الثلاثاء, أبريل 29, 2025
21.2 C
Berlin

الأكثر قراءة

Most Popular

إصدارات أسبوعية

بول السخن ـ من المسؤول عن الأزمة المالية في لبنان؟

الحرة بيروت ـ بقلم: المحامي بول أنطون السخن

من المعلوم أن لبنان هو أولاً بلد خدمات ومن أهمها السياحة والمصارف، ونتيجة عدم وعي المسؤولين المصرفيين في مصرف لبنان والمصارف التجارية، الذين تجاوزوا أبسط القواعد المصرفية التي تلزمهم عدم إقراض أي مدين متعثر وغير جدي، في إدارة شؤونه المالية – الدولة اللبنانية – وقعنا في الأزمة .

نعم، كان المجلس النيابي يصوّت سنة بعد سنة على ميزانيات تتضمن عجزاً، من دون قطع حساب، ويراكم الديون التي يتم تغطيتها بالاستدانة من السوق المحلية، ولاحقاً من الأسواق العالمية.

وجاء العقل العبقري اللبناني في عام 1994 وأقنع المجلس النيابي بالإستقراض بالدولار الأميركي، لأن معدل الفائدة أقل من معدل الفائدة على الاستدانة بالليرة اللبنانية، فكان هذا القرار مصدر الأزمة.

ومن أجل تأمين الاستمرار بهذا النموذج قام مصرف لبنان، اعتباراً من 2015، بابتداع “الهندسات المالية” لقاء فوائد عالية منحها للمصارف اللبنانية لاستقطاب العملة الصعبة من السوق المحلية ومن الخارج لتلبية حاجات الدولة، في حين أن قانون النقد والتسليف يضع القيود على مصرف لبنان في موضوع إقراض الدولة ويمنعه من القيام بذلك إلا لمدة محدودة وفي حالات جد استثنائية ينص عليها قانون النقد والتسليف.

وقعت أزمة السيولة الفعلية عام 2019 بعد أن قام أغلب المصرفيين والسياسيين والمقربين منهم والمحظيين بتحويل أرباحهم وحساباتهم الى الخارج، فأصبحت المصارف عملياً بوضع “إفلاس غير معلن” ولا تستطيع رد إيداعات المودعين بعملة الإيداع، وأغلبها بالدولار الأميركي.

ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى وجود مسؤولين سياسيين في لبنان غير متمرسين بالشؤون المالية وفي أغلب الأحيان غير مدركين لنتائج قراراتهم المالية على الاقتصاد والعباد. بالإضافة إلى الفساد وهدر المال العام في مشاريع الدولة لا سيما في قطاع الكهرباء، في غياب رقابة جدية على الإنفاق العام في الوزارات وفي المشاريع.

ومن أهم مظاهر انحلال الدولة أن المجلس النيابي يصدر قوانين لا يتم تطبيقها أو الالتزام بها من قبل المسؤولين في السلطة التنفيذية مما يجعل لبنان يبتعد عن المفهوم القانوني لدولة القانون والمؤسسات.

نذكر مثالاً على ذلك القانون الذي يمنع التوظيف في القطاع العام إذ تبيّن أن عدد الموظفين الذين استخدموا بعد صدور هذا القانون هو بالآلاف.

كما قام مجلس النواب، قبل الانتخابات النيابية عام 2018، بإقرار تعديل لسلسلة الرتب والرواتب في القطاع العام بالرغم من الدين العام المتعاظم ومن تحذيرات الكثيرين، إلا أن النواب لم يأبهوا لها وصوّتوا عليها من دون أي دراسة علمية عن كلفتها الحقيقية ومن دون ذكر مصدر تمويلها في ظل عجز الميزانية العامة، إذ كان همهم الأول على ما يبدو “إرضاء” ناخبيهم قبل الانتخابات.

وأخيراً نشير إلى قانون “الدولار الطالبي” الذي أقره مجلس النواب في حين أن غالبية المصارف لا تطبقه وليس لديها الأموال بالعملة الصعبة لتطبيقه والذي يفرّق بين الطلاب من حيث تاريخ سفرهم للدراسة في الخارج  ويتضمن أحكاماً مجحفة في حق بعض المودعين.

إن هذه التصرفات وغيرها من الأعمال غير القانونية أدّت لإلى زيادة كبيرة في حجم دين الدولة اللبنانية.

فهل يعقل أن نكون قد وصلنا إلى هذا الوضع المالي الكارثي في لبنان من دون أن يكون أحد مسؤولاً؟ إذ لم نرَ حتى تاريخه أي استقالة لأي مسؤول عن تدهور الحالة الاقتصادية والمالية.

إن المصير الأكيد للإنسان، أي إنسان، هو رحيله عن هذه الدنيا بعكس الدول التي تبقى مبدئياً مستمرة. لكن التاريخ لن يرحم المسؤولين الذين بخفتهم وقلة تبصرهم دمّروا اقتصاد لبنان وأفقروا وجوّعوا شعبه في عصرنا الحاضر.

https://hura7.com/?p=47223

الأكثر قراءة