الأحد, مارس 23, 2025
11.7 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

بسام ضو ـ حكومة وفقًا للأطُــر الدستورية وإلّا سنعــود حتمًا إلى مربّع الضياع والفوضى

الحرة بيروت ـ بقلم: بسام ضو، كاتب وباحث سياسي 

رأينا، كمركز أبحاث PEAC، وفي ظل هذه الأوضاع المستجدّة وفي حضرة مجلس نيابي فاقد للرمزية الوطنية وللحس الوطني وللمصداقية التشريعية التي من أول أولوياته المفيدة للمجتمع اللبناني ولديمومة الجمهورية اللبنانية، ضرورة إجراء متابعة دقيقة لمرحلة تشكيل حكومة العهد الأولى. لا سيّما في ظلّ هذا الكمّ من المواضيع المطروحة عبر وسائل الإعلام أو على لسان بعض المسؤولين المُطالبين بـ”حكومة جامعة”، والمحالاوت المكشوفة لبعض المكوّنات السياسية التي كانتْ سياستها غير متلائمة مع النصوص الدستورية والتي تُطالب اليوم في المشاركة السياسية عبر الإحتفاظ ببعض المواقع التي كانت تُهيمن عليها في المراحل السابقة.

إنّ الدستور واضح والإسهاب في الشروحات تفصيليًا في تحليل المراحل السابقة بالوقائع الملموسة، والتي أوقعت الجمهورية في حالة خراب ودمار وتعطيل ممنهج للديمقراطية، تُغنينا عن البحث في إيجاد الأسباب الموجبة لعدم مشاركة من كانوا السبب في ضياع الديمقراطية وضرب أواصر الجمهورية واحتكار القرار على كافة المستويات.

أغلب التصاريح اليوم تدور حول شكل الحكومة وآلية تشكيلها، لا بل أغلب هذه التصاريح باتت منتشرة في كل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة التي تتوّجه عمدًا إلى تضليل الرأي العام من خلال “كبّ تشكيلات حكومية” لا تمتّ إلى الواقع المطلوب بعد إنتخاب العماد جوزيف عون رئيسًا للجمهورية وتكليف القاضي نوّاف سلام بعد إستشارات نيابية مُلزمة لتشكيل حكومة العهد الأولى.

في هذه الحالة، رأينا كمركز أبحاث ومعنا العديد من المراكز اللبنانية – العربية – الدولية المتعاونة، أنّ الأمور مبالغ فيها في وقت يجب أنْ تخضع للموازين الجديدة وللإعتبارات السياسية القائمة بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وبين ما يُفترض أن يظل محصورًا في الحيِّز القانوني – الدستوري المرسوم دستوريًا والمتوافق عليه في هذه التسوية التي أفضتْ إلى إنهاء الفراغ في النظام السياسي اللبناني.

على ما يبدو، هناك محاولات يقوم بها البعض عن قصد تتضارب مع الواقع السياسي الحاصل وهناك تفسيرات خاطئة للنصوص الدستورية إلى درجة أصبح فيها الدستور مجرد وجهة نظـر تختلف حسب الأهواء والمصالح السياسية، مما جعلنا كباحثين وناشطين سياسيين في حيرة من أمرنا. وهذا الأمر ينطبق أيضًا على الدول الراعية لهذه التسوية سواء أكانت عربية أو أجنبية. حقًا إنّ ما يتمّ تسويقه من “فبركات تشكيل الحكومة” هو بعيد كل البُعدْ عن الإدراك الواقعي والملموس. فالسعي لتسويق “حكومة أمر واقع” هو أمر حزين ومؤسف بعد هذه النكبات التي مرّت على الجمهورية اللبنانية، وهو يدفع إلى التعجُب والريبة لأنّ هؤلاء الساسة يُعانون من عدم إلمام بأصول العمل السياسي الأخلاقي والوطني، إذا لم أقل من جهل شبه كامل بما يحصل من تغيُّرات على الساحة المحلية والإقليمية.

