الثلاثاء, أبريل 29, 2025
21.2 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

إصدارات أسبوعية

بسام ضو ـ “مين جرّبْ المجرّب كان عقله مخرّبْ”… من أهم الأمثال التي تعكس واقع لبنان الأليم

الحرة بيروت ـ بقلم: بسام ضو، كاتب وباحث سياسي  

السيّد البطريرك، السادة “المعارضة”، عفوكم. فلم تُعجبنا تعليقاتكم على موضوع الإستحقاق الرئاسي حين تُطالبون السّادة نوّاب الأمة بالإلتزام في مضمون الدستور اللبناني والذهاب نحو المجلس لإنتخاب رئيس جديد للجمهورية.

لا يُعجبنا هذا المنطق الإنهزامي حيث تعرقلون بطلبكم هذا كل التحولات الإقليمية – الدولية والتي حظيتْ مبدئيًا بجوٍ تفاؤلي من قِبل اللبنانيين التوّاقين إلى تغيير هذه الطبقة السياسية الفاسدة والمفسِدة، والتي هي حكمًا الباب الرئيسي للإنهيار الشامل. وبالتالي إن المرجعية التي ستصل إلى مقام رئاسة الجمهورية، ومع إحترامنا لشخصها، ستكون حتمًا مُكمِّلة للعلَل القائمة ليصدق المثل القائل: “مين جرّب المجرِّب كان عقله مخرّب”.

عفوكم. لا تأخذوا استعارتنا لهذا المثل من باب الذم أو التحقير لمقامكم الكريم أو للإنتقاص من كرامة الشخص الآتي، إنها الحقيقة وما من مثل إلّا ما صدق.

السيّد البطريرك، السادة “المعارضة”، الوضع السياسي العام في وطننا لبنان بحاجة إلى حكمة ورصانة وبُعْد نظر، أما مطالبكم الحالية بانتخاب رئيس جديد للجمهورية وفي ظل هذه الظروف الراهنة توحي لنا كباحثين أنكم آتون من كوكب أخر، ومن الطبيعي القول أنكم لم تُعايشوا الواقع اللبناني بتفاصيله وبتشعبات أزاماته السياسية – الأمنية – الإقتصادية – المالية – الإجتماعية.

تُطالبون بانتخاب رئيس جديد للجمهورية وكأنّ لا علمَ لكم بخلفيات هذا المجلس النيابي المنقسم على نفسه والآتي لضرب النظام الديمقراطي على يد من أقرّوا قانونه الإنتخابي وتقاسموا مغانم هذه السلطة مُشوِّهين مبدأ الإنتخابات النزيهة والحرّة.

السيّد البطريرك، السادة “المعارضة”، عن أي رئيس تتحدثون؟ أهو رئيس الظل أو التوافقي والذي لن يُقدّم ولن يؤخِّر في مواضيع عديدة أثقلت شعبي؟ أهوَ رئيس لا يتجرّأ على المُطالبة بعدم التدخل في شؤون الجمهورية اللبنانية؟ أهو رئيس متفاعل مع المشاريع الخارجية ومنها مشروع إثارة النعرات الطائفية؟ أهو رئيس لا يتجرّأ على المطالبة بحسم موضوع السلاح غير الشرعي الذي أرهق الدولة ومؤسساتها في آتون الحروب واستدعى الإحتلال الإسرائيلي لقسم من الجنوب اللبناني؟

أهو رئيس حيادي لا يتدخل فعليًا في الأمور الوطنية يرأس مجلس الوزراء دون أنْ يُصوِّتْ؟ أهو رئيس يتغاضى عن مهاجمة الدول العربية والأجنبية مخالفًا ما نص عليه الدستور اللبناني وتحديدًا في مقدمته، على أنّ الجمهورية اللبنانية عضو في جامعة الدول العربية ومنظمة الأمم المتحدة؟ أهو رئيس متخصص في تضليل الرأي العام حيث يتبنّى مقولة “لنضع المواضيع الخلافية جانبًا ونركز على غيرها؟

السيّد البطريرك، السادة “المعارضة” ، في كل الأحوال، وكمركز أبحاث PEAC ومعنا العديد من مراكز الأبحاث في لبنان والعالمَين العربي والدولي، لاحظنا عجزًا عن إيجاد بدائل مقنعة في خطبكم ومواقفكم تُرضي شعبنا اللبناني الثائر والتوّاق إلى حريته وحرية وطنه ومؤسساته الشرعية المدنية والعسكرية.

