الإثنين, يناير 13, 2025
-2.3 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

بسام ضو . متغيّرات جيوسياسية قد تؤثر على مجرى الأحداث في جمهورية لبنانية منتهَكة القرار والسيادة

الحرة بيروت ـ بقلم: بسام ضو، كاتب وباحث سياسي

زلزال سياسي كبير يضرب المنطقة يترافق مع سؤال يُطرح من قِبل مراكز الأبحاث ومنها “المركز الدولي للأبحاث السياسية والإقتصادية PEAC” اللبناني وبعض المراكز المتعاونة. ويبدو أن هذا الزلزال قد هـزّ أنظمة وأوطاناً وشعوباً ومؤسسات. والسؤال: هل هذا الزلزال سيؤثر على المنطقة وفي أي إتجاه؟ وهل هناك تأثير على الواقع اللبناني؟

لنستطرد في السؤال محاولين التوّسع فيه، فإلى أي مدى ستكون الجمهورية اللبنانية في ظل التكاوين الحالية متأثرة بهذا الزلزال؟ وهل هناك حركة وعي قد تسمح بعدم الإنغماس في خطورة ما يجري؟ كما نطرح سؤالاً جوهرياً: إلى أي حدّ ستتوضح معالم الحركة السياسية اللبنانية، وما هي طموحات “المعارضة “في هذا الهرج والمرج؟

أسئلة كثيرة ومتشعبة وغيرها نطرحها عبر مركزنا البحثي في الداخل اللبناني وفي العمقين العربي والدولي. فهل ستبقى هذه المعارضة في حالة ترقُّبْ وإنتظار في فصول هذا الزلزال الذي قد يشي بخطورة كبيرة على السيادة الوطنية وعلى السياسة العامة في البلاد؟

نتخوّف من قيام حركات إستيعابية لمؤثرات هذا الزلزال قد تتماهى مع مصالح بعض اللاعبين الطامحين إلى لعب دور سياسي عبر مركز رئاسة الجمهورية. في الغالب حصلت هذه الأمور في السابق وما من أمر يمنع تكرارها، بسبب وجود لاعبين سياسيين فاقدي الضمير ومُستغلّين ويُجيِّرون الأمور وفقًا لمصالحهم، دون نسيان أنّ هناك لاعباً متمرِّساً لبنانياً – إقليمياً ما زال قابضاً على مراكز القرار في الجمهورية اللبنانية. ما نقوله يستند إلى وقائع حدثتْ في السابق ولم يتّم تقويضها لا بل للأسف تماهت معها “المعارضات الهجينة” بكل أطيافها دون خجل ووجل.

واقع الأمور الزلزالية في محيطنا العربي لا يسمح بالوصول إلى أي جواب عن التساؤلات المذكورة، كما لا يسمح أيضاً بقراءة هادئة للأحداث التي تتوالى على الأرض اللبنانية وفي المحيط الإقليمي. وهو أيضاً لا يسمح في الوصول إلى أي إستنتاج نهائي أو حكم على هذه الأحداث نظراً لضعف “المعارضة”، ولأنها لا تمتلك مصادر القرار ولا زمام المبادرة.

ونعطي مثالاً حياً على ذلك: تدور حرب في الجمهورية العربية السورية والجمهورية اللبنانية معنية في هذا الأمر، والمؤسف أنّ حدود جمهوريتنا مستباحة. تدخل أراضينا مجموعات كانت موالية للنظام السوري السابق دون علم أو معرفة الأجهزة الرسمية اللبنانية، ناهيك عن أنّ الأمور تبقى في طيّ الكتمان خوفاً من مساءلة المجتمع الدولي المعني وحتى المشرف على الأزمة السورية. هذا إضافة إلى أزمة المعتقلين في السجون السورية والتي تطوّرت بعد إعلان “سقوط النظام” وإطلاق سراح المسجونين في سجون سوريا والإلتباس الحاصل في حالة وجود أو عدم وجود أسرى لدى النظام السابق، علمًا أنّ أكثر من مرجع رفيع المستوى في مراحل سابقة تنكّر لوجود “أسرى لبنانيين” في سجون هذا النظام، إستدراكاً لحسابات شخصية استفاد منها على المستوى الشخصي على حساب الأسرى والمعتقلين والسياسة اللبنانية.