إنّ الدستور والقانون يُحددان حقوقنا كمواطنين وما يُملى علينا من واجبات وطنية أخلاقية، كما أنّ الدستور هو الذي ينظم عمل السلطات والمؤسسات الرسمية المدنية والعسكرية. القانون والدستور هما المحوران المهمان ويجب الإحتكام لهما وفقًا للأصول الديمقراطية ولا الإحتكام إلى المصالح الخاصة كما تجري العادة.

ممارسة العمل السياسي الشريف تتطّلب معرفة الدستور وهذه المعرفة، لا بل الإلمام، هي واجب على كل سياسي يريد أن يكون مسؤولًا فعّالًا في محيطه التمثيلي – السياسي – الإجتماعي ، لا بل هو شرط من شروط الديمقراطية الحقيقية.

من المؤسف أنْ نقرأ أو نسمع أنّ هناك محاولة لتعويم من كانوا السبب في توالد الأزمات، وهذا الفعل الشنيع يؤكد مقولتنا أنّ النظام الديكتاتوري يُريد أن يُعيد الكرّة عبر فرض نفسه كلاعب أساسي أو كشريك مُضارب في حكومة العهد الأولى. ومن هذا المنطلق نعتبر أنه لا مجال لتمرير هذا الأمر، فمجرد المُشاركة في حكومة العهد الأولى من قبل هؤلاء سيُعيد الأمور إلى المرّبع الفوضوي. كفانا حجج واهية لا تنطلي على أحـد.

حذار إغضاب النهج السياسي الوطني المستقل و المجتمعين العربي والدولي في مهمّة التشكيل الحكومية، ولنكن صريحين، ومن خلال بعض اللقاءات الدبلوماسية تظهّر لنا أنّ بعض الأوساط السياسية اللبنانية المحلية وحتى العربية والدولية غير مطمئنة وغير متفائلة بشأن تمثيل من كانوا سببًا في الأزمات، أو الاحتفاظ بحقائب معينة، لا بل الجميع يعتبرهم ليسوا المدخل الصحيح والحقيقي للحل السياسي، كما أننا نتخوّف من إغراق الرئيس المكلف بتفاصيل صغيرة تعرقل مهام التشكيل.

إنّ أمر تشكيل الحكومة يتطّلب نوعًا من تطوير وأعمال وآليات ووسائل وأساليب ذات طبيعة دستورية شرعية لتحقيق وتنظيم كل ما يتعلق بعودة إنتظام المؤسسات الرسمية، وهذا ما تقرره العلوم السياسية في مندرجاتها الفكرية تحت مسمّى “الواقعية السياسية “، وهذا الأمر يُعيد صياغة المنطق السياسي الذي يجعل من الممارسة السياسية عملية تغيير جذرية.

وفي هذا الإطار سمعنا بالتواتر ومن مصادر دبلوماسية أنّ وزارات معينة ( الدفاع – الداخلية – الخارجية – المالية – العدل ) هي بالمباشر تحت الإشراف العربي – الدولي، وبالتالي يجب توزير أشخاص يحملون الإختصاص والكفاءة والنزاهة المهنية كظاهرة ذات تأثير سياسي عميق في العمل الحكومي ضمن مسيرة العهد الجديد.

إنّ توزير إختصاصيين لهذه الوزارات الخمس هو البرنامج للتغيير الشامل والجذري على المستوى السياسي – العسكري – الإقتصادي – المالي – القضائي، على عكس ما يُحاول إظهاره ساسة الأمر الواقع. وخيار توزير الإختصاصيين يشكل الخيار السليم لرئيسي الجمهورية والحكومة.

إننا كمركز أبحاث لبناني PEAC متعاون مع مراكز أبحاث عربية ودولية نضع كل إمكانياتنا في تصرف كل من فخامة رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف لإنضاج حكومة يتمثل فيها الأقوياء والشرفاء على قاعدة الكفاءة والنزاهة ومحبة الوطن والولاء له فقط. فخيار السلام والإلتزام السياسي الوطني من خلال آليات ورؤى تنتشلنا من هذا المناخ الصعب الذي يُنذر بعواقب وخيمة هو خيارنا وهدفنا.

https://hura7.com/?p=42294

الأكثر قراءة