الثلاثاء, أبريل 29, 2025
16.4 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

إصدارات أسبوعية

بسام ضو ـ ما هو الضروري والمُلحّ المطلوب من الحكومة اللبنانية؟

bassam daou

الحرة بيروت ـ بقلم: بسام ضو، كاتب وباحث سياسي

نشهد للحق والحق يُحرِرُنا من كل دنس وخطيئة. نشهد للحق وللحقيقة في حالة واحدة إذ صيغ البيان الوزاري بأدبيات يطلُبها المواطن اللبناني، بفقرات تهتم بالسياسة والأمن والقضاء والإقتصاد، مضمونًا والتزامًا بمسؤوليات وطنية تُطبِّق مضمونه بكل ثقة وصرامة. الحكومة الحالية أمام مسؤوليات وطنية قومية واجبة ومُلزمة على كل وزير استلم حقيبته الوزارية من أجل تحقيق كل الإلتزامات التي وردت في خطاب القسم وما سيرد في البيان الوزاري.

إنّ علم السياسة معني بكل مكونات الدولة وتنظيمها وقيمها، وكل تفاصيل الحياة السياسية للمسؤولين وللمواطنين التوّاقين. هو أشدّ الارتباط بالتنفيذ العملي المُلتزم التي تتداخل معه كل مطالب الناس المحقة. من هنا يفترض الإهتمام بالسياسة من قِبَل أصحاب المعالي، ذلك أنّ المشهد السياسي بعد حالات الإجحاف التي مرّت على الشعب يتطلّب تصديًا لكل مخلفات السياسة الماضية التي أوصلت الجمهورية بمؤسساتها وشعبها إلى حالتي الإنهيار واليأس.

الوضع العام بواقعه المذري لم يَعُـد يتحمّـل أي نوع من المماطلة والمراوغة ولا أي نوع من سياسة عابرة تنشط أحيانًا لتغفـو أحيانًا أخرى مرتبطة بمطلب ما يقود إلى فورة مؤقتة. الوضع العام مذري ومُحْبِط ولا يتحمّل سياسة لا تضم ثوابت فكرية كبرى في الفكر والمنهجية والنضال الطويل لإعادة الحقوق للمواطنين. إنّ البيان الوزاري لا يمكن أن يحمِل عبارات فضفاضة ولا  منمّقة في حقول السياسة – الأمن – القضاء – الإقتصاد ، حيث لا نحتاج إلى التذكير بالأخطار التي تحيط بالوطن ومؤسساته الشرعية وبالشعب اللبناني.

الخروج من هذه “العصفورية السياسية المنتهجة” لن يكفيها جهود هامشية وبيانات إستنكار وتقاذف مسؤوليات، بل حسم وحزم وكفاءة وشفافية ونظافة اليد والنيّة السليمة وإرادة حرّة في العمل الحكومي. هذه المهمة تحتاج إلى جهود أصحاب المعالي والمفكرين ومراكز الأبحاث والمجتمع المدني وكل قادر على مواكبة سياسية موضوعية للعمل الحكومي.

عمـل هذه الحكومة يجب أن يكون ممارسة سياسية متينة مبنيّة على الأصول الدستورية وعلى ما ورد في وثيقة الوفاق الوطني بصورة شاملة وليس إنتقائيًا، ممارسة سياسية سليمة ديمقراطية متّزنة ضمن قوانين عادلة صارمة تُطبّق على الجميع ومن دون إستثناء. هذا العمل يتطّلب جهود جبّارة من قبل رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وأصحاب المعالي لإنتاج مشروع سياسي يُعيد الدولة إلى مكانتها الرائدة وللشعب إعتباره وأن يشعُر أن هناك مسؤولًا يهتم بمستقبله وبمصالحه بدمّة وضمير.

حكومة يجب أن تكون مسؤولة عن حقوق اللبنانيين المادية والمعنوية، حكومة عليها واجب مراقبة أوضاع حقوق اللبنانيين المهدورة لناحية أموالهم التي فقدتْ أو سُرِقتْ في المصارف. حكومة واجبها المحافظة على سيادة القانون وسيادته على كل الأراضي اللبنانية وتعزيز دور المؤسسات الرقابية، كما تقديم الحوافز من خلال أداء سياسي يُمكنها من الوصول إلى منظومة سياسية تحكم وفقًا للمعايير السياسية والأخلاقية المعلنة بموجب الشرائع الدولية.