ما الذي يُضير يا حضرة البطريرك والسادة “المعارضة” من الإستجابة إلى مطالب شعبنا وتلبية رغباته؟ أليست الجمهورية اللبنانية القضيّة الأهم لديكم ولدينا؟ أليست مصلحة الجمهورية اللبنانية بكل مؤسساتها الشغل الشاغل لديكم ولدينا؟ هل ستكتفون بالندب أم ستقومون بخطوات جديرة بالإهتمام لإخراج الجمهورية من مأزقها الحالي السياسي – الأمني – الإقتصادي – المالي – الإجتماعي؟ وهل ستستمّرون في سياسة غض النظر عن ساسة الأمر الواقع والساسة الطائفيين والأحزاب المترهلّة أو قادة من صنف “الفاسدين”؟

السيّد البطريرك، السادة “المعارضة”، تكمن المشكلة في جمهوريتنا في أنّ أداءكم وخطبكم ورسائلكم ومواقفكم تتأقلم مع التبعيّة لساسة الأمر الواقع الذين يقدّمون مصالحهم على حساب مصلحة لبنان وشعبه. وبات من المؤكّد إن إستمرّيتم على هذا المنوال أن أداءكم سيخلّف تأثيرًا خطيرًا على الجمهورية اللبنانية، كما سيكون لاستمرارية هذا النهج السلوكي العميل إنعكاسات سلبيّة خطيرة على الشعب وعلى الوطن.

من غير المقبول أن يكون التغيير في هذه المرحلة شكليًا، ومن غير المقبول أيضًا أن نرضى بتسليم رئاسة الجمهورية لرئيس منتقص الصلاحيات و”خيال صحراء”. من غير المقبول أن يأتينا رئيس توليفة للسلطة القائمة لإعادة إنتاج نفسها لست سنوات، كما من غير المقبول أن يأتينا رئيس متقلِّب في مواقفه وقراراته.

السيّد البطريرك، السادة “المعارضة”، تُطالبون بانتخاب رئيس جديد للجمهورية وأن يلتزم “نوّاب الأمة بالأصول الدستورية” ونسيتُمْ أنهم وصلوا إلى الندوة النيابية عن طريق التزوير والتملُّق لرؤساء الكتل وباتوا ألعوبة في أيديهم، إن لم نقلْ رقمًا يحركونه غبَّ الطلب.

السيّد البطريرك، السادة “المعارضة”، في حال رغبتم بوطن حر سيّد مستقل عليكم أن تعلموا علم اليقين أنّ هذا المجلس ليس باستطاعته انتخاب رئيس جديد للجمهورية والحالات السابقة أثبتتْ هذا الواقع.

كونوا واقعيين في مطالبكم والتحقوا بمطالب شعبكم التي تنادي بسلطة إنتقالية تقوم بمهام أساسية تحمل العناوين التالية:

  1. الإصلاح السياسي عبر قانون جديد للإنتخابات يُعيد تكوين السلطة.
  2. تفعيل النظام القضائي ليُعيد للسلطة القضائية إستقلاليتها من الزبائنية السياسية.
  3. ضبط الوضع الأمني من خلال تكليف مرجعية عسكرية وطنية لمهمة وزير للدفاع وتعيين قائد جديد للجيش يُشرفان على تنفيذ خطة أمنية شاملة تطبيقًا لقانون الدفاع الوطني اللبناني.
  4. التعامل بجديّة وحزم مع ملف التدخلات الخارجية في شؤون الجمهورية اللبنانية إستنادًا لمبدأ السيادة والعلاقات الدولية.
  5. المطالبة بإشراف أممي وعربي على هذه السلطة الإنتقالية.
  6. بعد كل هذه البنود، إجراء إنتخابات حرّة ونزيهة لإعادة انتظام المؤسسات اللبنانية الرسمية تحت إشراف رئيس لبناني وطني متحرِّر من كل القيود.

السيّد البطريرك، السادة “المعارضة”، إنها خارطة طريق نطرحها بإسم “المركز الدولي للأبحاث السياسية والإقتصادية PEAC” بخطواتها العملانية التي تهدف إلى إنطلاق ورشة سياسية لتكريس واقع سياسي جديد متحرِّر من هذه الطبقة السياسية تكون خالية من الارتهان والجبن وتجيير القرار، كي لا يصحّ فينا قول المثل “مين جرّب المجرّب كان عقله مخرّبْ”.

https://hura7.com/?p=40179

 

 

 

 

 

                                          

 

 

الأكثر قراءة