على أي حال، ووفقاً للمعطيات القائمة والتي قد يتأثر بها وطننا لبنان، لا نستطيع كباحثين ومتعاطين في الشأن العام لبنانياً وعربياً ودولياً أن نعرفْ بعد مصير الجمهورية اللبنانية. لذلك تظل كل دراسة تطرح عن الوضع العام غير واضحة المعالم. فمن خلال فصولها ربما نصل إلى خيط معيّن يقودنا إلى بصيص أمل. ولكن لا نعوّل على ذلك مرحلياً. هذا الخيط، إنْ أحسنّا مراقبته، من المفترض أن يقودنا إلى مرحلة الأخطاء والتجاوزات القائمة على أرضنا من قِبَل قادة سياسيين علمانيين ومن قِبَل بعض رجال الدين الذين يدّعون العفّة في السياسة ويُكثرون من الطروحات، ولكن في الخواتيم تصبح النهاية عندهم “نحن لا نتدخل في السياسة ولا في الأسماء”.

من اليوم ولسنوات مقبلة سيهتّم منظِّرو المواقف والنظم السياسية والعلاقات الدولية بتحليل ما يحصل على الساحة الإقلمية واللبنانية في ضوء التحولات التي تشهدها الساحة السياسية المحلية، الإقليمية والدولية، ووضع ذلك في إطار التحديات التي تواجه الأنظمة الشمولية في المنطقة وتداعيات نتائج الأحداث في سوريا ولبنان والعراق واليمن على مستقبل النظام السياسي المحلي في هذه الدول.

في هذه المرحلة الراهنة أصبحت الجيوسياسة محورية بسبب الصراع بين الدول الفاعلة على المسرحين الإقليمي والدولي، حيث من الملاحظ أنّ الأنظمة الدولية ( الولايات المتحدة الأميركية؛ روسيا؛ فرنسا؛ إسرائيل؛ تركيا) هي فعلياً دول لها مواقع في مجلس الأمن بسبب عضويتها الدائمة وبسبب قدرة بعضها على أن تكون دولة محورية وصاحبة قرار في رسم معالم خرائط سياسية جديدة، وهذا ما سيخلق حتمًا تحالفات وخصومات جغرافية وسياسية قد تكون عميقة.

هذه الدول المذكورة أعلاه لا تزال تشكل قوة مؤثرة بشكل كبير على المسرح السياسي الإقليمي، والجمهورية اللبنانية هي في مركز جغرافي تتداخل فيه العديد من العوامل السياسية – الأمنية – الإقتصادية – المالية – الإجتماعية – الديمغرافية، ما قد يؤثِّرْ على الكيان اللبناني. والهدف المنشود على ما يبدو هو إبقاء لبنان في حالة ركود تعمل تحت ستار ديمقراطية عفنة مزوّرة يقودها الفراغ ونظام سياسي ساقط  فاقد للصبغة الدستورية الشرعية، من ضمن نظام سياسي جاء ليجهز على الدولة اللبنانية بكل مكوناتها المدنية والعسكرية.

متغيٍّرات جيوسياسية  قد تؤثِّرْ على مجرى الأحداث في جمهوريتنا المعتلّة. وهذا الأمر يتزامن مع تعرّض شعبنا لأعتى المصائب، دون أن يتعظ، فيستمر في موالاة من هم السبب في أذيته والمهانة له ولكرامته ولوجوده. وفي كل مرة ومع كل حدث معيّن يُقتَل شعبنا بشعارات فارغة كالتي يتّمْ التسويق لها، مثل “ضرورة إجراء الإستحقاق الرئاسي في موعده”. والتعامل مع هذا الشعار من قِبل “المعارضة والشعب” معتلّ الفكر بينما يفترض أن نتعامل مع هذه الأحداث بالعقل والمنطق وليس بالعواطف والصفح.

التغيير وفق هذا الزلزال يستوجب التحرك السليم من الوضع الحالي الذي نعيشه إلى وضع مستقبلي أكثر كفاءة وجرأة وحرية وفاعلية، واستلهام مندرجات العلوم السياسية من خلال مجموعة من الإختصاصيين من كافة الإختصاصات، على أن يتميّز هذا التغيير بـ”نظام سياسي إنتقالي” ملتزم وحتمي، متطوّر متقدِّم، مستمرّ نحو الأفضل، شمولي الفكر، حر التفكير، غير متصف بالعمالة والندالة السياسية والفكرية.

المتغيّرات الحالية تستدعي تهديد مصالح كل الموجودين في النظام السياسي اللبناني وعلى “المعارضة” السعي لإزاحة هذه الطبقة السياسية من الحكم. إننا بحاجة لـ”معارضة لبنانية” لإجراء عملية التغيير عبر نظام سياسي إنتقالي لمؤسسات الجمهورية اللبنانية ليرتقي شعبنا إلى الأفضل، ومن نصر على الباطل إلى إعادة الجمهورية اللبنانية لمكانتها بين الأمم، كي ننقذ أنفسنا من هذا الزلزال وكي لا ترتّد أضراره علينا،  وللبحث صلة.

https://hura7.com/?p=39114

 

 

 

                                          

 

 

الأكثر قراءة