حكومة يجب أن تأخـذ زمام المبادرة السياسية – الأمنية – القضائية – الإقتصادية، وإحكام سيطرتها على كل الأراضي اللبنانية تدريجيًا بواسطة قواها الذاتية التي لا رديف لها وهذا ما ينص عليه قانون الدفاع الوطني في مادته الأولى، كما عليها أن تسترجع مكانتها مع الأنظمة العربية والدولية وأن تنظِّم علاقاتها الدولية ضمن محاولة صادقة في تثبيت وجودها ورفض ما سيُملى عليها من مشاريع تكون ضد مصلحة اللبنانيين على المستوى الديمغرافي والتاريخي.

حكومة تسعى للتخلُّص من الهيمنة القائمة في البلاد بواقع سياسي – ميليشيوي، مغلّف بنظام محلّي معقّد ما جعل الخيارات المتاحة أمام أي حركة إصلاحية غير مُتاح، وهذا ما جعل البلاد تدخل في تحالفات والقبول بشتراطات غير سليمة لا بل كانت مدمِّرة على صعيد الإقتصاد والواقع الأمني. حكومة تمنع بشكل صارم أي فتنة طائفية – مذهبية، كما تمنع إنتاجها وقت الحاجة وبأنماط وأشكال مختلفة حسب الظرف السياسي والإجتماعي. حكومة توقف التصلُّب السياسي وجموده طوال الفترات السابقة، حكومة تقف بوجه ساسة أقصوا وهمّشوا بعض المكوّنات السياسية اللبنانية التي كانت تعارض بعض الأفكار المطروحة. حكومة تنفتح على الأكاديميين والشرفاء لكي تسلم الأمور الوطنية في شكلها الديمقراطي، كون الجمهورية اللبنانية انضمت إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية في سنة 1972، من دون إبداء أي تحفظات. كما وبموجب المادة /25/ من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية يحق لكل مواطن التصويت والإنتخاب في إنتخابات دورية نزيهة يكون الإقتراع العام وعلى قدم المساواة بين الناخبين وبالإقتراع السرّي مع ضمان حرية التعبير عن إرادة الناخبين. كما يعترف العهد الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية بالمساواة في الحقوق بين الرجل والمرأة في التمتّع بكافة الحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية بما في ذلك الحق في العمل ومستوى معيشي لائق والتعليم والصحة البدنية والعقلية لذلك.

ما هـو الضروري والمُلِح المطلوب من الحكومة مرحليًا؟ المفترض أن تشمل أولويات الحكومة في بيانها الوزاري السلام السياسي ودرس وإحالة قانون جديد للإنتخابات النيابية إلى المجلس النيابي لدرسه وإقراره على أنْ تُشرف لجنة من حقوق الإنسان على كل الإجتماعات منعًا لحصول أي إجحاف بحق مصداقية التمثيل كما كانتْ تجري الأمور سابقًا.

كما أنّ الأمن ضرورة مهمة على صعيد الإستقرار حيث لا إستقامة لأي حياة في لبنان دون إقامة أمن وطني شرعي بواسطة القوى الشرعية اللبنانية المفترض فرض سيطرتها على كامل التراب الوطني وخصوصًا لناحية إنتشار الجيش في الجنوب اللبناني وإستعادة الأراضي التي دخلتها قوات العدو مؤخرًا من ضمن تطبيق مندرجات القرار /1701/ دونما لف ودوران وفبركات إنشائية.

أما لناحية القضاء نقتبس ما قاله القاضي نوّاف سلام (رئيس الحكومة) ضمن سلسلة محاضرات التدرُّج في بيت النقيب في المقدمة: “لا شك أنّ أول ما يحتاج إليه لبنان اليوم هـو التصّدي الجاد للجذور العميقة للأزمة المالية والإقتصادية والإجتماعية التي يُعاني منها. وهذا يتطلب إصلاحات جذرية ورؤية واضحة لبناء إقتصاد حديث ومنتج يؤمن فرص عمل جديدة ونمّو مستدام. غير أن الشرط الأساسي لتحقيق ذلك هـو قيام دولة قادرة، دولة قانون ومؤسسات ترتكز على قيم المساواة والحرية والعدالة الإجتماعية وتوفِّرْ شروط المساءلة والمحاسبة الديمقراطية…”.

نحن بالإنتظار لأن ما هـو ضروري ومُلحّ: إستقرار سياسي – أمني – قضائي – إقتصادي.

https://hura7.com/?p=44318

 

 

 

                                          

 

 

الأكثر قراءة