهذا النظام. إضافةً إلى ذلك هناك ما يُعرف بـ”النظام الجغرافي – الثقافي – الإقتصادي – المالي – الإجتماعي – التربوي – البيئي”، وهذه الأمور تُعدّ بدورها بمثابة عناصر ومكونات للنظام السياسي القائم، ومن المفترض أن تتفاعل في إطاره كمنظومة متكاملة ترتكز على مبادىء نختصرها بالعناوين التالية: الديمقراطية في ممارسة السلطة – الإستقلال الذاتي – الفاعليّة – التفاعل – الشمولية الفكرية.

في المفهوم العلمي الذي يضعه العلم السياسي من حيث المبدأ يعمل النظام السياسي في الدول المتحضرة في ظل مناخ سياسي يكون جزءًا من النظام الإجتماعي. فالبُنى والتفاعلات السياسية السليمة المتحضرّة هي جزء من البُنى والتفاعلات السياسية الإجتماعية المرجو تطبيقها. ومن الأفضل أن يكون القيّمون على الإدارة السياسية من خيرة القوم ومستعدّين من أجل خدمة المجتمع بكافة تكاوينه وتحقيق ما هو مُدرج في شرعة حقوق الإنسان وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها وحقه في ممارسة الديمقراطية الصادقة. إنّ هذه المطالب لا يمكن بلوغها من دون توفّر إمكانيات فكرية وبشرية يمكن توظيفها وإستثمارها للصالح العام.

إنّ أصول ممارسة العمل السياسي من ضمن منظومة سياسية مستقلّة هي حماية الوطن ووعي الشعب على ما يحصل من أداء سياسي سليمًا كان أو سيئًا، وإنّ قادة الرأي في الدول المتحضرة هم من أبرز الأشخاص المسؤولين سواء أكانوا رؤساء جمهورية أو حكومة أو وزراء أو نوّاب أو ناشطين سياسيين؛ وفي حال صفت النوايا، يُعتبرون السبيل الوحيد الذي يُمكِّن من إستيعاب الأحداث والوقائع التي تضمن الإستقرار السياسي وثبات الأوضاع العامة في البلاد. إنّ مشروعية وواقعية المسؤول يُفترض أن تكون محدّدة ضمن مفهوم علمي ديمقراطي، وضمن ضوابط وشروط وضمانات عادلة تتمثّل في الإستقلالية والحياد والكفاءة والتجربة والنزاهة والمصداقية والتوازن.

يفترض علم السياسة إدارة الدولة والسياسة العامة فيها بعيدًا عن الغدر والكراهية والإستسهال والشخصنة والمصالح الخاصة. كما أنه (أي علم السياسة) يطلب الإسترشاد الدائم بمبادىء الحكم الديمقراطي السليم غير المشوّه، كما حريّة وسيادة الدولة التامة والناجزة والمحافظة على مؤسساتها الشرعية الرسمية. من حيث المبدأ، فإن الهدف الرئيسي من إدارة أي دولة هو تنفيذ السياسة العامة بتجرُّد وكفاءة عالية وتقديم الخدمات العامة للمواطنين دون استثناءات ودعم سيادة القانون. إنّ السياسة العامة الصادقة والعلمية يجب أن ترتكز على مناقشات بنّاءة علمية موضوعية ومنظومات منطقية قابلة للتنفيذ وإيجاد حلول متطوّرة وعرض حلول لتسويات قد تطرأ، كما يتطلب انتظام عمل المؤسسات عقلاً تشاركيًا وفكرًا مرنًا لإيجاد الحلول للمشاكل والقضايا اليومية الخدماتية والسياسية والأمنية والإقتصادية والإجتماعية.

بعض اللبنانيين يخلط ما بين مفهوم الدولة ومفهوم السلطة. من حيث المبدأ الدولة تمثِّل ترجمة عقد إجتماعي يُحافظ على القيم والكرامة الإنسانية وصيغة العيش الكريم، أي بصريح العبارة إنها تشكل المجتمع السليم المتعافى المُصانة حقوقه وكرامته محفوظة. أما السلطة فهي من الناحية الدستورية والقانونية قوة تضبط من خلال القوانين المنبثقة عن العقد الإجتماعي أي ممارسة التقيّة السياسية والأمان، وأفضل الطرق لسيادة المجتمع بالقانون والعدل كي يطمئن المواطنون على أصول تلك الممارسة. في الجمهورية اللبنانية، المنظومة السياسية وحماية الوطن مفقودتان ووعي الشعب في خبر كان، وهذه الأسس للاسف غير متوفرة في مجتمعنا اللبناني حيث يخشى المواطن اللبناني على كرامته وسيادته. والمؤسف أنّ المواطن اللبناني لم يتدرّب ولم يتعلّم كيف يقوم بمهامه ولم يعطِ الأهمية للقوانين المرعية الإجراء.

حجم الإنتهاكات السياسية – الدستورية والإنتهاكات الأمنية وسوء الأوضاع الإقتصادية والمالية وإنعدام السلم وتسهيل عمل الجريمة، كلها أمور تصب في خانة فشل النظام السياسي اللبناني كما فشل هذا النظام في توفير الخدمات للمواطنين. وهذا ما أدّى وسيؤدّي إلى تدهـور أوضاع حقوق الإنسان في لبنان. إنّ المطلوب اليوم سلطة صاحبة منظومة سياسية مستقلّة تحمي الوطن من أي خطر يتربصه وتحمي الشعب، على أن يكون هناك رأي عام يُطالب ويُشرف على تبنّي إصلاحات تشريعية وسياسية ضرورية جدًا قد تجعل الجمهورية اللبنانية في حالة تقدُّمْ في كل المجالات.

إننا، كمركز أبحاث PEAC، نعتبر أنّ الجمهورية اللبنانية لم تُبنَ بالمعنى الدستوري للكلمة، ونظام لم ترسم خطوطه بوضوح، وجمهورية تعيش في مرحلة خطيرة من إنتهاك السيادة والسلاح اللاشرعي والإحتلالات والتدخلات، وهناك خطر التحاصص والفساد والتسلُّط ونهب المال العام والفوضى المُستدامة وقلّة التدبير واللاعـدالة واللامساواة واللاإنصاف واللاسيادة واللاإكتفاء…

سؤال: هل سنبقى في هذه الدوّامة؟ الجواب في عهدة الشعب المتألِّم.

https://hura7.com/?p=48415

 

 

 

    

 

الأكثر قراءة