الحرة بيروت – بقلم: بشارة شربل
كنت أنوي كتابة هذه الافتتاحية مبدياً خشيتي من أن يكون بابا المُتعبين وتطهير المؤسسة الكنسية من الفساد غيمة عابرة في سماء الفاتيكان، أو عن جماعة “القطع مقابل النزع” وفشل هجمات “الحزب” المرتدّة وشخصية الشيخ نعيم، أو عن قرف الجدل الطائفي بين “أُمَّة البيارتة” وأحفاد مار مارون والبيزنطيين على قانون البلديات وصلاحيات محافظ بيروت.
لكنني وجدت أن العدد الثاني من “الحرة” يستحق معاودة التعريف بما نقوم به ونبغيه. ذلك أن العدد الأول التجريبي بالمقياس المهني كان محدود الانتشار بالتأكيد. غير أن المفاجأة أتت من تفاعل استثنائي عبّر عنه كثيرون، أصدقاء صحافيون وكتاب وأكاديميون وسياسيون مهتمون بالشأن العام – ترون أسماء بعضهم في هذا العدد – تجنّدوا معنا لخوض تجربة جريدة منحازة إلى مشروع الدولة السيّدة ومكافحة مافيا الفساد.
بتعبير آخر، جريدة تقاوم بالكلمة الحرة والجريئة وبالقوة نفسها أي سلاح غير شرعي، وأي إفلات من المحاسبة والعقاب. وفي الشقّ الثاني أعني مباشرة عنوانَين مُلحَّين: جرائم التفجير والاغتيالات العالقة في القضاء، ومافيا المصارف التي اغتالت ودائع الناس بعدما تربّعت على عرش فساد منظومة تعاود إنتاج نفسها من خلال تزوير الإصلاحات ومكارثية إعلام موبوء يستتبع النفوس الوضيعة بالمال متّكئاً على غنَم الطوائف من كل الأنواع.
الجريدة الأسبوعية التي بين أيديكم منصة مفتوحة لتنوّع الآراء ذات المستوى. لم تنتج عن رغبة متموّل أو طرف سياسي في استخدام أداة إعلامية، ولا من حاجة صحافيين إلى عمل أو معاشات. فهي لا تملك حساباً في بنك وليس عليها حساب تقدّمه لأي كان. قُدّمت لها مساحة مفتوحة، وشعَرت نخبة من أهل الرأي بأنها حاجة ولها مكان، خصوصاً بعد استباحة سقط المتاع للفضاء العام ووصولنا إلى واقع إعلامي مُزرٍ تتنازعه أيديولوجيات حزبية دينية رجعية روّجت لحروب قاتلة مدمِّرة مقومات الدولة، أو سرديات سيادية تدعي الليبرالية لكنها تستقتل لمصلحة أوليغارشية كلبتوقراطية وتغذّي عصبيات متضادة تناقض جوهر لبنان وحاجتنا إلى دولة عادية همّها العيش بسلام والتنمية والانسجام مع دول تشاركها هذا الاتجاه. دولة تحترم التعدد والجماعات لكن أولويتها المواطنون الأفراد.
هذه الجريدة واضحة الهوية، تعارض التسويات حين تأتي على حساب الدولة والناس، ولا تقبل برمادية المواقف وسلبية الانتظار. فهي تؤمن بأن المجتمع يجب أن يتسلح بصوت الحق المرتفع ويخرج من قوقعة المهادنة وورش العمل والبيانات…
واضح أن معركة الميليشيا والمال مفتوحة في كل اتجاه، لذا كُتبَ على المتضررين القتال.
رابط المقال: https://hura7.com/?p=50474
رابط العدد: https://hura7.com/?p=50468